أثارت دعوات رئيس وزراء الاحتلال
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليهود
فرنسا بالهجرة إلى إسرائيل، ودعوات وزير إسكان الاحتلال أوري ارئيل، بتوسيع المستوطنات كي تستوعب تيار المهاجرين من فرنسا عاصفة في أوساط الصحافة الإسرائيلية بين مؤيد ومعارض.
ونقلت صحيفة يديعوت عن أرئيل قوله إن اليهود في فرنسا هم "صهاينة حقيقيون وأنا أعمل لإيجاد حلول لاستيعاب المهاجرين في كل البلاد".
وفي افتتاحيتها قالت يديعوت إنه حتى اليهود الليبراليون يعترفون بأن الخوف من إرسال أبنائهم إلى المدارس الحكومية يسيطر على حياتهم، مشيرة إلى أنه يحتمل أن تكون اليهودية الليبرالية في فرنسا قد وصلت إلى مرحلة الصمت.
وأضاف كاتب المقال يوسي شاين، أن الحلم الفرنسي الجمهوري تبدد بالنسبة للعديد من اليهود، ليس فقط بسبب التواجد العربي الإسلامي المتزايد الذي يترافق واللاسامية العنيفة، بل وأيضا بسبب تحول إسرائيل لتصبح مركز جذب وتأثير على العالم اليهودي.
وعن تحول الليبراليين إلى
الصهيونية، يقول شاين إن تشدد العمليات الإرهابية الأخيرة يذهب باليهود الليبراليين إلى التحول نحو الصهيونية.
ولفت الكاتب إلى أن بعض اليهود الليبراليين في فرنسا ينتمون إلى "جيل منقرض".
دعوات لا أخلاقية
أما المحلل الإسرائيلي تسفي برئيل، فقال إن دعوات السياسيين ليهود فرنسا بالهجرة إلى إسرائيل هي دعوات غير أخلاقية وغير منطقية ولا تنسجم مع المطالبة بمساواة اليهود بجميع الشعوب التي يعيشون في أوساطها، وعلى يهود فرنسا قبل هجرتهم إلى إسرائيل أن يفحصوا ما إذا كان عليهم التخلي عن القيم الديمقراطية التي نشأوا عليها.
وقال برئيل في مقاله المنشور في صحيفة "هآرتس" الأربعاء، إن نتنياهو يزعم دائما أنه يوجد للعرب في إسرائيل 22 دولة يستطيعون أن يحققوا فيها أو يجسدوا ثقافتهم واحتياجاتهم القومية، ولكن اليهود توجد لهم دولة واحدة فقط، وهم بذلك نبتة غريبة في كل دولة أخرى، وعليهم العودة إلى وطنهم، فأي ثقافة وطنية أخرى يمكنها أن تكون ثقافة لليهود غير يهوديتهم؟
وتابع بأن "نتنياهو ليس وحيدا في موقفه هذا، فالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي عانقت بجرأة هذا الأسبوع الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، أعلنت في 2010 أن الدول متعددة الثقافات قد فشلت بشكل مطلق، وكانت أقوالها موجهة إلى الجالية الإسلامية في ألمانيا، وعكست استطلاعا لمعهد فريدريك أبرت، الذي يفيد بأن 55% من الألمان يعتقدون بأن العرب ليسوا لطيفين، وأقوال زعيم دولة بافاريا، هورست زهوفر، الذي قال إنه من الأفضل للعرب والأتراك أن يعودوا إلى بلادهم".
وختم بأن يهود فرنسا القلقين الآن على سلامتهم والذين يسارعون إلى مكاتب السفر للبحث عن ملجأ في إسرائيل، "يجدر بهم أن يفحصوا ما إذا كان ثمن اللجوء إلى الدولة اليهودية لا يتضمن المطالبة بالتنكر للأسس الديمقراطية التي نشأوا عليها في فرنسا".
أما السياسي الإسرائيلي يوسي بيلين، الذي كان وزيرا للقضاء الإسرائيلي ورئيسا لحركة "ميريتس" فقال إن على إسرائيل العمل على تسهيل
هجرة اليهود إليها بدون القيام بحملة إقناع واسعة لإجبارهم على المغادرة، لأن ذلك سيؤدي إلى المواجهات مع الدول الصديقة التي يعيشون فيها.
وتابع بيلين في مقاله المنشور في صحيفة "إسرائيل اليوم"، بأن الصهيونية الهرتسلية ولدت من اللاسامية، فهي لم تكن النضال اليهودي لتقرير المصير، ولم تكن حركة تحرر وطني.. "إن ثيودور هرتسل الذي خشي أن تؤدي الكراهية إلى العنف اقترح الهرب من أوروبا بشكل منظم".
وأضاف أن "الجميع يعرفون الحقيقة: إن الأسباب الرئيسة لهجرة اليهود إلى إسرائيل هي الأزمة الاقتصادية في بلاد منشأهم أو تفاقم ظواهر اللاسامية. إن لإسرائيل صلاحية استغلال أوضاع كهذه والسماح بتجسيد الرغبة بالهجرة".
الأرض الوحيدة الآمنة
وفي الصحيفة ذاتها يقول الدكتور غابي أفيطال، إنه رغم المكاسب التي حصل عليها اليهود في الخارج تبقى إسرائيل هي الأرض الوحيدة الآمنة.
وأضاف أن "الشتات اليهودي في كل المنافي مُحمل بكلمة السر الجينية الخاصة بالعودة إلى صهيون، أينما ننظر في صفحات التاريخ تبرز أمامنا القدرات الميتافيزيقية للعيش ما بعد المنطق.. إن هذا الشعب الفريد في كل الحالات شعب حيوي ومشاغب، منتج ومثمر، ثوري وليس له حل، وهكذا فإن المحاولات لتجميعه في أرض واحدة لن تنجح".
وتساءل مهاجما اليسار المتحفظ على دعوات الهجرة للبلاد: "لماذا تُسمع أصوات تعارض دعوة رئيس الحكومة نتنياهو ليهود فرنسا بأن يهاجروا إلى البلاد، في حين يبقى فيها عشرات الآلاف من المتسللين والمهاجرين غير القانونيين؟".
وختم بأن المستقبل القريب "يحمل في ثناياه مخاطر للعالم الحر الذي لا يرغب في النظر إلى هذا الخطر، وبالنسبة لليهود، فإن إسرائيل هي الأرض الوحيدة الآمنة".