يقول تقرير نشره موقع "بلومبيرغ" إن السعوديين يقبلون على استخدام شبكات
التواصل الاجتماعي بشكل كبير كوسيلة للتعبير عن الإحباط، مستغلين الزيادة النسبية في مساحة الحرية في هذه الوسائل، خاصة بعد ثورات الربيع العربي عام 2011.
وكدليل على حجم التفاعل من خلال الشبكات الاجتماعية، يشير الموقع إلى ما جرى حين كشفت الحكومة
السعودية عن برنامجها للإسكان الشهر الماضي، حيث أعلنت عن نيتها توفير بيوت بأسعار معقولة للمواطنين. مضيفا "لم تمض ساعات على إذاعة الخبر حتى بدأ الناس يوجهون انتقاداتهم لوزارة الإسكان، فكتب أحدهم على تويتر قائلا إن الوزارة "تعد كثيرا، ولا نزال ننتظر تنفيذ شيء من تلك الوعود".
وعلق آخر قائلا إن على الوزارة أن تحل مشاكل المشاريع السابقة قبل أن تبدأ في مشاريع جديدة، وقامت الوزارة بالدفاع عن نفسها في اليوم نفسه فيما يعتبر ردا نادرا من الحكومة على السخط الشعبي في نظام ملكي مطلق.
ويضيف التقرير أن السعوديين الذين يشكلون أكبر نسبة لمستخدمي تويتر نسبة لعدد السكان في العالم يلجئون للإنترنت من أجل التعبير عن رأيهم، ولتجنب الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام التقليدية، ولمساءلة الحكومة بطريقة تغير علاقتهم بالعائلة الحاكمة، آل سعود.
ويقول إن مثل هذه الأفعال كانت ستنتهي بفاعلها سابقا إلى السجن، ولكن السلطات السعودية بدأت تتقبل المزيد من الحرية على الإنترنت منذ بدأت انتفاضات الربيع العربي عام 2011.
تقول لوري بلوتكن بوغارت، الزميلة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، والتي تتابع التوجهات في الإعلام السعودي والخليجي، إن "شبكات التواصل الاجتماعي توفر مساحة للتفاعل غير مسموح بها في المجتمع.. وترى القيادة السعودية أن استخدام تلك الشبكات كوسيلة للتعبير عن السخط أمر يفرضه واقع الحياة المعاصرة، ويجب احتماله لأن منعه قد يؤدي إلى مزيد من السخط".
ويستخدم حوالي ثلث مستخدمي الإنترنت السعوديين تويتر كل شهر، وهذه أكبر نسبة في العالم بحسب شركة (بير ريسيرتش). كما أن "يوتيوب" و"انستاغرام" هما الأكثر استخداما في المملكة بعد تويتر.
ومما يساعد على هذه الزيادة في استخدام الانترنت بحسب التقرير هو النمو الاقتصادي بنسبة 3.6% العام الماضي، بالإضافة إلى مبادرات التوظيف وتركيبة المجمتع السعودي الذي يشكل الشباب فيه تحت سن الثلاثين أكثر من النصف.
وقام الملك عبدالله المولود عام 1924 بزيادة الحد الأدنى لأجور العمال السعوديون، كما أنه زاد الإنفاق لمنع الاضطرابات السياسية التي عصفت ببلدان عربية أخرى، وأمر بتمويل غير مسبوق لبناء الشوارع والمطارات والمراكز الصناعية لتخفيف اعتماد البلاد على مداخيل النفط.
كما قامت شركتا الاتصالات؛ الاتصالات السعودية واتصالات الإتحاد بتوسيع خدماتهما لسد حاجة المستهلكين. وقد وصلت خدمات الإنترنت إلى 55% من الشعب بحسب احصائيات منظم الاتصالات.
كما ويلاحظ التقرير أن النقاشات التي تدور في فضاء الإنترنت تتباين بشكل كبير عن الامتثال لعناصر الحياة في مجتمع إسلامي محافظ.
يقول ديفيد وينبيرغ، الزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية في واشنطن، والذي يتابع التغيرات السياسية والاجتماعية في السعودية: "تميل الحياة الاجتماعية في السعودية إلى أن تكون منضبطة وملتزمة بالتقاليد، ولكن هذه الحدود تذوب تماما على الإنترنت".
ويعلق فهد ناظر الذي عمل كمحلل في السفارة السعودية في واشنطن سابقا، بالقول إن الحكومة السعودية تحاول القيام بموازنة دقيقة، فبينما "سمحت بضرورات الحياة العصرية تلك، فإنها أيضا حساسة تجاه المحافظين".
وقد تم منع بعض برامج المحادثة، ففي حزيران/ يونيو منعت سلطة الاتصالات برنامج "فايبر"، وهو تطبيق مجاني لتلفونات الجوال، وهددت الشركات التي لا تلتزم بالتعليمات. أما الإعلام الحكومي، فلا يزال يخضع للرقابة، ولكن حتى هنا أصبحت النقاشات أكثر انفتاحا.
يقول ناظر: "لا شك بأن الثقافة السياسية بدأت بالتغير؛ ببطء ولكن بخطوات ثابتة، والفضاء الافتراضي العام يسمح للسعوديين بأن يناقشوا في الفضاءات العامة ما كانوا يناقشونه في المجالس الخاصة".