حقوق وحريات

حضور بارز لرئيس مجلس القيادة اليمني وغياب الزبيدي.. ماذا يعني؟

سجل العليمي حضورا لافتا في الآونة الأخيرة في العاصمة اليمنية المؤقتة
شهدت الساحة اليمنية تصدر رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، واجهة الأحداث وبروزا واضحا في تحركاته وأنشطته في العاصمة المؤقتة، عدن، في مقابل تراجع وخفوت حضور عضو المجلس عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، وهو الذي سجل حضورا طاغيا كشخصية أولى في المشهد السياسي والقيادي في الفترة التي أعقبت الإعلان عن تشكيل المجلس الرئاسي في إبريل/ نيسان العام 2022.

وسجل العليمي حضورا لافتا في الآونة الأخيرة في العاصمة اليمنية المؤقتة، عدن من خلال مراسيم عيد الفطر المبارك، التي شاركها معه عضوا المجلس الرئاسي عبدالله العليمي وعثمان مجلي، ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني. فيما غاب بقية أعضاء المجلس، عيدروس الزبيدي وأبو زرعة المحرمي وفرج البحسني وطارق صالح، إضافة إلى سلطان العرادة، حاكم محافظة مأرب، الذي نظم مراسيم  العيد في محافظته.

وبات ملاحظا تغير خطاب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، والذي تجلى من خلال كلمته التي وجهها إلى اليمنيين عشية حلول عيد الفطر، إذ تضمنت تفاصيل جديدة من أبرزها الحديث عن "الشراكة الوطنية في السلطة وصناعة القرار ورسم السياسات".

وأكد العليمي على "عدم التفريط بالمركز القانوني والسياسي للدولة العضو في الأمم المتحدة" وهو ما اعتبر رسالة موجهة إلى الانفصاليين الجنوبين الذين يمثلهم المجلس الانتقالي المنادي بانفصال جنوب البلاد عن شماله ورئيسه عيدروس الزبيدي، عضو المجلس الرئاسي أيضا.

وقد ظهر العليمي في سلسلة حوارات ومقابلات تلفزيونية وصحفية بشكل متتال في الأسابيع الماضية، عبر كل من صحيفة "الشرق الأوسط" وقناة "الحدث" السعوديتين، وقناتي "صدى البلد" و"TEN" المصريتين، وكان أهم محاورها السلام في البلاد وأزمة البحر الأحمر نتيجة الهجمات المتواصلة لجماعة الحوثي ضد سفن الشحن نصرة لغزة، كما تقول الجماعة.

وقد طرح هذا الحضور لرئيس مجلس القيادة اليمني أسئلة عدة من قبيل: هل نحن أمام استعادة "العليمي" دوره الذي تعرض للتغييب خلال الفترة الماضية؟ أم إننا أمام فترات تناوب مع الزبيدي؟

"شكليات"
في هذا السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء عادل الشجاع أنه لا يوجد أي بروز للعليمي بالمطلق، فظهوره الأخير في عدن أثناء صلاة العيد بدون الزبيدي، لأن الأخير لم يعد يأتمر بأمر العليمي وقد تركه يؤدي صلاة العيد بمفرده وطبيعي جدا أن تلتقط الكاميرات الصور له دون عيدروس الزبيدي.

وقال الشجاع في حديث لـ"عربي21"، إن ما يتعلق بالمقابلة الصحفية التي أجرتها معه قناة "TEN" وهي مقابلة مدفوعة الأجر، أنه تمت استضافة الإعلاميين الثلاثة بهدف تجاوز حضور عيدروس الطاغي، لكن المقابلة لم تستطع أن تصنع من العدم شيئا لضحالة ما يملكه الرجل، ولأن القناة أيضا من القنوات الثانوية التي تعاني من مشاكل مالية سبق لها أن توقفت ثم عاودت البث مرة أخرى.

وانتقد الأكاديمي والقيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، رئيس المجلس الرئاسي بشدة، وقال إنه "نتيجة لضعف شخصية العليمي وضحالة الأفكار التي يقدمها، جعل عبد المنعم سعيد وهو كاتب كبير يضع أسئلة طويلة بسبب الشروحات التي حاول تقديمها وتقديم بعض الإجابات في أسئلته كونه لم يحصل على الإجابات المرجوة".

