لم يدع قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي مناسبة أمنية أو سياسية تمر دون أن يستغلها بالإيعاز إلى برلمانه بإصدار قوانين وتشريعات، تحت دعاوى مختلفة كمواجهة الإرهاب، أو تجديد الخطاب الديني، أو الإصلاح الاقتصادي، تصدر جميعها على عجل، ودون دراسة أو تقيد بطرحه للحوار المجتمعي.
فخلال الأيام القليلة الماضية؛ أقر برلمان السيسي قانون التظاهر، الذي في حقيقته يحول دون التظاهر، وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية؛ للإسراع في إجراءات المحاكمات، وإصدار الأحكام، وهي في الحقيقة تستهدف المعتقلين المعارضين، وليس الجنائيين، وأخيرا تعديل قانون الطوارئ؛ للتوسع في قرارات الاعتقال العشوائي.
بعض تلك التشريعات استهدفت حلفاء الأمس كالقضاء، والأزهر، كقانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية ليصبح بالتعيين وليس بالأقدمية، وآخر بتعديل قانون الأزهر، يتحكم في اختيار شيخ الأزهر، ويحدد منصبه بفترة زمنية، وهو ما رآه مراقبون محاولة لإعادة إنتاج قضاء وأزهر مؤدلجين.
تصفية حسابات وتمرير قوانين
وقال رئيس حزب الفضيلة ومؤسس تيار الأمة، محمود فتحي، لـ"
عربي21": "إن هذا
البرلمان تم تعيينه من قبل السيسي، وأجهزته الأمنية؛ من أجل خدمة مصالح العسكر، وطوائف الحكم المتحالفة معه"، مضيفا أن استمراره ضرورة "لاستكمال الشكل الديمقراطي المزيف".
واعتبر أنه "من الطبيعي أن يستخدم السيسي والأجهزة الأمنية البرلمان في تصفية الحسابات مع التحالفات القديمة، أو في تقويض المؤسسات المختلفة مثل القضاة والأزهر"، مشيرا إلى أن "أحد أهم أدوار البرلمان أن يفقد (البرلمان) وأعضاؤه الهيبة والوقار في نفوس
المصريين".
ورأى أنه "ليس لمصر من أمل إلا بإسقاط الانقلاب العسكري وتحالفاته، وحتى لو كانت الثورة في الشارع متراجعة إلا أن الوضع المأساوي في مصر وعلى كل المستويات يتوقع معه انفجار قريب".
برلمان (البصم)
من جهته؛ قال رئيس حزب غد الثورة، أيمن نور، لـ"
عربي21" إن "البرلمانات يمكن تصنيفها إلى برلمانات تمثل الشعب والأمة، وأخرى تمثل بالشعب وبالأمة، وما يفعله برلمان عبد العال أبعد ما يكون عن فكرة تمثيل الشعب، ولكنه أقرب إلى التمثيل به، والمساس بمصالحه والبعد عن احتياجاته"، مضيفا: "نحن أمام برلمان فريد وعجيب من نوعه، وكبرلماني ابن برلماني أُصابُ بالدهشة من حيث الشكل والموضوع إزاء هذا البرلمان".
ورأى أن هذا البرلمان لا يسن ولا يناقش قوانين، وإنما "يقوم (بالبصم) من دون بصيرة أو تبصر؛ ففي أسبوعه الأول من انعقاده وافق على كم هائل من
القوانين دفعة واحدة، في طريقة هي الأسرع والعجب في تاريخ البرلمانات في العالم"، وأنه أيضا "فقد قيمته واحترامه".
وأضاف: "بالنظر إلى نوعية القوانين التي صدرت عن هذا البرلمان، فجميعها تلبي احتياجات الحاكم والنظام، وليس من بينها قانون واحد يشعر المواطن المصري أنه صدر من أجله أو يستهدف مصلحته".
أما فيما يتعلق بالتجاوز في حق القضاء والأزهر وغيرهما من خلال إصدار أو مناقشة تشريعات تنال من استقلاليتهما، فهب بالقول إلى أنها "تؤكد أن هذا البرلمان لم يترك له حليف شأنه شأن صاحب هذا البرلمان ومديره الحقيقي عبد الفتاح السيسي الذي يديره عبر ريموت كنترول وهو علي عبد العال".
قوانين رد الفعل
أما النائب خالد عبد العزيز (حزب المصريين الأحرار)، فأرجع كثرة إصدار التشريعات إلى "الضرورة التي تفرضها الأحداث أحيانا"، وقال لـ"
عربي21": "إن هناك بعض التشريعات تأخرت مثل قانون تعديل الإجراءات الجنائية"، مشيرا إلى أن "القانون السابق به مواد تعطل تسريع تلك الإجراءات".
ولكنه فند إصدار المجلس القوانين تحت الضغوط، قائلا: "البرلمان يصدر قوانين كرد فعل في بعض الأوقات، وأرى أنه خطأ؛ فأي تشريع يصدر تحت ضغط أمني أو سياسي سيعتريه بعض العوار القانوني، لا بد أن يأخذ أي قانون وقته في البحث والمناقشة، وأن يدرس بشكل جيد، ويناقش فيه أصحاب الصلة، والشأن".
وأقر بأن هناك تباطؤا في إصدار قوانين تتعلق بمصالح الشعب، "بعض القوانين التي تتعلق بشرائح كبيرة من المجتمع متأخرة، مثل قانون العمل، أو قانون العلاوة، وغيرها"، مؤكدا أنه "كي تسن قوانين تهم المواطنين فأنت بحاجة إلى قوانين متضمنة العدالة الاجتماعية".