نشرت صحيفة "إلمانيفستو" الإيطالية، تقريرا انتقدت فيه تعامل السلطات
المصرية مع قضية مقتل الطالب الإيطالي
جوليو ريجيني، وقالت إن آخر حلقة في مسلسل الروايات غير المقنعة، كان بطلها رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي، الذي ادعى أن
تنظيم الدولة هو من قتل ريجيني.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن مقتل جوليو ريجيني لم يكن إذن سببه حادث مروري، كما ادعت السلطات المصرية في البداية، ولم يكن بسبب تورطه في علاقة جنسية منحرفة، ولم يكن تصفية حسابات مع مروج مخدرات، ولا بسبب الاشتباه بأنه جاسوس، ولا مؤامرة يقف وراءها الإخوان المسلمون.
وأضافت ساخرة أن "الحقيقة" هذه المرة جاءت على لسان الجنرال عبد الفتاح السيسي شخصيا، حيث إن آخر الفرضيات التي التجأ إليها النظام المصري، تفيد بأن جوليو ريجيني قتل على يد تنظيم الدولة، في محاولة واضحة من السيسي لذر الرماد في العيون، والهروب من ضغوطات
إيطاليا والاتحاد الأوروبي.
وذكرت الصحيفة أن مصدرا رفيع المستوى في الرئاسة المصرية، صرح الجمعة لوسائل الإعلام الإيطالية بالقول، إن "تنظيم الدولة مثلما قام بإسقاط الطائرة الروسية في سيناء؛ فقد قام أيضا بقتل الطالب الإيطالي، من أجل تشويه صورة مصر في الخارج، والإساءة لعلاقاتها الدبلوماسية".
وأشارت إلى أن هذه التصريحات تأتي كمحاولة لتوضيح تصريح سابق لعبد الفتاح السيسي، أدلى به في 20 شباط/ فبراير الماضي، قال فيه: "إن من أسقط الطائرة الروسية يريد إفساد علاقة مصر بروسيا وإيطاليا".
واعتبرت الصحيفة أن التعامل المصري مع هذه القضية "غابت عنه الجدية والشفافية، حيث إن التحقيق الذي فتحه المدعي العام في الجيزة ظل سريا، ولم يتم إطلاع المحققين الإيطاليين عليه، رغم أنهم جاءوا من روما إلى القاهرة للمشاركة في التحقيقات، وهو ما أثار استياء كبير المحققين الإيطاليين سيرجيو كاليوكو".
وقالت إن "رواية عبد الفتاح السيسي" وصلت بشكل رسمي عن طريق وزارة الخارجية المصرية إلى السفارة الإيطالية في مصر مساء الخميس، وكانت مرفقة ببعض الوثائق التي ظلت إيطاليا تطالب بالاطلاع عليها منذ شهر كامل.
وأشارت إلى أن الوثائق المرسلة من الجانب المصري؛ تضمنت جانبا من محاضر استجواب الشهود، وكشفا لشركة الاتصالات حول هاتف الضحية، وملخصا مقتضبا حول ما خلص إليه الطبيب الشرعي إثر عملية التشريح في الرابع من شباط/ فبراير الماضي.
وأكدت الصحيفة أن غياب الجدية من الجانب المصري في التعامل مع القضية كان واضحا، حيث إن هذه الوثائق تم إرسالها في نسخ ورقية عادية، وباللغة العربية، كما أنها لم تكن مرفقة بأي مقاطع فيديو، أو تسجيلات صوتية، أو صور من الهاتف أو كاميرات المراقبة، وحتى إن تقرير الطب الشرعي كان منقوصا، وصور الجثة لم تكن واضحة ومكتملة، وهو ما أثار استياء المحققين الإيطاليين الذين أكدوا فور تسلم هذه الوثائق أنها لا تصلح لشيء.
ولاحظت الصحيفة أن التعامل بين الجانبين المصري والإيطالي؛ ظل مقتصرا على الحكومات، دون السماح بأي اتصالات بين محققي البلدين، ولكن رغم ذلك فإن وزارة الخارجية الإيطالية فضلت عدم انتقاد الجانب المصري، وشجعته على إبداء المزيد من التعاون، عبر وصف هذه الخطوة بأنها "خطوة أولى مفيدة، رغم أن الوثائق المرسلة كانت منقوصة، وإنه يجب مواصلة التعاون بين الجانبين لكشف الحقيقة".
وأشارت الصحيفة إلى أن تناقضات الرواية المصرية التي تظهر من تصريحات مدير قسم الطب الشرعي في القاهرة، هشام عبد الحميد، الذي قال إنه كان أول من أجرى التشريح لجثة ريجيني، "ولكن رغم ذلك فإن المدعي العام في الجيزة لم يستدعه، ولم يستمع لأقواله في هذه القضية، وهذا تناقض واضح مع ما صرح به وزير العدل المصري قبل يوم واحد".
وفي الختام؛ فقد ذكرت الصحيفة أن وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتلوني، بات في موقف محرج، بين ضغط الإعلام والرأي العام الإيطالي، وبين تقاعس السلطات المصرية، وعدم جدية الروايات التي تقدمها، مشيرة إلى أن الرئيس صرح الاثنين الماضي بأنه "واثق من تعاون الأصدقاء في مصر على حل هذه القضية"، ثم عاد الخميس ليصرح أمام وسائل الإعلام بأنه "يأمل في أن تبدي السلطات المصرية مزيدا من التعاون، لأن ما أنجز لحد الآن غير كاف".