تواترت التصريحات الإعلامية من داخل مركز القرار لحركة
النهضة في
تونس، خلال الساعات الأخيرة، حول "حملة منظمة تستهدف شخص زعيمها
راشد الغنوشي، وتتحرش بالحركة" وفق تعبير الغنوشي خلال مؤتمر صحفي مساء الأربعاء.
وقال الغنوشي، في الاجتماع الرسمي الأول للمكتب السياسي للنهضة بعد مؤتمرها العاشر، إن الحملة التي تتعرض لها "النهضة" تتمثل أساسا في الحديث عن ترشح الأخير لمنصب رئيس الجمهورية، ووجود خلافات بين رئيس البلاد
الباجي قايد السبسي، ورئيس "النهضة" الغنوشي.
وأوضح زعيم "النهضة" أن هناك من يُروج لـ"تحذيرات من مخاطر ترشح الغنوشي للرئاسة، والادعاء في مناسبات عديدة بوجود خلافات بينه وبين الرئيس قايد السبسي"، مستدركا بأنه التقى الثلاثاء بالرئيس التونسي "في جو مثمر وجيد كالعادة" وفق تعبيره.
وأضاف الغنوشي، وفق ما نقلته وكالة "تونس أفريقيا" للأنباء، أن "علاقته برأس السلطة في قرطاج بخير"، لافتا إلى أن التحالف بينه وبين الرئيس قايد السبسي "هو الحلقة التي قامت عليها سياسة التوافق منذ البداية"، بحسب تعبيره.
وقال إن "خصوم هذا التوافق يرتكزون باستمرار على هذه الحلقة، في محاولة لكسرها أو للمساس بها"، معتبرا أن هذه المحاولات "ليست بريئة، ولا تريد لتونس الخير" على حد وصفه.
خلافات داخلية
ورأى الإعلامي والمحلل السياسي، صلاح الدين الجورشي، أن اهتمام وسائل الإعلام المتواصل بما يحدث داخل حزب النهضة، أو خارجها مما هو متعلق بها "ينطلق من الخلافات التي حصلت خلال المؤتمر العاشر للحركة، وما زالت العديد من التساؤلات مطروحة حول مآل هذه الخلافات".
وأضاف الجورشي لـ"
عربي21" أن "النهضة" اليوم لا تعكس وحدة مطلقة، "فقادة الحركة يعترفون بوجود وجهات نظر مختلفة مطروحة داخل الحركة، والأغلبية اليوم هي التي تقود الحركة، ملتفة حول ما يمسك به زعيمها راشد الغنوشي كرئيس للحزب".
لكنه أوضح أن الخلافات داخل النهضة "لا تعني بالضرورة أنها مهددة بالانقسام، إذ لا تزال الآليات والمؤسسات داخل الحركة تدل بوضوح على رغبة مكوناتها في التعايش، وهو العنصر الطاغي على العلاقات داخلها".
التوافق هو الغالب
ولفت الجورشي إلى أن "الخلافات داخل الحركة تنضج تدريجيا، دون أن تؤدي بالضرورة إلى انقسامها أو انفجار الحزب".
وأشار إلى أن اهتمام وسائل الإعلام بما يجري داخل الحركة؛ لا يعني بالضرورة وجود إرادة أو خطة لتقسيم "النهضة"، مفسرا حرص وسائل الإعلام على رصد كل مشكل يطرأ داخل أو خارج الحركة؛ باعتبارها الحزب الوحيد الذي استطاع إدارة خلافاته واختلافاته، وحافظ على تماسكه الداخلي.
واستبعد التسليم بوجود تناقضات أو فتور في علاقة الشيخين (السبسي والغنوشي) "إذ لا يزال التوافق بينهما هو الغالب، رغم وجود تباينات حول بعض المسائل".
وأضاف الجورشي: "إرادة الغنوشي واضحة في الإبقاء على العلاقة الطيبة والواضحة مع رئيس البلاد منذ لقاء باريس في صيف 2013".
العلاقة بين السبسي والغنوشي
من جهته؛ قال القيادي في حركة النهضة، عجمي الوريمي، إن أسباب فتور العلاقة بين السبسي والغنوشي "غير موجودة أصلا"، مضيفا أن "من يلمح إلى خلاف بين الأخيرين، أو يصرح بوجود علاقة باردة؛ فحديثه لا يستقيم قولا وفعلا"، وفق تعبيره.
وتابع الوريمي لـ"
عربي21" بأن "النهضة" وافقت على مبادرة رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، "بل هي اليوم مكون أساسي فيها، وهي الداعم الأبرز لها داخل البرلمان".
وقال إن "ما يروج حول علاقة الرئيس السبسي بالشيخ الغنوشي؛ عار عن الصحة، ولا رصيد له في الواقع، وخاصة حين نعلم أن الأول كان في زيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فيما كان الثاني يؤدي مناسك الحج، فكيف نتحدث عن خلاف بينهما؟".
وأشار إلى أن الحكومة اليوم تسير وفق برنامج يستند إلى وثيقة قرطاج التي وقعتها حركة النهضة منتصف شهر تموز/ يوليو الماضي، مؤكدا أن علاقة "قايد السبسي والغنوشي تقوم على أساس متين منذ لقاء باريس، ولا تخضع لأية حسابات سوى مصلحة تونس".
من يقف وراء الشائعات؟
وتوقع الوريمي أن تكون بعض الأطراف الرافضة للدور الكبير الذي يلعبه الغنوشي في تكريس الوحدة الوطنية والتوافق والابتعاد عن الاستقطاب؛ هي التي تروج لوجود خلافات داخل الحركة، وكذلك بين رئيس البلاد وزعيم "النهضة".
ونشرت صحيفة "الشروق" الأربعاء، حوارا مع القيادي النهضوي رفيق عبدالسلام تحت عنوان "واهم من يراهن على انشقاق النهضة"، أكد فيه أن النهضة ليست حزبا "ستالينيا" مغلقا، وهو ما جعلها تصمد أمام محاولات الاستهداف "ومن يراهن على الانقسام لن يجني غير السراب" وفق تعبيره.
وقال وزير الخارجية في حكومة الترويكا، رفيق عبدالسلام: "للأسف؛ ثمة أطراف تريد خلق بؤر توتر بإثارة مواضيع بطريقة خبيثة، مثل زيارات الغنوشي للخارج مثلا، بزعم أنها دبلوماسية موازية للدولة، كما أنها تعمل على إثارة المخاوف والهواجس من النهضة مجددا.. وهذه يجب فضحها والتشهير بأصحابها".