يعترف المدير السابق للمخابرات
الإسرائيلية (الموساد) إفريام
هاليفي، بأن حوارا بين إسرائيل وعدوتها اللدودة حركة
حماس قد يقود إلى اعتراف بوجود متبادل.
وفي مقابلة أجراها مراسل صحيفة "إندبندنت" البريطانية بن لينفيلد، دعا رئيس الموساد السابق إلى "حوار مباشر" بين بلده وحركة حماس؛ من أجل تشجيعها على تبني موقف أقل عدائية وأكثر براغماتية تجاه الدولة اليهودية.
ويقول هاليفي إنه يفضل التوصل إلى اتفاق إطلاق النار طويل الأمد مع حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي تدير قطاع
غزة، والتي شنت عليها إسرائيل الصيف الماضي حربا استمرت 50 يوما. وخلفت الحرب وراءها أكثر من 2100 قتيل من سكان غزة، معظمهم من المدنيين، بحسب الأمم المتحدة، وتسببت بمقتل 72 إسرائيليا، بينهم 66 جنديا.
ويضيف هاليفي أن الحوار الإسرائيلي و"ليس المواجهة والسلاح" قد يؤدي إلى خلق منافع وحوافز لحركة حماس، ما يعني كما يقول: "إنه يمكن البدء في المسار الطويل، الذي يقود في النهاية إلى نوع من الوجود المتبادل".
وتبين الصحيفة أن تصريحات هاليفي تأتي وسط تحول تجاه حركة حماس بين المسؤولين البارزين، وذلك في ضوء صعود
تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا، وصعود شعبية التنظيم في أنحاء مختلفة من الشرق الأوسط.
ويشير التقرير إلى أن السلفيين الجهاديين في غزة قد أعلنوا دعمهم لتنظيم الدولة، وأعلنت مجموعة سلفية في القطاع مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل في الأسابيع الماضية، في خرق واضح لاتفاقية وقف إطلاق النار، التي وقعت الصيف الماضي.
وتذكر الصحيفة أن رد إسرائيل كان لينا، حيث ضربت الطائرات الإسرائيلية مبنى فارغا، وأثنى مسؤولون إسرائيليون بارزون على تعامل حركة حماس مع السلفيين وملاحقتها لهم. وفي الأسبوع الماضي قتلت قوات الأمن التابعة لحركة حماس قائدا سلفيا أثناء محاولتها إلقاء القبض عليه، وقيل إن الشاب تعهد بالولاء لتنظيم الدولة.
ويلفت التقرير إلى أن إسرائيل قد زعمت في العام الماضي أنها شنت الحرب على حركة حماس لوقف إطلاق الصواريخ، التي أجبرت سكان جنوب إسرائيل على الفرار إلى الملاجئ. لكن هاليفي، الذي عمل مديرا للمخابرات لمدة أربعة أعوام حتى 2002، ومستشارا لرئيس الوزراء الإسرائيلي السابق آرييل شارون، يرى أن حركة حماس، التي تريد إقامة دولة إسلامية في فلسطين كلها، مهتمة بتحسين ظروف المعيشة للفلسطينيين الذين يعيشون في غزة، والذين تفرض عليهم إسرائيل ومصر حصارا كاملا.
وتنقل الصحيفة عن هاليفي قوله: "أعتقد أن حركة حماس تريد تأمين منافع كبيرة من ناحية تحسين مستوى الحياة في غزة، وترغب بمستوى من الاعتراف بها، ليس بكونها دولة، ولكن بأن تكون لاعبا معترفا به". وأضاف أنه "ومن الواضح أنها (المحادثات) ستكون شارعا مكونا من ممرين. فحركة حماس ستسير في طريق مختلف، غير الذي تسير فيه الآن، ولكننا لم نمنحها أي خيار، إلا المواجهة".
ويتابع هاليفي بأنه "ينبغي على الإنسان البحث في طرق ووسائل لجس نبض كلا الجانبين. وهناك احتمال لميل حركة حماس إلى اتخاذ مواقف أكثر عملية". مستدركا بأن تطورا كهذا "سيكون بناء على قاعدة تدريجية وليس دراماتيكية".
وعلى خلاف اللهجة التصالحية التي يتحدث بها هاليفي، ينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن مسؤول إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن اسمه، قوله إن حركة حماس لم تتغير "ولم يكن هناك أي تغير في مواقفها كونها منظمة إرهابية"، وأضاف: "هم يحاولون إعادة بناء قدراتهم العسكرية في غزة من ناحية الصواريخ والأنفاق".
ويستدرك الكاتب بأن المسؤول لا ينفي التقارير الإعلامية، التي تقول إن إسرائيل تعاملت مع حركة حماس مباشرة، من خلال وسيط قطري، وناقشت معها إمكانية تحقيق هدنة طويلة الأمد. فمن جانبها، فإن حركة حماس تريد أن ترفع الحصار المفروض على غزة، ويقول المسؤول الإسرائيلي: "لا توجد مفاوضات مباشرة مع حركة حماس، ولا محادثات مباشرة معها".
وتوضح الصحيفة أن هاليفي ليس وحده الذي يدعو إلى الحوار مع حركة حماس، فهناك الرئيس الإسرائيلي روفين ريفلين، الذي دعا قبل فترة إلى التحاور مع الجماعة الإسلامية. وقال الشهر الماضي: "لست معارضا للحوار مع أي شخص يريد الحوار".
وينوه التقرير إلى أن قائد القيادة الجنوبية الجنرال سامي ترجمان قال في مقابلة مع راديو إسرائيلي، معلقا على إطلاق السلفيين الصواريخ من غزة: "لا يمكن المضي قدما إلى حرب في غزة، من أجل مجموعة من الصواريخ"، وأثنى على حركة حماس، وطريقتها في التعامل مع السلفيين.
ويفيد لينفيلد بأنه في تصريحات أخرى للجنرال ترجمان، التي يرى فيها محللون قبولا من المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وإن على مضض، بأن حركة حماس هي الخيار الأفضل للحفاظ على استقرار غزة، حيث قال ترجمان في محاضرة له الشهر الماضي: "السيادة في غزة اليوم هي لحركة حماس، ولا بديل عنها في السنوات المقبلة لسيطرتها على الحكومة".
وتورد الصحيفة قول نائب مدير الأمن القومي الإسرائيلي السابق العقيد احتياط شاؤول شاي: "إن من مصلحة إسرائيل بالتأكيد نجاح حركة حماس ضد السلفيين الذين يتنبون في أفعالهم الجهاد، ولا يهتمون بالثمن الذين سيدفعه الغزيون بسبب أفعالهم ضد إسرائيل. وعندما أنظر إلى التهديدات النسبية، فإن ذلك لا يعني أن حركة حماس أصبحت من محبي بني صهيون، ولكنها بالمقارنة مع السلفيين، تشعر بحس المسؤولية تجاه سكان غزة".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول شاي إن الاتفاق على وقف إطلاق نار دائم أمر يريده الإسرائيليون وسكان غزة، ويمكن تحقيقه؛ "لأن التهدئة من مصلحة الطرفين".