هل اتحد العالم ضد
الثورة المصرية؟ نعم حدث هذا؛ فها هي أمريكا وبمشاركة إسرائيل تُطَّوع أوروبا بجلالة قدرها، ليتحدوا جميعا على قلب رجل واحد، ولا يكتفون بما يقدمونه من عون مادي ومعنوي للانقلاب، وإنما يلتفون حول المؤيدين للثورة - وهم قلة - ليمارسوا عليهم كافة أنواع الضغط حتى يضطروهم للتحول من معسكرهم إلى معسكر مؤيدي الانقلاب.
كان من الطبيعي أن تفعل أمريكا وأنصارها ذلك، لأنهم من المستحيل أن يجدوا في المستقبل وحتى يوم القيامة مصريا يحارب لهم محافظة مصرية لتأمين إسرائيل، ويدعوهم لشن حرب على جميع الدول الإسلامية بزعم محاربة الإرهاب، ويقود لهم هذه الحرب الشعواء ضد أعدائهم من التيار الإسلامي في مصر وخارجها.
ومع ذلك لم ينحن الشعب المصري ولن ينحني حتى تتحقق إرادته، فنحن الشعب المصري صانع المعجزات، باني الأهرامات، مبدع التماثيل بغير آلات، أول من خط بالقلم وعلم جميع الحضارات لينقل البشرية من ظلمات الجهل إلي نور حملها إلى أحضان السماوات.
نحن الشعب المصري الذي هزم الهكسوس والفرس والروم والتتار والمغول والفرنسيين والإنجليز واليهود في حرب أكتوبر 1973 المجيدة.
نحن الشعب المصري الذي إذا استشعر الخطر أخرج كل طاقاته وإمكاناته وإبداعاته، ليصنع المستحيل، نحن الشعب الذي لا يقبل الهزيمة ولا يرضى بغير النصر بديلا.
لقد ظهر التآمر الدولي على الثورة المصرية بشكل لم يعد محلاً للجدل، فها هي قطر التي تقف ضد الانقلاب، وتؤيد الشرعية منذ اللحظة الأولى تعلن فجأة وقف قناة الجزيرة مباشر مصر، على نحو يكشف مدى النشاط الذي يقوم به اللوبي الدولي المؤيد للانقلاب والمشارك فيه، لوأد الثورة المصرية واستمرار الأوضاع في العالم العربي والإسلامي كما هي: استبداد وفساد واحتكار للسلطة والثروات وتبعية للغرب المستعمر الذي زرع معظم الأنظمة العربية المستبدة منذ بدايات القرن العشرين، وما زال يدعمها ويحافظ عليها حتى الآن.
لقد حانت لحظة الاستنفار، لحظة إطلاق زئير الأسد، لن نخضع ولن نستسلم ولن نرضى بغير تحرير أوطاننا، كل أوطاننا، من الغرب المستعمر وعملائه الذين استعبدونا من عشرات السنين.
تذكروا أجدادكم الذين طردوا الهكسوس من وادي النيل حتى أعادوهم إلى بلادهم في آسيا، ثم احتلوها وحكموهم. تذكروا أجدادكم الذين حرروا مصر من حكم الأسر الليبية. تذكروا أجدادكم الذين حرروا مصر من الفرس. تذكروا أجدادكم الذين أغاثوا شعب مصر من ويلات الروم.
تذكروا صلاح الدين الأيوبي الذي استعان بشعب مصر وحرر بيت المقدس. تذكروا سيف الدين قطز الذي استعان بشعب مصر وأوقف سيل المغول بعد أن غمر العالم كله وهزموهم شر هزيمة. تذكروا أجدادكم الذين حرروا مصر والعالم العربي من الاحتلال الفرنسي، تذكروا أجدادكم الذين حرروا مصر والعالم العربي من الاحتلال الإنجليزي، تذكروا أجدادكم الذين عبروا خط بارليف بهتاف "الله أكبر".
لا يضرنكم من تخلى عنكم، لأن الله عز وجل هو الذي ينصركم من قديم الزمن، تذكروا أن بلدكم وشعبكم في أشد البلاء بعد أن وقع في أيدي من يحاربون محافظة مصرية ويفتكون بأهلها لتأمين إسرائيل، ويدعون الغرب في كل لحظة للفتك بالعالم الإسلامي بحجة الحرب علي الإرهاب التي تعلَّم صدقي صبحي والسيسي دروسها على أيدي الدكتورة شريفة زهير، الأستاذة بجامعة بن غوريون الإسرائيلية. تذكروا أنهم يقتلوننا في الشوارع بزعم ارتكاب جريمة التظاهر بعد أن أصبح التظاهر حقا من حقوق الإنسان تعترف به وتمارسه كل شعوب العالم.
تذكروا أن إسقاط الانقلاب في مصر هو تحرير للعالم العربي والإسلامي كله من قيود الاستعمار، وانطلاق إلى فضاء المنافسة والندية مع كافة الأمم التي طالما استخفت بنا بعد أن استعبدتنا بتقديم الرشاوى لبعض المؤسسات وأسمتها المساعدات.
تذكروا أن عجزنا عن قهر الانقلاب معناه أن نحيا في جحيم لعشرات السنين على أيدي رجال فاسدين لا يعرفون من الدنيا سوى الحفاظ على سلطة لا يستحقونها وإنما يفرضونها بقوة السلاح، والحفاظ على ثروات من الحرام هي أجرهم على ما يرتكبونه في حق الشعب من جرائم لإخضاعه لغيره من الأمم.. رجال لا تأخذهم بالشعب شفقة ولا رحمة، يؤيدهم من شيوخ السلاطين من يفتيهم "اضرب في المليان"، أولئك الشيوخ الذين كانوا في يوم من الأيام يسبون آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم، لإرضاء هذا السلطان أو ذاك ليرمي في وجوههم كيسا من الدراهم أو الدنانير.
تذكروا الثورة الفرنسية التي انتصرت على جميع ممالك أوروبا بعد أن أعلنت هذه الممالك تآمرها على الثورة ودعوتها للاحتشاد لنصرة الملك لويس السادس عشر وإعادته إلى السلطة والقضاء على الثورة.
اللهم ارزقنا الصبر والثبات وبلغنا نجاح المقاصد وتحقق الغايات.