قررت الإدارة الأمريكية، الأربعاء، تخفيض المساعدات الاقتصادية المقدمة لمصر بنسبة 25 في المائة؛ وذلك بعد شهر واحد من زيارة قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي لواشنطن، ولقائه الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب، الذي أشاد بسياسات السيسي، ووعده بتقديم الدعم الكامل له.
وجاء القرار الأمريكي الذي ينتظر تصويت الكونغرس تمهيدا لتطبيقه؛ بسبب سوء توظيف وإدارة الحكومة
المصرية لتلك المعونات، وعدم توجيهها إلى الأنشطة المقررة لها من قبل الإدارة الأمريكية.
ويقضي القرار بخفض المعونة السنوية التي تقدمها الإدارة الأمريكية لمصر من 150 مليون دولار أمريكي، إلى 112 مليون دولار، وسط دعوات متواصلة بالكونغرس لتقليل المعونة العسكرية للقاهرة، والتي تبلغ 1.3 مليار دولار.
ويأتي القرار الأمريكي في وقت تعاني فيه مصر أزمات اقتصادية غير مسبوقة، وتراجعا في مصادر الدخل القومي، وزيادة في معدلات البطالة والتضخم والدين الداخلي والخارجي، مع ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وزيادة نسبة الفقر لتصل إلى 27 بالمئة، وتغول سعر الدولار على الجنيه، وانخفاض قيمته لأكثر من النصف.
حليف لـ"إسرائيل"
وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق، الدكتور عبدالله الأشعل، إنه "لا علاقة بين العلاقات السياسية الأمريكية المصرية، وبين قرار واشنطن بتخفيض حجم المساعدات للقاهرة"، مؤكدا أن "هذا القرار يتعلق بخطة المساعدات العامة للإدارة الأمريكية الجديدة".
وحول احتمال أن يكون ترامب قد تنصل من وعوده بتقديم الدعم الكامل للسيسي؛ أوضح الأشعل لـ"
عربي21" أنه "لا معنى لكلمة الدعم الكامل عند ترامب، سوى منع نظام السيسي من السقوط؛ ما دام حليفا لإسرائيل".
ورأى أن قرار تخفيض المعونة يعد صفعة من ترامب للحكومة والنظام في مصر، لافتا إلى أن "ترامب لا ينظر إلى مصر السيسي كندّ أو حليف، وإنما هي -بحسب سياسات ورؤية ترامب- جزء من الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية".
قليل لكنه مؤثر
وحول تأثير القرار الأمريكي على نظام السيسي؛ قال الخبير والمحلل الاقتصادي مصطفى عبدالسلام، إن "مبلغ المعونة الاقتصادية الأمريكية قليل بطبعه، وعلى الرغم من أن الخفض يتمثل في 38 مليون دولار فقط، إلا أن هذا المبلغ الذي يعادل 684 مليون جنيه مصري؛ مهم للحكومة المصرية التي تعاني عجزا ماليا كبيرا".
ووصل العجز المالي بمصر إلى 12.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وقدر العجز الكلي في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016-2017 بنحو 319.46 مليار جنيه، بحسب وزارة مالية الانقلاب.
ورأى عبدالسلام أنه "بالرغم من أن سجل حقوق الإنسان في مصر تمت مناقشته داخل جلسة الاستماع بالكونغرس، وكان له تأثير ما؛ إلا أن القرار مرتبط في الأساس بالفساد المالي والإداري الذي يعاني منه القطاع الحكومي في مصر، وكيفية تعامل الحكومة المصرية مع مبالغ المعونة، وعدم توجيهها في البرامج المخصصة لها من قبل الأمريكيين".
وتراجعت مصر 20 مركزا في مؤشر الفساد لعام 2016، بحسب منظمة الشفافية الدولية.
رهان خاسر
من جهته؛ قال رئيس حزب الجيل، ناجي الشهابي، إن "تخفيض
المعونة الأمريكية يؤكد أن الرهان المصري على ترامب رهان خاسر، وأن ما تم ترويجه عن نسج علاقات جديدة مع أمريكا بسبب الكيمياء التي ربطت بين السيسي وترامب؛ غير صحيح".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "المؤثر في السياسات الأمريكية ليس العلاقات الشخصية تنشأ بين الرؤساء، وإنما مصالح البلاد العليا"، لافتا إلى أن "من أهم دلالات تخفيض المعونة الاقتصادية؛ أن نظرة واشنطن للنظام في مصر لم تتغير كثيرا عن نظرتها في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما".
وطالب الشهابي برفض المعونة الأمريكية وعدم الاعتماد عليها، ذاهبا إلى القول بأنه "يجب أن يكون مبدأ الاعتماد على الذات هو جوهر السياسة الاقتصادية لمصر".