ذكرت مجلة "فورين بوليسي" أن الولايات المتحدة والأمم المتحدة تعملان وباجتهاد لا مثيل له على حماية
إسرائيل.
ويشير الكاتب كولام لينتش في تقرير أعده للمجلة، إلى أن المظهر الذي يشير إلى علاقة متوترة بين إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يعبر عن حقيقة العلاقة بين البلدين.
ويلفت التقرير، الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إلى طلب سفيرة الولايات المتحدة في
الأمم المتحدة سامنثا باور من الأمين العام بان كي مون، شطب إسرائيل من قائمة تضم الدول المنبوذة وحركات المتمردين والمنظمات الإرهابية المتهمة بانتهاك حقوق الأطفال أثناء الحروب.
وقد استقى لينتش معلوماته من مسؤولين يعرفون النقاشات السرية بين مبعوثة الولايات المتحدة والأمين العام.
ويرى لينتش أن قدرة باور على الوصول والتأثير على الأمين العام ما هي إلا محاولة لحماية حليف مهم للولايات المتحدة، من الظهور في قائمة العار المخصصة للدول المنبوذة مثل سوريا والسودان، وكذلك الجماعات الإرهابية مثل بوكو حرام وتنظيم الدولة وحركة طالبان.
وتستدرك المجلة بأن المحاولة تضع إدارة أوباما، التي تدعو إلى حقوق الإنسان، على طرفي النقيض مع منظمات حقوق الإنسان الأمريكية، مثل "هيومان رايتس ووتش"، التي تطالب بشمل إسرائيل وحركة
حماس في القائمة؛ بسبب انتهاكاتهما في حرب الصيف الماضي. وأدت الحرب، التي استمرت ستة أسابيع، إلى قتل طفل إسرائيلي و500 طفل فلسطيني.
ويجد التقرير أن الجهد الأمريكي يؤكد المدى الذي يمكن أن تذهب إليه الولايات المتحدة لحماية إسرائيل في الأمم المتحدة، على الرغم من الخلاف العلني بين أوباما ونتنياهو.
ويذكر الكاتب أنه قبل شهرين حذر البيت الأبيض من عواقب تعهد نتيناهو قبل الانتخابات بعدم دعمه لحل الدولتين، وأن لا دولة فلسطينية ستظهر طالما كان في الحكم. وهاجم أوباما ومساعدوه ما فسروه بأنه تعليقات معادية للعرب في يوم الانتخابات الإسرائيلية. ورغم تراجع نتنياهو عن تصريحاته، إلا أن أوباما أكد أنه سيقوم بإعادة النظر في موقفه الدبلوماسي تجاه إسرائيل.
وتورد المجلة أن الولايات المتحدة أظهرت في الأسابيع القليلة الماضية لينا في موقفها تجاه إسرائيل في الأمم المتحدة. وقبل أسبوعين شكر نتنياهو وزير الخارجية الأمريكي جون كيري على تعليقاته حول محاولات مطالب مصر الضغط على إسرائيل كي تفكك برامجها النووية غير المعلن عنها. كما دفعت الولايات المتحدة، ولأكثر من مرة، باتجاه تأجيل أي تحرك يقوم به مجلس الأمن للضغط على إسرائيل كي تقبل بحل الدولتين.
وينوه التقرير إلى أن إظهار أوباما الدعم لإسرائيل في الأمم المتحدة مرتبط بمحاولات الإدارة تجنب المواجهة مع الكونغرس قبل أن تتوصل إلى اتفاق نهائي مع إيران حول ملف الأخيرة النووي.
وينقل لينتش عن مسؤول في الأمم المتحدة قوله إن حماية إدارة أوباما لإسرائيل ربما ارتبطت بشعور واشنطن بأنها ذهبت بعيدا في تضخيم الخلافات الدبلوماسية بين الحكومتين. وتبدو في الوقت ذاته محاولة منها للتخفيف قدر الإمكان من مواقف من يكرهون المفاوضات مع إيران، وإظهار أن الولايات المتحدة "ليست معادية لإسرائيل"، بحسب المسؤول ذاته.
ويرى إيلان غولدبيرغ، الذي عمل سابقا مع فريق أوباما المكلف بالشرق الأوسط، أن جهود الإدارة لحماية إسرائيل تهدف إلى الحصول على دعم الكابيتال هيل، وهو "الجمهور المستهدف هو الكونغرس". ويضيف للمجلة: "لن تقوم إدارة أوباما بعمل شيء يغضب أعضاء الكونغرس قبل التصويت على ملف إيران".
وتنقل المجلة عن غولدبيرغ قوله إن هناك حدودا للمدى الذي تذهب فيه الولايات المتحدة لدعم إسرائيل، حتى عندما كانت العلاقات الشخصية بين أوباما ونتنياهو في أدنى درجاتها. ويضيف أن الولايات المتحدة "لن تتردد أبدا في تقديم الدعم لإسرائيل عندما يتم شجبها لأسباب سياسية محضة"، في الوقت الذي يتم فيه ترك منتهكي حقوق الإنسان الفظيعين خارج المصيدة.
