ملفات وتقارير

السيسي يدشن حملة ترويجية لتأخير ثورة الجياع في مصر

إعلانات باهظة الثمن تدعو الفقراء للتقشف - أرشيفية
خوفا من تصاعد الاحتجاجات الشعبية على تدهور الأحوال المعيشية في مصر، وتحولها إلى ثورة جياع، بدأت الحكومة في نشر إعلانات تدعو المواطنين إلى تحمل إجراءاتها التقشفية ورفع الدعم.
 
وأغرقت تلك الحملة البلاد بإعلانات مكلفة للغاية عبر التلفزيون والإذاعة ولافتات الطرق، تحت شعار "بالإصلاح الجريء نقصر الطريق"، لإقناع المصريين بأن فرض مزيد من الضرائب ورفع الدعم عن السلع الأساسية هي إجراءات في صالحهم!.
 
ويتوقع محللون أن ترفع الحكومة تدريجيا الدعم عن الخدمات والسلع الأساسية، وأن تعوم العملة المحلية كجزء من برنامجها الإصلاحي المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي لتحصل مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار.
 
الدواء المر
 
وانتشرت اللافتات الإعلانية في شوارع القاهرة تصف الإجراءات الصعبة التي بدأت الحكومة في تطبيقها بأنها بمثابة الدواء المر الذي لا مفر منه حتى يتعافى الاقتصاد.
 
تضمنت الحملة شعارات تربط بين الأمل وتحمل الصعاب، من بينها "الخوف والشك بيطولوا الطريق" "نقدر نقوي عملتنا وننعش اقتصادنا" و"بترشيد استهلاكنا نحد من وارداتنا".
 
لكن مراقبين تساءلوا عن الجهة المجهولة التي مولت هذه الحملة الضخمة، التي تكلفت عشرات الملايين من الجنيهات لإقناع المواطنين بالتقشف؟!.
 
كما أعلن مواطنون رفضهم للانتقادات التي وجهتها الحملة للشعب، وتحميله مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، واتهامه بالكسل وعدم إتقان العمل، والإقبال على استيراد السلع غير الضرورية.
 
بروفة مقلقة
 
ويقول مراقبون إن الانتشار المكثف لهذه الإعلانات يعكس قلق النظام من رد الفعل الشعبي على هذه الإصلاحات المرفوضة شعبيا، وما قد يصاحبه من احتجاجات عنيفة، خاصة في ظل التراجع الشديد في شعبية السيسي بين أوساط مؤيديه.
 
وكان مئات المواطنين قطعوا طريق الكورنيش بالقاهرة، الخميس الماضي، احتجاجا على اختفاء حليب الأطفال المدعوم، في بروفة على ما يبدو لما يمكن أن يحدث إذا رفعت الحكومة الدعم عن مزيد من السلع الأساسية.
 
ونقلت وكالة أنباء "أسوشيتدبرس" الأمريكية عن خبراء مصريين قولهم إنه إذا أرادت الحكومة فرض التقشف على الشعب فيجب أن تبدأ بنفسها أولا.
 
وأشارت إلى أن كثيرا من المصريين لا يؤيدون هذه الإجراءات، حيث يتهمون النظام بالضغط على الطبقات الفقيرة، ومحاباة القضاة ورجال الجيش والشرطة، كما ينتقد الكثيرون عدم اتخاذ النظام أي إجراءات جادة لمواجهة الفساد المستشري بالمؤسسات العامة، الذي يلتهم عشرات المليارات سنويا.
 
الغلاء يخنق المصريين
 
ويبدو أن الجميع في مصر لم يعودوا قادرين على إخفاء حجم الغضب الشعبي من ارتفاع الأسعار، بما في ذلك أكثر الإعلاميين المؤيدين للنظام.
 
وقال الصحفي مصطفى بكري، عبر برنامجه على قناة "صدى البلد"، إن الغلاء يخنق المصريين، وإن الحكومة يجب عليها عدم ترك الشعب فريسة للمعاناة، محذرا من مؤامرة شريرة لدفع المصريين للثورة من جديد على النظام.
 
كما حذر الصحفي عبد الله السناوي من خطورة الوضع، وقال في مقال له بصحيفة "الشروق" إنه لا يمكن إقناع مواطن جائع بتحمل المعاناة بينما لا يرى الحكومة تتقشف أو تواجه الفساد أو تقوم بتوزيع عادل للأعباء على رجال الأعمال والطبقة الوسطى".
 
وسخر الصحفي "سعيد الشحات" من هذه الحملة، مؤكدا أنها امتداد لحملات كاذبة اعتاد عليها المصريون منذ سبعينيات القرن العشرين، كانت تروج في عهدي السادات ومبارك لوعود لا تتحقق ورخاء مقبل إن هم فقط تحملوا إجراءات الإصلاح الاقتصادي.
 
وأكد الشحات، في مقال له بصحيفة "اليوم السابع"، أن المصريين يدورون في دائرة جهنمية من الغلاء لا يعرفون متى تنتهي، ولم يعد المواطن يملك ترف زيادة الاستهلاك حتى يطالبه النظام بالترشيد!.
 
ضريبة جديدة مع حلول العيد
 
وقبل حلول عيد الأضحى المبارك بأيام، أصدر قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، الخميس، قانون الضريبة على القيمة المضافة، بعد أن أقره مجلس النواب الأسبوع الماضي، ليبدأ العمل به رسميا في البلاد من اليوم.
 
وأكد مراقبون أن تطبيق هذه الضريبة سيسبب موجة جديدة من الغلاء تصيب كافة السلع والخدمات.


ووفقا لبيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء يوم الخميس، وتلقت "عربي21" نسخة منه، فقد قفز معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين في مصر إلى 16.4% خلال شهر آب/ أغسطس الماضي، مقابل 14.8% في تموز/ يوليو، وهو أعلى مستوى له منذ كانون الأول/ ديسمبر 2008.
 
وأعلنت الحكومة في مطلع آب/ أغسطس الماضي عن رفع أسعار الكهرباء بنسب تراوحت بين 33% إلى 47%، تنفيذا لخطة الرفع التدريجي لدعم الطاقة.
 
وكان السيسي أعلن في خطاب له أثناء افتتاح مصنع للبتروكيماويات في الإسكندرية الشهر الماضي أنه سيتخذ إجراءات إصلاح اقتصادي صعبة دون تردد بعد أن كان من سبقوه من الرؤساء يتجنبونها؛ خوفا من اندلاع احتجاجات شعبية، كما حدث عام 1977 في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
 
وبدأ الإعلام المؤيد للنظام حملة ممنهجة لتهيئة المجتمع لتحمل موجة الغلاء المقبلة، ووصف السيسي بأنه قائد جريء يضحي بشعبيته الجماهيرية لإنقاذ مستقبل وطنه!.