قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها إن التقرير الصادر الإثنين الماضي عن لجنة
الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في حرب
غزة 2014، يحتوي على فقرة بارزة، وهي التي جاء فيها: "إن الأطفال
الفلسطينيين والإسرائيليين تأثروا بشكل شديد بالأحداث، وإن الأطفال من كلا الجانبين عانوا من التبول اللإرادي، والارتجاف في الليل، والتعلق بالأبوين، والكوابيس وازدياد مستوى العدوانية".
وتشير الافتتاحية إلى أن تلك الكلمات تذكر بأنه وبعد التبريرات كلها، والتلميع الذي يمكن أن يساق بعد نشر تقرير كهذا، يبقى لب الموضوع هو التكلفة البشرية، التي عادة ما يدفعها أضعف الناس.
وتعلق الصحيفة بالقول: "لم تضع
إسرائيل وقتا قبل أن يصدر عنها شجب للتقرير، بحجة أن التقرير مسيس من البداية. ولكن هذا الحكم المتسرع خاطئ، فابتداء، يتضح من الفقرة الواردة أعلاه أن لجنة التحقيق عملت جاهدة على أن تكون عادلة، فهي تلوم الطرفين جيش الاحتلال الإسرائيلي والمنظمات الفلسطينية المسلحة، وبينها حركة
حماس، بسبب (الانتهاكات الخطيرة) للقانون الدولي، التي قد ترقى إلى (جرائم حرب). ولم يكن هناك توازن في الضحايا من الجانبين، ففي الوقت الذي قتل فيه 2200 فلسطينيا قتل 73 إسرائيليا، ولكن التقرير الأممي يحاول فهم الرواية الإسرائيلية والفلسطينية من وراء تلك الأعداد. ويتحدث التقرير مثلا عن (المحنة الهائلة) التي يعاني منها الإسرائيليون الذين يواجهون الصواريخ المطلقة من غزة".
وتضيف الافتتاحية أن "التحقيق وإن بدأه مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، الذي هو محل تهمة (بالنسبة لإسرائيل)، إلا أنه قد تم إكماله من محققة مستقلة جدا، وهي القاضية ماري ماكغوان ديفز. وربما كانت إسرائيل محقة في دعوتها إلى استقالة رئيس اللجنة السابق ويليام شاباس، الذي أصبحت استقلاليته محلا للشك، عندما تبين أنه عمل مستشارا للسلطة الفلسطينية في الماضي. ولم يبق لإسرائيل عذر في عدم التعاون مع اللجنة بعد ذهابه، وقد تندم إسرائيل على هذا القرار عندما تدرك أنها قد تكون تسببت بالأذى لمصالحها بعدم التعاون مع اللجنة وسرد الجانب الإسرائيلي للقصة".
وتجد الصحيفة أن "هذا لا يعني أن هناك الكثير الذي كان يمكن فعله لتجنب الإدانة التي توصل إليها التقرير. وقد وصف التقرير كيف قامت الطائرات الإسرائيلية بأكثر من ستة آلاف غارة جوية، (كثير منها أصاب البنايات السكنية). ولم يقتنع المحققون بالتبرير الإسرائيلي بأن الجيش كان يحذر من تلك الغارات عن طريق الهواتف الخلوية أو الرسائل النصية؛ لأن تلك التحذيرات كانت تصل إلى الناس متأخرة فلا يستطيعون الهروب، وليس عندهم مكان يهربون إليه".
وتستدرك الافتتاحية، التي ترجمتها "
عربي21"، بأنه "مع ذلك، فقد كانت إسرائيل تعد كل من بقي في المنطقة المستهدفة مقاتلا، واستمرت في استخدام تلك التكتيكات، بالرغم من ازدياد عدد الضحايا المدنيين. وهذه الحقيقة تشير إلى سياسة موافق عليها ضمنيا على الأقل من أعلى مستويات الحكومة".
وتلفت الصحيفة إلى أن الجانب الفلسطيني قد انتقد بشدة الاحتلال الإسرائيلي بسبب الاستهداف الذي لا يميز بين المدنيين. وأن معظم الصواريخ الـ 4881، التي أطلقتها حركة حماس والمنظمات المرتبطة بها على المناطق الإسرائيلية المدنية افتقرت إلى أدنى مستوى درجة من الدقة. كما يشير التقرير إلى 21 حالة من الإعدام خارج نطاق القضاء لفلسطينيين متهمين بالتعامل مع الاحتلال.
وتذكر الافتتاحية أن فريق الأمم المتحدة استنتج بأن الجانبين فشلا في إبداء أدنى مسؤولية. ويقول التقرير إن "الإفلات من العقاب" سائد في القوات الإسرائيلية تجاه من يرتكبون المخالفات. وأحد العلاجات المقترحة هو محكمة الجنايات الدولية، وهو ما ترفضه إسرائيل دائما.
وتجد الصحيفة أنه إذا كانت إسرائيل تسعى للإبقاء على موقفها هذا، فينبغي عليها التعامل مع تهم جرائم الحرب من خلال نظامها القضائي.
وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالإشارة إلى أن الجانبين حاولا الادعاء بالتميز الأخلاقي، في الوقت الذي يخوضان فيه صراعا لا نهاية له. وترى أنه إن كان الطرفين يعتقدان بصحة ادعائهما؛ فإن عليهما تقديم مرتكبي الجرائم إلى المحاكمة.