نشرت مجلة "سلايت" الفرنسية، تقريرا بينت فيه أهمية اطلاع الصحفيين على منشورات
تنظيم الدولة من أجل معرفة مستجدات هذا التنظيم، وفهم أيديولوجيته، محذرة في الوقت ذاته من وقوع هؤلاء الصحفيين في فخ الترويج للتنظيم، والتعريف بهذه المنصات الإعلامية التي يعتمدها في دعايته.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن النشرات الدعائية التي يصدرها تنظيم الدولة، المليئة بالصور المرعبة، والتي توثق لجرائمه الدموية وتنشر دعايته الإرهابية؛ تمثل في الوقت نفسه نافذة لإلقاء نظرة داخل التنظيم، والاطلاع على أيديولوجيته.
وأضافت أن فينسنت فيلتيس، المستشار في مكتب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، قال مؤخرا: "جاء اليوم الذي أصبحت فيه
مجلة دابق جزءا من معرض الصحف الذي نقوم به كل صباح في الإذاعة الفرنسية".
وأشارت المجلة إلى أن وسائل الإعلام الفرنسية أصبحت تهتم بشكل لافت بمجلة دابق التي تصدر باللغة الإنجليزية، ومجلة دار الإسلام الصادرة باللغة الفرنسية، حتى إن البعض أصبح يعتمد عليها للقيام بالتحاليل السياسية المعمقة.
وحذرت "سلايت" من الوقوع في "فخ التطبيع" مع هذه الوسائل الدعائية لتنظيم الدولة، ومساعدته بشكل غير مباشر في استقطاب المقاتلين ونشر أفكاره في الدول الغربية، حتى لو كان الهدف الأساس هو فضح التنظيم ومهاجمته.
ونقلت المجلة عن "كريستوف دانسيت"، الصحفي في قناة "فرانس24" الفرنسية، قوله إن "العاملين في القطاع الإعلامي بإمكانهم الاطلاع على منشورات تنظيم الدولة بشكل شخصي، من أجل استسقاء بعض المعلومات حول مقتل قياداته مثلا، ولكن يجب عدم عرض هذه النشرات في وسائل الإعلام".
وأضاف دانسيت أن "تنظيم الدولة يهدف من خلال وسائله الإعلامية إلى أن يظهر كدولة حقيقية، ذات شرعية وسياسة واضحة، وجهاز إعلامي، وإذا بدأت الصحافة العالمية بالاستشهاد بصحفه بشكل اعتيادي كما لو كانت وكالة أنبائه الرسمية؛ فإن ذلك يعني أن هذا التنظيم بصدد تحقيق أهدافه".
وذكرت المجلة أن قلة المعلومات والمراسلين الميدانيين في سوريا والعراق وليبيا؛ تجبر بعض القنوات الغربية على البحث في مواقع تنظيم الدولة، والاستعانة بمقاطع الفيديو التي يصورها مقاتلو التنظيم وينشرونها على الإنترنت، رغم أن ذلك يجعلهم يواجهون خطر انتهاك معاهدة جنيف والوقوع تحت طائلة القانون.
وأشارت المجلة إلى أن دافيد تومسون، المحلل السياسي الفرنسي المختص في الحركات المتشددة، قرر الانغماس في منشورات ومواقع تنظيم الدولة للحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات، رغم أنه يعرف أن هذا الأمر خطير، ويمكن أن يثير حساسية بعض وسائل الإعلام التي تعتمد عليه.
ونقلت المجلة عن تومسون، قوله إن "الاعتماد على وسائل التنظيم يثير المخاوف بشأن إيصال دعايته للناس، ولكن هذه المنشورات على غرار مجلة دابق، تمثل بالفعل منجما ثمينا للمعلومات، إذ إن كل ما ينشر في هذه المجلة يقع التصديق عليه من قبل أكبر قيادات التنظيم، وقد شهد الرأي العام في السابق تأكيد عدة معلومات من خلال هذه المجلة، على غرار استعباد النساء، ومقتل بعض أبرز قيادييه كالجهادي جون، والكشف عن القنبلة يدوية الصنع التي استعملت في تفجير الطائرة الروسية فوق سيناء".
وأضاف تومسون: "في هذا التنظيم الذي يعامل مسؤولوه الإعلاميين بنفس القدر من الاهتمام والاحترام، مثل أمرائه وقياداته العسكرية؛ فإن الاطلاع على مجلتي دابق ودار الإسلام يمثل أمرا حيويا من أجل فهم هذا التنظيم، ومراقبة التطورات التي تطرأ على أيديولوجيته مع مرور الوقت وتسارع الأحداث".
وقالت المجلة إن بعض وسائل الإعلام والمؤسسات الأخرى قررت التعامل مع الجهاز الإعلامي لتنظيم الدولة بشكل مختلف، حيث تقوم مؤسسة أمريكية تدعى "ذو كلاريون بروجكت" بنشر كل أعداد مجلة دابق على موقعها الرسمي، بعد حذف بعض الفقرات، وإضافة بعض التعليقات على مقاطع أخرى، حيث إن هذه المؤسسة تهتم خاصة بمحاربة "التطرف الديني"، وتعتمد على مساعدة مثقفين وعلماء مسلمين أمريكيين لدحض أفكار التنظيم، والرد على دعايته.
ويقول رايان ماورو، مؤسس "ذو كلاريون بروجكت"، إنه "لهزيمة تنظيم الدولة؛ يجب فهم ومحاربة أيديولوجيته، ويجب الاستماع لأفكاره ونظرته لهذا العالم، ثم دحض هذه الأفكار، والقضاء عليها عبر إيجاد أفضل بديل لها".
وذهب ماورو إلى أنه "لا يمكن مقاومة دعاية التنظيم عبر سد الأذن وتجاهل ما يقوله، وإذا أراد شخص الاطلاع على ما يكتب في مجلة دابق؛ فمن الأفضل أن يطلع عليها في إطار أشمل، حيث تكون مرفوقة ببعض الحجج والبراهين التي تكذب الدعايات التي تتضمنها، عوضا عن الاطلاع على هذه المجلة مباشرة من مواقع تنظيم الدولة، التي تعمل على نشر الفكر المتشدد، واستقطاب الناس".
واعتبرت المجلة أن هذه الفكرة ليست سيئة على الإطلاق، حيث إنها تؤدي في بعض الحالات إلى تحييد بعض المهتمين بفهم تنظيم الدولة، الذين لا يزالون في بداية الطريق، "وقد ظهر هذا الأثر جليا من خلال بعض ردود أفعال أنصار التنظيم الذين هاجموا موقع هذه الجمعية واتهموها بتشويه التنظيم".
وفي الختام؛ قالت "سلايت" إن عرض دعايات التنظيم، وإرفاقها بتعليقات وحجج تدحضها وتفضحها أمام الناس؛ يمثل أحسن وسيلة لنزع الهالة الإعلامية التي صنعها التنظيم لنفسه، ووضع كل فكرة من أفكاره في إطارها الحقيقي، حتى يتم إظهار تحايل هذا التنظيم، والأساليب المضللة التي يعتمدها لغسل أدمغة الشباب.