وبحسب التقرير، فقد أشار غولدبيرغ إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي يتم فيه توجيه انتقادات دائمة لإسرائيل، مع أن هناك دولا أخرى لها سجل صارخ لحقوق الإنسان، مثل الصين والسعودية اللتين لا توجه لهما انتقادات. ولكنه قال إن الولايات المتحدة مستعدة أحيانا للسماح بنوع من الضغط الذي يمارسه مجلس الأمن على إسرائيل، من أجل استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين، أو وقف بناء المستوطنات في الصفة الغربية.
ويقول الكاتب إن محاولة انتقاد إسرائيل الأخيرة تعود بجذورها إلى عام 2001، عندما أقر مجلس الأمن قرار 1379، الذي طلب من الأمين العام للأمم المتحدة إصدار تقرير سنوي يفصل فيه الانتهاكات ضد الأطفال، الذين وجدوا أنفسهم وسط النزاعات والحروب.
وتبين المجلة أن المفوضة الخاصة للأمين العام بشأن الأطفال والنزاعات المسلحة ليلى زروقي هي التي كتبت المسودة الأخيرة من التقرير، ويضم التقرير قائمة مرفقة للدول والجماعات المسلحة غير الدولية، التي قامت بتجنيد وقتل وتشويه وانتهاك حقوق الأطفال، أو قامت بهجمات على المدارس أو المستشفيات.
ويستدرك التقرير بأنه رغم أن إسرائيل وحركة حماس دائما عرضة للمراقبة والتدقيق، إلا أنهما لم يذكرا في ملحق التقرير في السنوات الماضية. وفي العام الماضي شمل الملحق 59 جماعة، وثمانية قوى حكومية، وهي الشرطة الأفغانية والقوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية ومانيمار والصومال وجنوب السودان والسودان وسوريا واليمن.
ويذكر لينتش أن زروقي، وهي محامية جزائرية، قد استخدمت بيانا في الخريف الماضي لانتقاد إسرائيل وتدخلها في
غزة الصيف الماضي، حيث قالت إن حوالي 500 طفل فلسطيني قتلوا في الحرب، وإن أكثر من 3100 طفل جرحوا أو شوهوا، وأضافت أنها "تشعر بالأسى لمقتل طفل إسرائيلي، وجرح ستة جنود نتيجة لقصف عشوائي لصاروخ أطلقته حركة حماس".
وتوضح المجلة أنه في الشهر الماضي ضمت زروقي كلا من حركة حماس وإسرائيل في مسودتها الأولى من التقرير، وذلك بحسب مسؤولين. واستندت زروقي في قرارها إلى نتائج جماعة رقابة تابعة للأمم المتحدة، التي ضمت ممثلين لوكالات الأمم المتحدة، واعتمدت على معلومات جمعتها من منظمات غير حكومية.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، بأن لجنة مهام خاصة في مقر الأمم داخل الأمم المتحدة، وتضم ممثلين عن منظمة الطفولة العالمية ومنظمات أخرى، دعمت توصيات زروقي لشمل حركة حماس وإسرائيل في التقرير.
وبلفت الكاتب إلى أن القرار قد أدى إلى معارضة شديدة من المسؤولين الأمريكيين والمسؤولين الإسرائيليين، بحسب مصادر دبلوماسية في نيويورك. وبدأ الجدال في آذار/ مارس، عندما نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا قالت فيه إن إسرائيل تمارس ضغوطا على المنظمات التابعة للأمم المتحدة في القدس، وتدعوها إلى عدم التوصية بشمل جيش الاحتلال الإسرائيلي في التقرير.
وأكد مسؤول أممي لمجلة "فورين بوليسي" أن مسؤولة طاقم بان كي مون، سوزان مالكورا أخبرت لاحقا الدبلوماسيين الإسرائيليين في نيويورك أن الأمم المتحدة قلقة من الضغط غير اللازم الذي تمارسه إسرائيل على موظفيها المدنيين، ويقول المسؤول: "تمارس إسرائيل ضغطا على المستويات كافة؛ من أجل التأكد من عدم ورود اسمها في التقرير".
وتختم "فورين بوليسي" تقريرها بالإشارة إلى أنه بحسب مسؤولين في الأمم المتحدة، فإنه من المتوقع أن ينشر التقرير النهائي في 18 حزيران/ يونيو، ولكن الأمين العام للمنظمة الدولية سيقرر إن كان سيتم ذكر اسم إسرائيل في التقرير أم لا. وبحسب مسؤول داخل المنظمة فإنه "لم يقرر الأمين العام حقيقة ماذا سيفعل"، مضيفا أنه "في الحقيقة موضوع حساس".