قال مراقبون ومحللون إن اتهام ولي ولي العهد السعودي، الأمير
محمد بن سلمان آل سعود، إعلام جماعة الإخوان المسلمين بالترويج لتوتر العلاقات بين
السعودية ومصر، امتداد طبيعي لسياسات المملكة الرافضة للديمقراطية في المنطقة عقب ثورات الربيع العربي، وتدشين لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين لبناء تحالف عربي بالمنطقة ضد إيران.
وقال محمد بن سلمان، خلال لقاء بثه التلفزيون السعودي وقناة "إم بي سي" الثلاثاء، في تصريح مثير للجدل، إن الإعلام الذي ينتقد السعودية هو نفسه الذي ينتقد
السيسي، متهما ما أسماها بـ"الدعاية الإيرانية والإخوانجية" بشرخ العلاقة بين البلدين.
وبشأن جزيرتي
تيران وصنافير؛ رأى ابن سلمان أنه "لا توجد هناك مشكلة في مسألة الجزيرتين، وما حدث فقط هو ترسيم الحدود البحرية"، مؤكدا أن القاهرة أو الرياض "لم تتنازلا عن أي شبر" من أراضيهما.
أخطأ الأمير
وتعقيبا على تصريحات ابن سلمان؛ قال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الشرعي، النائب عبدالموجود الدرديري، إن "القول بأن إعلام الإخوان هو المسؤول عن الوقيعة بين
مصر والسعودية يجافي الحقيقة، ولقد أخطأ الأمير وعليه الاعتذار؛ لأن الرجوع إلى الحق فضيلة، ومستقبل أمتنا مبني على وحدتنا".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الشعب المصري وشعب الجزيرة العربية أمة واحدة يجمعها الإسلام، ولقد أخطأت حكومة المملكة في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز بدعم الانقلاب، الذي قتل وسجن وشرد عشرات الآلاف من المصريين"، مشددا على أن "الرجوع إلى عدل الإسلام أولى وأفضل للشعبين المسلمين".
وطالب الدرديري "حكومة المملكة بالتوقف اليوم قبل الغد عن دعم الانقلاب الظالم في مصر؛ لأن رسولنا الكريم أخبرنا بأنه من أعان ظالما سلطه الله عليه، وما قصة دعم السعوديين للحوثيين عنهم ببعيدة".
السيسي رهان الماضي والحاضر
من جهته؛ ربط رئيس لجنة العلاقات الخارجية والأمن القومي مجلس الشورى الشرعي، رضا فهمي، بين تصريحات محمد بن سلمان وبين زيارته الأخيرة لواشنطن، قائلا إنها "تضمنت توجيها أمريكيا مباشرا -كما نقلت صحف أمريكية وأعضاء بالكونغرس- بضرورة تحسين العلاقات بين مصر والسعودية، فكان كبش الفداء في إلقاء اللوم على إذكاء التوتر بين الرياض والقاهرة هو إعلام الإخوان، وليس إعلام السيسي الذي سب وقذف المملكة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هناك سببا جوهريا وراء تلك التصريحات؛ ألا وهو رغبة المملكة في ضم مصر للتحالف العربي لمواجهة مرتقبة مع إيران، وذلك وفق التوجه الأمريكي الجديد، وما يجري هو جزء من تأهيل المسرح في المنطقة لشكل التحالفات القادمة الجديدة".
وأكد فهمي أن "السعودية لا تزال ترى أن السيسي هو الشخص الذي يمكن التعامل معه، ورهانها عليه واضح منذ الملك الراحل عبدالله"، لافتا إلى أن "التغيرات التي حدثت في النظام السعودي غيرت العلاقات مع مصر على المستوى التكتيكي، لكن على المستوى الاستراتيجي تبقى المؤسسة العسكرية في مصر هي الخيار الأمثل للسعودية؛ لأنها ترى أن جماعة الإخوان تمثل تهديدا لها".
تقلبات السياسة
على الصعيد الصحفي؛ فند الباحث الحقوقي بالمرصد العربي لحرية الإعلام، أحمد أبو زيد، اتهام الإعلام الإخواني بالسعي إلى الوقيعة بين مصر والسعودية، قائلا إن "تقلبات السياسة وتباين المصالح بين الحين والحين؛ هي السبب الرئيس في ما ذهب إليه محمد بن سلمان، على الرغم من أن الذي هاجم المملكة هو إعلام نظام السيسي".
وأضاف لـ"
عربي21": "من خلال رصدي الصحفي؛ أستطيع أن أؤكد أن الإعلام الإخواني والمعارض للنظام؛ هو الذي كان يذب عن حياض المملكة، ويكشف حقيقة استغلال النظام المصري لعلاقته بالخليج، وأن إعلام السيسي هو الذي احتفى بقانون (جيستا الأمريكي) ضد المملكة، فضلا عن تبنيه حملة مناهضة للسياسات السعودية في اليمن، وتحريضه المستمر لطهران ضد الرياض، ودعمه للحوثيين في اليمن".
عداء الديمقراطية وليس الإخوان
من جهته؛ رأى السياسي المعارض محمد العمدة، أن "النظام السعودي هو أحد الأنظمة المستبدة في المنطقة، التي تعمل معا تحت راية الولايات المتحدة الأمريكية وأوامرها".
وقال لـ"
عربي21": "لا شك أن الانقلاب في مصر تم بتخطيط أمريكي، وكان هدفه الحفاظ على الأنظمة العميلة في المنطقة، فكان لا بد أن يسانده النظام السعودي بالأمر المباشر".
وأضاف أن "آل سعود والعسكر في مصر شركاء في منع التحول الديمقراطي في مصر وكامل المنطقة، والعداء الذي أظهره محمد بن سلمان في حديثه عن الإخوان؛ هو في حقيقته عداء للتحول الديمقراطي في مصر تحت غطاء محاربة الإخوان".
وتابع: "فقط أريد أن أذكّر آل سعود بأن غزو العراق الذي دعموه بكل أموالهم وقوتهم؛ هو الذي جعل شيعة إيران الآن تحاصرهم من جميع الاتجاهات، وسوف يرون عواقب دعمهم الانقلاب قريبا".