وأشار: "ما زال الزبيدي متصدرا للمشهد ليس بسبب قوته ولا بسبب عدالة قضيته، بل بسبب ضعف العليمي وضعف شخصيته".

وبحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء فإن العليمي لم يغيّب دوره أحدا بقدر ما أن الرجل ليس لديه مشروع يعمل لأجله.

وتابع بأن "كل طموحه أن يناديه من حوله بفخامة الرئيس"، وفق قوله.

وحول خطابه عشية العيد، قال الأكاديمي الشجاع إن "العليمي يستجدي من خلاله الزبيدي ـ رئيس المجلس الانتقالي الانفصالي ـ ألا يعرض به بتلك الطريقة، وأن يحافظ على الشكليات التي اعتادوا عليها وهي أن يظهر العليمي كرئيس ولا ضير من أن يقود القرار الزبيدي".

وأوضح الشجاع أن الزبيدي رفض دعوة العليمي لحضور صلاة العيد، ما أظهر الأخير غير قادر على إلزام أعضاء المجلس بالاستجابة لدعوته التي وجهها لهم لحضور صلاة العيد.

وختم حديثه قائلا: "فاقد الشيء لا يعطيه، والعليمي لن يكون أكثر مما هو عليه".

"حاجة إقليمية ودولية"
من جانبه، قال الصحفي والباحث اليمني كمال السلامي، إنه من الواضح أن للأمر علاقة بالمشهد الإقليمي الملتهب.

وأضاف السلامي في حديثه لـ"عربي21": "يبدو أن الدول الفاعلة في الملف اليمني قررت إرجاء مشكلة اليمن ودفعها إلى الهامش من خلال ضبط وكلائها في اليمن وإجبارهم على خفض سقف طموحاتهم مؤقتا، وإخفاء الانقسامات، وبما يضمن إظهار الشرعية ممثلة برشاد العليمي ككيان يتحكم بزمام الأمور، خصوصا في ظل الصراع الحاصل في البحر الأحمر وخليج عدن، وبروز الحوثيين كلاعب رئيس ووحيد في مياه اليمن".

وأرجع تراجع حضور "الزبيدي" ذلك إلى أن خطاباته وتحركاته كانت سبب الاحتقان داخل مجلس القيادة.

وتابع الباحث اليمني بأن هناك حاجة إقليمية ودولية اليوم "لمجلس موحد يستطيع استيعاب ما يريده الإقليم والعالم منه، أو هكذا يعتقد اللاعبون الإقليميون والدوليون"، مشيرا إلى أن هذا الأمر "يتطلب انكفاء الخطاب والسلوك المتشنج في مجلس الثمانية" ( المجلس الرئاسي).

وأكد الصحفي السلامي أن بروز العليمي وتحول خطابه لم يعد يحدث فرقا، فالمعادلة تغيرت في اليمن والمنطقة، والشرعية تجردت من كثير من أوراق القوة، وصار العالم يتحدث عن يمن الحوثي، لا عن يمن الشرعية، موضحا أن هذا بلا شك له تداعيات خطيرة على مستقبل اليمن.

وبحسب المتحدث ذاته، فإن رشاد العليمي "ضعيف، ولا يملك القدرة على القيام بدور مهم"، لافتا إلى أن هذا التحول في الخطاب، والسلوك "ليس عنوانا لمرحلة جديدة، بقدر ما هو لعب في لحظة انشغال اللاعبين الإقليميين بما هو أخطر، ألا وهو تداعيات حرب غزة".

وقال إن "كل ما يحدث في اليمن حاليا مرده الحرب الإسرائيلية على غزة، وانعكاسها على أمن الخليج والبحر الأحمر وخليج عدن والملاحة الدولية".

وكان العليمي قد قال في كلمته عشية أول أيام عيد الفطر، إنه لم يكن الهدف الوحيد من تشكيل مجلس القيادة الرئاسي قبل عامين "تصفية التباينات الداخلية دفعة واحدة، بل البدء بتكريس آلية فاعلة وسلمية تسمح بإدارة التباينات، وحلحلة الخلافات، وبناء التوافق وفقا للقواسم المشتركة لأبناء الوطن الواحد المنصوص عليها في إعلان نقل السلطة".

وأضاف أن مؤسسات الدولة صارت أكثر تماسكا وفاعلية رغم تكوينها الجماعي والتعددي، لتدير أزماتها وتحدياتها الداخلية بكثير من الحكمة، دون اللجوء إلى العنف.