قام عدد من أهالي ونشطاء مدينة
طبرق (شرق
ليبيا) بإغلاق مقر مكتب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، رفضا للزيارة المرتقبة للداعية السعودي السلفي
أسامة العتيبي، الثلاثاء، بهدف تقديم "دروس دينية ومحاضرات توعوية لسكان المدينة".
وأكدت الوزارة التابعة للحكومة المؤقتة -غير المعترف بها- أنها سمحت للعتيبي -وهو أحد تلامذة الداعية السعودي
ربيع المدخلي- بإلقاء الدروس والمحاضرات والندوات في المناطق التي يرغب في الذهاب إليها، بالتنسيق مع مديري مكاتب الأوقاف في هذه المناطق"، بحسب رسالة صادرة عن مكتب الشؤون الإدارية للوزارة.
وأثارت دعوة الشيخ العتيبي، المؤيد للواء
خليفة حفتر، إلى
شرق ليبيا، ردود فعل غاضبة، واستياء من قبل الأهالي وبعض الناشطين، كون الداعية السعودي أشاد من قبل بمصادرة مديرية أمن المرج (شرق ليبيا) شحنة من الكتب أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، كما أنه هاجم الصوفيين والخوارج والإخوان المسلمين والعلمانيين، خلال محاضراته في عدد من المساجد في الشرق الليبي.
ورقة القبيلة
ورأى الباحث الليبي في الجماعات الإسلامية، علي أبو زيد، أن "غضب أهالي طبرق هو ردة فعل غاضبة على سيطرة التيار السلفي ليس على الأوقاف فقط، وإنما على كثير من الأجهزة الأمنية، وتغلغله فيها".
وقال لـ"
عربي21" إن "هذا الغضب لن يصل إلى انتفاضة ضد التيار السلفي الوهابي؛ لأن الوهابيين يحسنون استخدام الورقة القبلية في طبرق، والتي ستمنع تطور هذا الحراك".
واستدرك أبو زيد: "لكن ربما يتفاقم الأمر في سياق آخر، وهو محاولة حفتر السيطرة الشمولية على المنطقة الشرقية بما يقوم به حاليا من إضعاف أية شخصية أو قوة تتمتع بأي نوع من الاستقلالية، بما في ذلك القوى القبلية الموالية له، كما حدث مع قبيلة العواقير، وفي هذا السياق ربما تكون لردات الفعل هذه ارتدادات غير محسوبة".
من جهته؛ أكد رئيس مركز "اسطرلاب" للدراسات (مستقل) عبدالسلام الراجحي، أن "أهل مدينة طبرق من داعمي ومؤيدي الحركة السنوسية (الصوفية)، وهي في عداء تام مع التيار السلفي الوهابي"، مشيرا إلى أن "الاحتقان والغضب على استقدام داعية وهابي لهما بعد تاريخي".
وقال الراجحي لـ"
عربي21" إن "حفتر لا يستغل التيار السلفي وحسب، وإنما يستغل كل ما هو متاح من أجل الوصول إلى السلطة، وهو مستعد لقبول الدعم من جماعة
الإخوان المسلمين، والجماعة الليبية المقاتلة؛ لو كانت هذه المساعدة توصله إلى حكم ليبيا".
تسييس الدين
وقال الناشط السياسي الليبي أسامة كعبار لـ"
عربي21" إن "ما حدث في طبرق ضد زيارة الداعية السلفي أسامة العتيبي؛ له دلالة كبيرة على أن عموم الشعب الليبي يرفض التصنيف أو التبعية لأي انتماء أو استقطاب، وأنه على وعي وإدراك لعمليات تسييس الدين، وإقحامه لدعم تيارات أو شخصيات بعينها".
لكن المحلل السياسي الليبي، المقيم في إيطاليا، محمد فؤاد، أكد أن "العصب الأساس لقوات حفتر، وخاصة بعد خلافاته مع قبائل الشرق، هو تيار (المداخلة) الذي بدأ صراعه مع التيار العلماني المؤيد لحفتر الآخذ كذلك في الازدياد والظهور للعلن"، مشيرا إلى أن "الاحتجاجات وغلق مكتب أوقاف طبرق؛ دليل على هذا الاحتقان، وخاصة أن أغلب أهالي الشرق يتبعون المذهب المالكي" وفق قوله لـ"
عربي21".
من جهته؛ قال الناشط السياسي في الشرق الليبي، فرج فركاش، إن "ما رأيناه في طبرق هو تعبير عن الشارع الليبي بصفة عامة، وعن الشخصية الليبية التي ترفض أن يملى عليها ما يجب فعله، أو عدم فعله".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "الحكومة المؤقتة -غير المعترف بها- استخدمت التيار الوهابي في ترسيخ مفهوم طاعة ولي الأمر"، لافتا إلى أن هذا التيار "انتشر في الغرب الليبي بقوة السلاح".
أما الكاتب الصحفي الليبي، عبدالله الكبير؛ فرأى أن "أغلب المدن الليبية سترفض الدعوة
الوهابية؛ لأن هناك احتقانا ورفضا للتيارات المتطرفة والمتشددة في الداخل الليبي، ومنها السلفي".
وقال لـ"
عربي21" إن "أغلب الليبيين رفضوا بعنف التيارات الإسلامية المتشددة، حتى قبل أن يقمعها نظام القذافي في ثمانينيات القرن الماضي" على حد قوله.