تعرض عدد من نواب
برلمان الانقلاب المعارضين لتوجهات النظام، لحملة انتقادات وتشويه "شرسة"، عبر وسائل الإعلام المؤيدة للانقلاب ولرئيس
مجلس النواب علي عبد العال وأعضاء الأغلبية؛ وصلت إلى حد إصدار توصيات بإسقاط عضوية بعضهم، وتقديم بلاغات قضائية لمحاكمة آخرين بتهم مختلفة.
وقال مراقبون إن قائمة النواب المضطهدين، الذين كانوا بالأساس مؤيدين للانقلاب؛ يأتي على رأسها: رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور
السادات، وهيثم الحريري، والمخرج خالد يوسف، وأحمد طنطاوي، وإلهامي عجينة، وسعيد حفني، وأحمد الشرقاوي، ومحمد عمارة، وسمير غطاس.. وجميعهم تعرضوا للطرد من جلسات البرلمان، أو أحيلوا للتحقيق بعدما اعترضوا على طريقة إدارة البرلمان، وتكميم أفواه المعارضين.
وأظهر هؤلاء النواب وغيرهم معارضتهم لبعض مواقف النظام، مثل اتفاقية تيران وصنافير، وقانون ضريبة القيمة المضافة، وقانون الخدمة المدنية، وقرض صندوق النقد الدولي.
إسقاط عضوية السادات
وعقدت لجنة القيم بمجلس نواب الانقلاب، جلسة خاصة الأحد، للتحقيق مع النائب محمد أنور السادات، الذي يعد أحد النواب المعارضين، وأوصت بعدة عقوبات بحقه، من بينها إسقاط العضوية عنه.
وقال أمين سر لجنة القيم والمتحدث باسمها، النائب إيهاب الطماوي، في تصريحات صحفية، إن اللجنة أصدرت ثلاث توصيات، الأولى بإسقاط عضوية السادات لإدانته بتزوير توقيعات عدد من النواب على بعض مشروعات القوانين، والثانية بإسقاط عضويته لإدانته بإرسال معلومات للاتحاد الدولي للبرلمانات بشأن أسرار إحدى مؤسسات الدولة، والثالثة بحرمانه من الحضور حتى نهاية دور الانعقاد؛ لإدانته بتسليم مشروع قانون الجمعيات الأهلية إلى سفير إحدى الدول الأوروبية.
وكان السادات قد دخل في صراع مع رئيس البرلمان بعد نشره معلومات حول موازنة مجلس النواب، أظهرت شراء سيارات فارهة بعشرات الملايين من الجنيهات، حيث قال
عبدالعال إن ميزانية البرلمان لا يجوز نشرها في وسائل الإعلام لأنها من مسائل الأمن القومي.
نواب مضطهدون
وقال السادات، في تصريحات صحفية، إنه يأتي في مقدمة النواب المضطهدين داخل المجلس، حيث يعاني من التربص به منذ اليوم الأول لدخوله البرلمان.
وأكد أنه يتعرض إلى حرب شرسة بعد توليه رئاسة لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، حتى اضطر في آب/ أغسطس الماضي إلى تقديم استقالته من رئاسة اللجنة؛ بسبب تقييد اللجنة، والرغبة في إغلاق ملفات مسكوت عنها، مثل الاختفاء القسري، والتعذيب في السجون، والإفراج عن المعتقلين.
ودشن السادات ائتلاف "حق الشعب" في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، الذي ضم 40 نائبا، باعتباره معارضة وطنية تحت القبة، وأعلن نواب آخرون تشكيل تكتل "25/30" المعارض، في إشارة إلى ثورة 25 كانون الثاني/ يناير 2011، وأحداث 30 حزيران/ يونيو 2015، وأصدروا بيانا انتقدوا فيه إدارة علي عبد العال لجلسات البرلمان، وعدم منحه المخالفين لرأي الأغلبية فرصة للتعبير عن مواقفهم.
وفي هذا السياق؛ يواجه النائب هيثم الحريري اتهامات بالاستيلاء على المال العام والجمع بين وظيفتين حكوميتين، وتم رفع الحصانة البرلمانية عنه تمهيدا لمحاكمته. كما تعرض النائب خالد يوسف لحملة انتقادات بدأت بعرض الإعلامي أحمد موسى صورا فاضحة له في برنامجه، واستمرت حتى القبض عليه بمطار القاهرة قبل أيام بتهمة حيازة مخدرات قبل أن يتم الافراج عنه لاحقا.
أما النائب أحمد طنطاوي فيتعرض للهجوم من رئيس البرلمان الذي هدده أكثر من مرة بالاستبعاد من الجلسات بداعي مخالفة قواعد إدارة الجلسات.
أسلوب الحزب الوطني
وقال الباحث السياسي أيمن عبد الوهاب، إن حملات التشويه للمعارضين ليست جديدة على أتباع السلطة، فهذا الأسلوب مارسه الحزب الوطني سابقا في عهد حسني مبارك، فشوهوا كل من قال كلمة حق، أو عارض سياسات النظام، والآن يتبعون الأسلوب ذاته لتشويه رموز ثورة يناير عبر تسريب مكالماتهم الشخصية.
وأضاف لـ"
عربي21" أن ضحايا حملة التشويه الآن داخل البرلمان؛ هم أعضاء تكتل 25/ 30 الذي يقوده النائب هيثم الحريري وخالد يوسف؛ لأن هذا التكتل "يعبر عن ثورة يناير وفكرة العدالة الاجتماعية" على حد قوله.
وأوضح عبد الوهاب أن "السبب المحرك لحملات التشويه في هذه الفترة؛ هي قضية تيران وصنافير التي وجد فيها النظام نفسه عاريا أمام الشعب، كما أن نواب 20/ 30 كانوا في صدارة أعضاء البرلمان الذين رفضوا التنازل عن الجزيرتين وقالوا إنهما تتبعان لمصر، فأراد النظام أن يشغلهم في معارك شخصية كي يمرر البرلمان قوانين بعينها".
صنيعة الأجهزة الأمنية
أما أستاذ العلوم السياسية إبراهيم نصر؛ فأبدى دهشته من كم التشويه الذي يتعرض له النواب لمخالفتهم رأي الأغلبية، مشيرا إلى أن الموضوع وصل إلى "درجة عالية من الفجاجة؛ تظهر قبح المنظومة الديمقراطية بأسرها".
وقال لـ"
عربي21": "لو فكر النظام ومؤيدوه بشيء من العقل؛ لتركوا من يعارضهم يعمل بحرية، واستخدموا أساليبهم القانونية في إثبات وجهة نظرهم، خصوصا أن النواب المعارضين في البرلمان معدودون على أصابع اليد، وغير مؤثرين على قرارات البرلمان".
وأكد نصر أن رئيس البرلمان علي عبد العال دخل في خصومة شخصية مع النائب محمد أنور السادات، بسبب كشفه لقضية السيارات الفارهة التي اشتراها لنفسه، وبدلا من أن يقدم عبد العال نفسه للمساءلة باعتباره متهما في تلك القضية؛ جعل الأمر شخصيا بينه وبين نائب يحقق في وقائع فساد، مشيرا إلى أن هذا التوجه من رئيس البرلمان غير مستغرب، حيث إنه تم تعيينه في الأساس من قبل الأجهزة الأمنية حينما كان عضوا في "ائتلاف دعم
مصر".