لو كان لسد النهضة الإثيوبي اسم آخر غير هذا الاسم لكان اسمه "سد الثالث من يوليو"، ومن حق إثيوبيا وإسرائيل وكل أعداء مصر أن يحتفلوا في هذا اليوم احتفالات تفوق احتفالاتهم بأعيادهم الدينية والوطنية والشخصية
تحيّز واضح صريح مطلق لصالح مؤسسة لا هدف لها إلا الترويج للتطبيع مع إسرائيل، ومهما حاولت هذه المؤسسة أن تظهر نفسها بمظهر المحايد الذي لا هدف له إلا نشر العلم، فنحن جميعا نعلم علم اليقين أن هذه المؤسسة ليست سوى مؤسسة صهيونية ترتدي الغترة والعقال (لزوم الشغل)..
سنظل نقول الكلام نفسه، لأن مصالح مصر الاستراتيجية لا تتغير بوجود فلان أو علان في السلطة، ولا بانتخاب فلان، أو انقلاب علان.. مصالح مصر الأساسية ثابتة، وقد حاولت ثورة يناير أن تنقذ ما ضيعه مبارك، وما ضيعته الانقلابات العسكرية قبل مبارك، ولكن شاءت طغمة عسكرية تخضع لإملاءات خارجية أن تفعل العكس..
بعد انتصار الشعب الفلسطيني المُوحَّد على الدولة الصهيونية التي تمثل العالم الاستعماري، في معركة سيف القدس، وفي إطار الحلول الواقعية الممكنة، سيبحث الطرفان عن حلول قابلة للتطبيق. فهذه الموقعة ليست نهاية الطريق..
أصبح من المعلوم من السياسة بالضرورة أن أي حديث عن مصالحة مزعومة تخرج من هذا النظام، أو من أي شخص أو مؤسسة أو ذراع إعلامي له علاقة بهذا النظام.. هو مجرد مراوغة سياسية لها هدف قصير الأمد، يحركها بواعث داخلية أو إقليمية أو خارجية عابرة مؤقتة..
بعد هذه المجزرة.. ترددت صرخات الضحايا في الأجواء، وسمعنا قرع "طبلية" الإعدام عند الفجر كأنه بوق يوم القيامة، فصمتت ندوات "كلوب هاوس"، وصمتت أصوات كثيرة تعودنا منها الصراخ مع كل انتهاك.. انتهاك لا قتل.. انتهاك لا إعدام!
لقد كان اختيارا خاسرا من السلطة أن تنتج هذا المسلسل، لأنها أكدت لنا أننا ما زلنا على قيد النضال، وأننا ما زلنا رغم فصل الهزيمة على طريق النصر، وأنهم ما زالو رغم صولجان السلطة في رعب من يوم الحساب القريب..
مصر والسودان ابتلاهما الله ببلاء عظيم.. هذا البلاء اسمه "حكم العسكر"، وقد تسبب هذا البلاء في مصائب كثيرة، منها سد النهضة.. وهو سد ضمن سدود كثيرة ستقام خلال السنوات القادمة، في إثيوبيا، وفي جميع دول المنبع.. ولا عزاء لشعوب المصبّ..
إن مصر لا تعاني من كوارث متتالية.. بل تعيش في ظل كارثة واحدة منذ خمسينيات القرن الماضي.. كارثة حكم العسكر.. كارثة الاستبداد.. ولا حل إلا بعلاج هذه الكارثة، وحينها ستنتهي كل الكوارث..
لا أمل في تغيير المواطن إلا بمنحه وطنا.. والوطن ليس لافتة.. الوطن معان كثيرة.. من أهمها المنح بلا منة.. والعطاء بلا مقابل.. أي أن الوطن هو الذي يعطي ويمنح المواطنين..