في الوقت الذي تستعد فيه مدينة إسطنبول التركية لاستضافة "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الشتات"، خرجت دعوات من قبل فصائل
منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها
حركة فتح، تدعو فيها إلى مقاطعة المؤتمر ورفض نتائجه أيا كانت.
ومن المقرر أن يُعقد المؤتمر في الفترة ما بين 25 و26 شباط/ فبراير الجاري.
وقال المتحدث باسم حركة فتح في أوروبا، جمال نزال، الذي أعرب عن رفضه لهذا المؤتمر: "لم يتم تنسيق المؤتمر، لا مضمونا ولا شكلا، مع منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة القرار، الممثل الشرعي الوحيد الشعب الفلسطيني، وعليه وجب التحذير من أي نشاطات تهدد، ولو من بعيد، تمثيل منظمة التحرير لشعبنا الفلسطيني".
وسبق ذلك بيان شديد اللهجة صدر عن منظمة التحرير في 13 من الشهر الجاري، حذرت فيه القائمين على هذا المؤتمر من محاولة خلق جسم مواز لمنظمة التحرير في الخارج.
تشكيك بنوايا المؤتمر
وحاولت "عربي21" التعرف على مخاوف منظمة التحرير من انعقاد هذا المؤتمر، حيث أعرب تيسير خالد، رئيس دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، أن "اللجنة التحضيرية لهذا المؤتمر الفئوي المزعوم لم تقم بتوجيه أي دعوة لمنظمة التحرير للمشاركة فيه، وهذا ما دفعنا في المنظمة إلى التشكيك بنوايا وأهداف القائمين على هذا المؤتمر، الذين يسعون إلى خلق جسم جديد في الخارج؛ لتقليص دور منظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وفق قوله.
بل إن خالد ذهب، في حديث لـ"
عربي21"، إلى حد القول إن "انتماء قادة المؤتمر لتنظيم الإخوان المسلمين يدعونا إلى أن نقف بشكل حازم ضد هذه المهزلة، ولن نسمح بانعقاد المؤتمر مهما كلفنا ذلك من خطوات تصعيدية"، بحسب تعبيره.
وقال خالد إن "منظمة التحرير أرسلت برقية احتجاج للحكومة التركية؛ لسماحها بتنظيم هذا المؤتمر"، ولكنه رفض الحديث عن طبيعة الرد التركي لهذه البرقية.
مؤتمر شعبي
وأثار كلام تيسير خالد حفيظة اللجنة التحضيرية لمؤتمر إسطنبول، حيث أعرب المتحدث الرسمي باسم المؤتمر، زياد العالول، استغرابه من الهجمة التي تقودها منظمة التحرير على المؤتمر.
وقال العالون لـ"
عربي21": "نحن لا نسعى إلى خلق جسم جديد في الخارج ينافس منظمة التحرير، كما تروج له حركة فتح"، مضيفا: "هذا مؤتمر شعبي للجاليات الفلسطينية في الخارج، نسعى من خلاله إلى تسليط الضوء على القضية الفلسطينية بعد مرور مئة عام على إصدار بريطانيا وعد بلفور، الذي سلب من الفلسطينيين حقهم في هذه الأرض"، وفق تأكيده.
وأكد العالول أن "مؤتمر إسطنبول لا يقف خلفه أي حزب سياسي على الساحة الفلسطينية، حيث لم توجه أي دعوة لفصيل فلسطيني لحضور المؤتمر، وذلك للمحافظة على أهدافه المتمثلة بإبقاء المؤتمر شعبيا يضم مختلف الجاليات الفلسطينية في الشتات".
واعتبر العالول أن أحد أهم أهداف المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج "يمكن القول إنه قد تحقق قبل انعقاده، ويتعلق الأمر بحجم التفاعل الذي رصدناه؛ حيث من المقرر أن يشارك فيه ممثلون من أغلب الجاليات الفلسطينية في الشتات"، على حد وصفه.
وفي السياق ذاته، أعرب أمين أبو راشد، منسق عام مؤتمر فلسطينيي أوروبا، وهو أحد أعضاء اللجنة التحضيرية لمؤتمر إسطنبول، عن سعادته بالجهود التي يبذلها القائمون لإنجاح هذا المؤتمر، بالرغم من الضغوط التي تمارسها عليهم منظمة التحرير، "وهذه إشارة واضحة على عمق الحضور الفلسطيني في الخارج، ومدى اهتمامهم بقضايا شعبهم"، وفق قوله.
وتساءل أبو راشد في حديث خاص لـ"
عربي21" عن دور منظمة التحرير في احتضان أكثر من خمسة ملايين فلسطيني في الخارج والاهتمام بمشاكلهم، "بدلا من توجيهها اتهامات مفبركة ليس لها أي أساس من الصحة"، على حد وصفه.
وتشير تقديرات جهاز الإحصاء الفلسطيني للعام 2016 إلى تخطي أعداد فلسطينيي الشتات خمسة ملايين و250 ألف لاجئ، يستحوذ الأردن على العدد الأكبر من هؤلاء
اللاجئين، حيث وصل عددهم إلى ثلاثة ملايين نسمة. أما في أوروبا، فقد وصل عددهم إلى 280 ألفا.
ويبرز دور فلسطينيي أوروبا مقارنة بالمناطق الأخرى في العالم من خلال تنظيمهم للمؤتمرات السنوية التي يشرف عليها مركز العودة منذ خمسة عشر عاما. ومن المقرر أن يعقد المؤتمر السنوي لهذا العام في منتصف نيسان/ أبريل القادم، بحسب ما أعلنه رئيس المركز، ماجد الزير.
تهميش اللاجئين
من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي من غزة، فايز أبو شمالة، أن النشاط المكثف لفلسطينيي أوروبا في السنوات الأخيرة بات "مصدر قلق يهدد شرعية تمثيل منظمة التحرير لفلسطينيي الشتات إذا لم تتحرك المنظمة لمعالجة هذا التقصير في أقرب وقت ممكن".
وأضاف أبو شمالة لـ"
عربي21" أن منظمة التحرير منذ توقيع اتفاق أوسلو للسلام في العام 1993 "همّشت بشكل مقصود فلسطينيي الخارج، وهذه حقيقية يستدل بها من خلال عدم إدراج قضية المغتربين الفلسطينيين في مفاوضات الحل النهائي مع الجانب الإسرائيلي، التي لم تحقق أي مكاسب على الأرض تفتخر بها السلطة الفلسطينية"، كما قال.