كشف مصدر دبلوماسي ليبي مطلع، عن انعقاد اجتماع سري مغلق، الثلاثاء الماضي، في تركيا، بين رئيس
المؤتمر الوطني الليبي نوري
بوسهمين، والسفيرة الأمريكية السابقة لدى ليبيا
ديبورا جونز، بحضور القائد العسكري في قوات "
فجر ليبيا"
صلاح بادي.
وأوضح المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن هويته- أن الهدف من اللقاء هو محاولة الحصول على دعم أمريكي لموقف رئيس المؤتمر الوطني الرافض للحوار، والذي يرى أن الحل يجب أن يكون عسكريا وليس سياسيا، مؤكدا أن اللقاء "كان سلبيا"، وأن بوسهمين "فشل فيما كان يصبو إليه".
وأضاف لـ"
عربي21": "اللقاء تم بدون علم السفير الليبي بتركيا عبدالرزاق مختار، إلا أن السفيرة الأمريكية السابقة لدى ليبيا أخبرته أمس الأربعاء بشأن اللقاء".
وبيّن أن صلاح بادي قال لديبورا إن "معركتنا هي حرب مقدسة، وإن المبعوث الأممي برناردينو ليون يهودي الديانة، وكذلك سفير المملكة المتحدة لدى ليبيا مايكل آرون، وهنا أوصته السفيرة الأمريكية بأن لا يتحدث بمثل هذا الخطاب مع سفير أمريكا الجديد في ليبيا بيتر باد".
واتهم المصدر رئيس المؤتمر الوطني بأنه "متصلب في رفضه المشاركة بالحوار الذي يهدف لإنهاء الأزمة الليبية"، بالإضافة إلى أنه "يصادر حق نواب المؤتمر، ويمارس وصاية عليهم، سيكون لها آثار سلبية على القضية الليبية" على حد قوله.
وقال إن "بوسهمين يبحث عن دولة قوية تقف معه حتى تاريخ 21 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، الذي تنتهي فيه المدة القانونية للبرلمان الليبي المنعقد في طبرق، أي إنه يريد بقاء المؤتمر، ونهاية البرلمان دستوريا"، مضيفا أن "المشكلة في ليبيا ليست قانونية، وإنما انقسام سياسي امتد لبعض أبناء الشعب الليبي".
وكشف المصدر عن أن دولا كثيرة، مثل إيطاليا وأمريكا وتركيا والجزائر، رفضت تماما طلب بوسهمين، مؤكدة أنها جزء من المجتمع الدولي الذي يسعى للحل السياسي عبر
الحوار، وأنها لن تقف أمام الحل الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
وأشار إلى أن المؤتمر الوطني رفض الانضمام إلى جلسات الحوار الأخيرة، التي أفضت إلى توقيع اتفاق سياسي ليبي يجمع الفرقاء في البلاد، "وهدد قادة تابعون للمؤتمر، من بينهم صلاح بادي، وعبدالرحمن السويحلي، بإطلاق حملة عسكرية لاسترجاع ما فُقد جراء تقدم قوات الجيش الوطني خلال الأشهر الماضية باتجاه العاصمة".
وأوضح أنه "كان من المفترض أن يعقد المؤتمر الوطني جلسة خاصة به اليوم الخميس، وكان من المأمول أن يقرر الالتحاق بالحوار، إلا أن بوسهمين المتواجد خارج ليبيا حاليا، اتصل بأعضاء المؤتمر، وطلب منهم عدم انعقاد أي جلسات أثناء تواجده بالخارج" على حد قوله، لافتا إلى أن بعثة الأمم المتحدة حددت الأحد القادم لاستئناف جلسة الحوار، وهو ما يعني أن المؤتمر لن يلتحق بالحوار.
وشدّد المصدر على أن "المخابرات المصرية هي من يقف خلف موقف بوسهمين، بهدف إظهار المؤتمر الوطني أمام المجتمع الدولي في صورة المماطل للحوار، وربما الرافض له، وبهذا يبقى خيار المشروع المصري لتسليح الانقلابي خليفة حفتر هو الراجح".
وكشف عن أن "مخابرات مصر استخدمت شركة علاقات عامة أمريكية للترويج لفكرة رفض المؤتمر للحوار، والتي تم تمريرها لبوسهمين عبر اتصال هاتفي، وللأسف وقع في هذا الفخ الكثير ممن هم في صف الثورة" على حد قوله، مضيفا أن الشركة الأمريكية تسوق أن انتخابات الولايات المتحدة ستُجرى في شهر تشرين الأول/ أكتوبر القادم، وسيفوز الجمهوريون بها، وعندئذ ستقف أمريكا مع المؤتمر الوطني".
وتابع: "رفض التوقيع على وثيقة الصخيرات بغرض كسب الوقت ليس في صالحنا، فلو سلّمنا أن البرلمان ستنتهي ولايته في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل؛ فإن السيناريوهات المتوقعة هي إما أن يعلَن عن مجلس عسكري في شرق البلاد كي يستغل هذا الفراغ، ونوفر له بيئة مناسبة، وهذا هو أسوأ الاحتمالات.. أما أحسن الاحتمالات، فهو انتخابات مبكرة تنشئ جسما تشريعيا جديدا، لكن السؤال المطروح هنا هو: هل سيفوز تيّار الثورة في هذا الجسم التشريعي؟ أنا أتوقع أن يكون تمثيله فيه أسوأ من سابقه".
وقال المصدر إن "بوسهمين عندما التقى الخميس والجمعة الماضيين في الجزائر، رئيس البعثة الأممية إلى ليبيا برناردينو ليون، ووزير خارجية إيطاليا باولو جانتيلوني، بوجود سفير الشؤون المغاربية والأفريقية الجزائري عبدالقادر مساهل؛ لم يتكلم سياسة، ولم يستفد من اللقاء، وإنما ألقى خطبة عاطفية عصماء"، مشيرا إلى أنه "أخطأ خطأ فادحا حينما اصطحب معه عبدالرحمن السويحلي، الذي هدده الاتحاد الأوروبي بإصدار عقوبات ضده؛ كونه أحد معرقلي الحوار".
ووقعت أطراف ليبية، من بينها
مجلس النواب المنحل في طبرق، وعمداء مجالس بلدية، أبرزهم المجلس البلدي في مصراتة، على وثيقة الاتفاق السياسي بالصخيرات المغربية في ختام الشهر الماضي، غير أن المؤتمر الوطني العام اعترض على مضمونها.
وتتصارع على السلطة في ليبيا حكومتان؛ هما الحكومة المؤقتة، المنبثقة عن مجلس النواب المنحل في طبرق، ومقرها مدينة البيضاء (شرقا)، وحكومة الإنقاذ، المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، ومقرها طرابلس.