ما كشفت عنه تصريحات وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي للأهرام المصرية؛ يفيد بأن هناك نهجا لمقاربة الحل يتبناه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غرودنبرغ، حظي بدعم سلطنة عمان التي أعلنت لأول مرة على لسان وزير خارجيتها بدر البوسعيدي عن رؤيتها للحل
ثمة مخاوف حقيقية من أن يتحول اليمن في ظل الهدنة التي دخلت شهرها الثالث إلى أزمة منسية، على الرغم مما تموج به المنطقة من تغيرات، تكاد معها البلدان أن تطوي صفحات من الخصومة السياسية عميقة الجذور لتبدأ مرحلة جديدة..
شيء يضاهي النفاق الأوروبي فيما يتعلق بقضايا السلام، فلطالما ساهموا في إطالة أمد الصراعات في منطقتنا، ودعموا الدكتاتوريات، وبرروا لفجور وجرائم الجماعات الطائفية والأنظمة الأقلوية الغاشمة والديكتاتوريات، لكي تبقى منطقتنا تحت سطوة سلام القوة الغاشمة..
لا أحد يمكنه أن يجادل بشأن أولوية فتح المعابر في تعز، كتجسيد حقيقي لنجاح الهدنة بعد تمديدها شهرين إضافيين، غير أن الحوثيين لا يخفون هدفهم الحقيقي وراء استمرار الحصار القائم على تعز، إذ ينظرون إلى هذا الوضع باعتباره ضمانة ضرورية للاحتفاظ بغنيمة الحرب..
حصد الحوثيون مكاسب كبيرة جراء هذه الهدنة وضمنوا المزيد من الأموال التي ستعزز لا شك من جهوزيتهم الحربية، وفي تقوية قبضتهم على معظم المناطق الشمالية من اليمن، وها هم مستمرون في التشدد غير المبرر تجاه موضوع فتح المعابر في محافظة تعز على الرغم من أولويتها الإنسانية، دون رد فعل دولي متناسب
انتقال السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي وإعلان الهدنة قبل ذلك؛ كلاهما تم خارج إرادة الممثلين السياسيين والحشد الألفي من الناشطين اليمنيين الذين تجمعوا تحت مظلة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض..
لذلك يبقى من بين أهم التحديات التي تواجه اليمن في ظل المجلس الرئاسي؛ بقاء القوات العسكرية والأمنية في عدن خارج سيطرة السلطة الشرعية وخاضعة للأجندة الانفصالية
من المؤكد أن أجندة مجلس القيادة الرئاسي ستتأثر، بانتقال السلطة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولا ندري في أي اتجاه، وإن كان الطابع التشاؤمي يغلب على معظم التوقعات، التي تنبني على تقدير سلوك رئيس الإمارات الجديد الذي لعب دور الرئيس الفعلي في ظل أخيه..
لا أرى أن الأمور جيدة بالنسبة للسعودية قائدة التحالف، حتى بعد فرض مجلس القيادة الرئاسي؛ على الرغم من التأييد الدولي لهذا المجلس، إذ يتعين عليها أن تتهيأ لمرحلة ما بعد الهدنة المقرر أن تنتهي بحلول نهاية هذا الشهر، وسط تصعيد واضح من جانب الحوثيين يشي بأنهم استثمروا الهدنة جيدا في التحضير لمعارك الحسم
هل هذه الزيارة تدور حول الدعم المفترض للمجلس للقيام بدوره من نقطة الصفر تقريباً؟ الأمر هنا يتعلق بكل شيء تقريباً يحتاجه المجلس للنجاح في مهمته وعلى كافة المستويات، السياسية والعسكرية والاقتصادية وحتى اللوجستية
من الواضح أن مبدأ الشراكة الذي شدد عليه الرئيس رشاد لن يتعدى مسألة التقاسم الذي يتحكم به طرفان؛ هما السلطة الشرعية وجزء منها رئيس المجلس الانتقالي ورجاله من جهة، والمجلس الانتقالي "الانفصالي" من جهة أخرى، وهو ما يهدد مستقبل العمل في إطار التركيبة السياسية والقيادية الحالية ويفقد الشراكة معناها..
يواجه مجلس القيادة الانتقالي تحديات عديدة داخلية وأخرى خارجية، يفترض أن يسهم التغلب عليها في تكريس شرعيته ليس فقط بديلاً عن الرئيس عبد ربه منصور هادي الذي تنازل عن السلطة ضمن إجراء إشكالي لا يزال يضع هذا التغيير ضمن مفهوم الانقلاب المتفق عليه، ولكن أيضاً بديلاً عن سلطات الأمر الواقع..
في إجراء يشبه الانقلاب، أُجبر الرئيس عبد ربه منصور هادي، فجر السابع من نيسان/ أبريل الجاري على تسليم السلطة لمجلس قيادة رئاسي من ثمانية أعضاء، برئاسة اللواء الدكتور رشاد محمد العليمي، أربعة من هم يمثلون المحافظات الجنوبية وأربعة يمثلون المحافظات الشمالية..
الجديد في هذه الهدنة أنها أعادت الأمور إلى نصابها، فقد تولت الحكومة الشرعية وإن بصورة اسمية بالتأكيد، الموافقة على الهدنة، وبدا ما يسمى بـ تحالف دعم الشرعية طرفاً مسانداً لما اتخذته الحكومة من موقف حيال هذا الاتفاق..
أخطر ما تنتظره السعودية جراء استمرار حربها المفتوحة في اليمن، هو أن تتعزز معادلة الردع التي أقامها الحوثيون مع السعودية، بدعم سخي ومغامر وطائفي من قبل إيران، بدعم أمريكي خفي
لأنها تدرك تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي فإنها ترى في "مؤتمر الرياض-2" دليلاً منمقاً تريد أن تثبت من خلاله أنها حريصة على تحقيق السلام في اليمن، وهي رسالة موجهة للغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص..