نشرت مجلة سلايت الناطقة بالفرنسية، تقريرا حول
الدعايات التي تظهر على شاشات حواسيب مستخدمين
الانترنت، قالت فيه إن حربا حقيقية تدور منذ سنوات بين مستخدمي الانترنت الذين يريدون التخلص من الرسائل الإعلانية المزعجة التي تظهر فجأة على الشاشة، وبين مبرمجي المواقع الإلكترونية الذين يريدون إيصال هذه الرسائل لتحقيق الربح المادية.
وأضافت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مستعملي شبكة الإنترنت ظلوا لسنوات يعتمدون على
برمجيات قديمة للتخلص من الرسائل الدعائية التي تظهر لهم على الشاشة، لكن مع وصول ما يسمى بـ"برمجيات
الحجب" التي أنتجتها شركة أبل، والتي تعمل على حواسيب ماك وهواتف الآيفون؛ احتدم الجدال بشأن هذه المسألة في الفترة الأخيرة.
وأشارت إلى أنه من المعروف أن المواقع التي تقدم خدماتها بشكل مجاني للمستخدم؛ مضطرة في المقابل لعرض بعض النوافذ الدعائية، رغم أن هذا يزعج الزوار، وذلك حتى تتمكن من تأمين بعض المداخيل التي تغطي مصاريفها، ولكن المشكل يتمثل في أن بعض هذه الدعايات تكون أحيانا فظة ومزعجة، وتتضمن انتهاكا لخصوصية المستخدم.
وأضافت أن مطور برمجيات أمريكي، يدعى داريوس كازمي، قدّم مؤخرا برمجية جديدة للحجب تقوم بصد الدعايات التي تحتوي على تفرقة عرقية، ولكن هذه البرمجية لا تقوم فقط بحجب النافذة الإعلانية، بل تحجب كل محتوى الصفحة، عملا بقاعدة "إذا لم تكن تريد رؤية الدعايات؛ فلن نسمح لك بالاطلاع على المحتوى بشكل مجاني".
وذكرت المجلة أن النوافذ الإعلانية التي تظهر عند تصفح المواقع؛ تسبب تباطؤا في سرعة الإنترنت، ما يجعل برمجيات الحجب مهمة جدا لتسريع عملية التصفح وتجنب إهدار وحدات الإنترنت، ولكن تأثير هذه البرمجيات يعد كارثيا على أصحاب المواقع الإلكترونية، وخاصة الصغيرة منها، "فقد أظهرت دراسة أجرتها شركة "أدوب" التي تقوم بتحليل معطيات الشبكة العنكبوتية، أن برمجيات صد الدعايات ستكلف أصحاب المواقع الإلكترونية 22 مليار دولار من الخسائر في عام 2015 فقط، بما أن حجم مداخيلهم مرتبط بعدد الزوار الذين تصل إليهم الدعاية".
وقالت "سلايت" إن 200 مليون شخص حول العالم يستخدمون برمجيات صد الدعايات، ويصل العدد في أوروبا وحدها إلى 77 مليون، كما أن عدد مستعملي هذه البرمجيات يرتفع بشكل ملحوظ بالنسبة لزوار المواقع التي تقدم المستجدات والمعلومات التكنولوجية.
وعرضت المجلة في تقريرها أهم المحطات التي مر بها هذا الصراع الغريب بين رواد مواقع الإنترنت، وبين أصحاب هذه المواقع وبرمجيات حجب الدعايات، في معركة كر وفر سعى خلالها كل طرف للحفاظ على مصالحه.
وذكر التقرير أن المحطة الأولى كانت بدايتها في سنة 2008، حيث كانت مواقع الإنترنت تعرض رسالة تحذير للزائر من استخدام برمجية حجب الدعاية، وتدعوه لتعطيلها عند زيارة هذه المواقع، "ورغم أن هذه الظاهرة انحسرت كثيرا في المدة الأخيرة؛ فإن مواقع هامة مثل موقع صحيفة الغارديان البريطانية؛ لا تزال تدعو مستخدميها لعدم تفعيل برمجية الحجب عند زيارتها.
وبحسب التقرير؛ فقد ذهبت بعض المواقع الإلكترونية إلى أبعد من ذلك في حرب الدعايات على الشبكة العنكبوتية، حيث نشر موقع لإحدى الجمعيات النسوية مناشدة "لمتابعاته الوفيات" لعدم تفعيل برمجية الصد، كما عمد موقع مجلة "ليكيب" الرياضية الفرنسية، خلال بطولة كأس العالم التي أقيمت بالبرازيل؛ إلى حرمان زواره الذين يستعملون برمجية الحجب من مشاهدة مقاطع الفيديو، فيما وصل الأمر بأحد مواقع ألعاب الفيديو إلى حد عرض رسالة تقول: "الحجب يعني السرقة".
وأشار التقرير إلى أن الكثيرين يعتبرون أن هذه التقنيات، التي من المؤكد أن المستخدمين لا يحبذونها، تمثل مستقبل الشبكة العنكبوتية، ناقلا عن الباحث الأمريكي أليكس كانكروفيتس قوله إن "هذه التقنية التي لا تعد كاملة بأي حال من الأحوال؛ تعطي فرصة لأصحاب مواقع الإنترنت للحصول على دخل مقابل جهودهم، وبالتالي مواصلة عملهم".
وذكر التقرير أنه في أواخر عام 2011، تم إطلاق نسخة جديدة من برمجية Adblock Plus التي تعد من أبرز برمجيات حجب الدعاية، مع تغيير طفيف يسمح بعرض بعض النوافذ الدعائية "المقبولة". وقد برر فلاديمير بالانت، أحد مطوري هذه البرمجية، هذا التغيير بالقول إن "ذلك يسمح فقط بعرض الدعايات التي لا تضايق المستخدم، ويضمن في نفس الوقت مصدر دخل لصاحب الموقع، حتى يكون الجميع مستفيدا".
وأضافت أن هذه الفكرة التي كانت في بدايتها مثالية؛ أخذت منحى أكثر انتهازية في شباط/فبراير 2014، عندما عقد مطورو برمجية Adblock Plus اتفاقا مع شركات عملاقة مثل غوغل ومايكروسوفت وأمزون، يسمح لها بدفع مبالغ مالية مقابل عدم التعرض للحجب ضمن برنامج عدم حجب "الدعايات المقبولة"، وهو ما اعتبره كثيرون خيانة للمستخدمين الذين قبلوا استخدام هذه البرمجية رأفة بأصحاب المواقع الصغيرة التي تعتمد على عائدات الدعاية لتغطية المصاريف.
وفي الختام؛ قالت المجلة إن هذه "الحلول الوسط" التي سمحت بعرض بعض "الدعايات المقبولة"، حظيت بترحاب كبير من أصحاب المواقع الإلكترونية والشركات التي تعتمد على الإعلانات لتسويق منتوجاتها، ولكنها قوبلت بنفور كبير من قبل المستخدمين، الذين فضل أغلبهم اعتماد برمجيات حجب قديمة لا تفرق بين الإعلانات المقبولة وغبر المقبولة.