ما فتئت "إسرائيل" ووسائل إعلامها تتقول على الأردن، وتنسب له ما لم يقله، وهو أمر اعتدنا عليه كلما حل في بلادنا نتنياهو، فلم تخل زيارة له لعمان من كارثة، أو إشاعة، أو تصريحات تسيء للأردن، وتشوه صورته، كأنه يتعمد أن يفسد الأجواء في بلادنا، عبر بث سمومه القاتلة!
آخر هذه السموم -وربما لا تكون كذلك!- ما كشفه مسؤول "إسرائيلي" بارز عن "مزاعم" تقول إن الحكومة الأردنية أبلغت الحكومة "الإسرائيلية" بشكل رسمي، أنها تفضل بقاء الجيش "الإسرائيلي" على طول الحدود بين الضفة الغربية والأردن، وليس قوة فلسطينية(!)، وهذا المسؤول هو أوفير أوكينوس نائب الوزير في ديوان رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو حيث قال إن مسؤولين أردنيين حذروا نظراءهم "الإسرائيليين" من خطورة انسحاب الجيش "الإسرائيلي" من الحدود التي تفصل الأردن عن الضفة الغربية.
هذه السموم والمزاعم جاءت خلال كلمة له أمام منتدى في مدينة تل أبيب ليلة، السبت 18/1/2014، حيث أوضح أوكينوس، وهو أحد قادة حزب الليكود الحاكم، والمقرب من نتنياهو أن الإصرار "الإسرائيلي" على الحفاظ على تواجد عسكري في منطقة غور الأردن كجزء من التسوية الدائمة، يحظى بدعم واضح وصريح من الأردن، المعلومات لم تزل طازجة، حيث نقلت صحيفة "جيروسلم بوست" صباح الأحد عن أوكينوس قوله: "الأردنيون يعارضون الانسحاب الإسرائيلي من غور الأردن؛ لأنهم يخشون أن تقع الدولة الفلسطينية تحت سيطرة المتطرفين، مثل حركة حماس وتنظيم القاعدة، وهذا ما يمثل تهديداً للحكم في الأردن، وليس فقط تهديداً لتل أبيب".
وفي السياق، يهاجم أوكينوس الفلسطينيين، معتبراً أنهم يمثلون "عائقاً حقيقياً أمام تحقيق السلام"، معتبراً أن رفضهم الاعتراف بـ"إسرائيل" كدولة قومية للشعب اليهودي"، "يدلل على أن الصراع ليس صراع حدود، بل صراع على مجرد الوجود الإسرائيلي" (هو محق في ذلك!).
ويحذر أوكينوس من مغبة السماح بقيام دولة فلسطينية، محذراً من أن مثل هذه الدولة ستهدد المدن الإسرائيلية.
ويعيد أوكينوس هذا ترديد النغمة الإسرائيلية المشروخة التي تقول إن أكثر ما يمكن "السماح" به هو منح الفلسطينيين حكماً ذاتيًا مع صلاحيات واسعة، مشيراً إلى استعداد "إسرائيل" للتعاون اقتصادياً مع الإدارة الفلسطينية للحكم الذاتي.
ما يعني شيئًا من التطوير للوضع القائم، وهو حكم ذاتي منقوص ومهلهل، وسموه "دولة"!!
هذه هي تفاصيل السموم الإسرائيلية "الطازجة" التي بثتها "إسرائيل"، وهي تتناقض بشكل كامل مع الموقف الأردني المعلن الذي تكرر الحديث فيه آلاف المرات، وهو يركز على اعتبار قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 مصلحة أردنية عليا، ولا ندري كيف تقوم دولة مستقلة وحدودها بيد عدوها اللدود!
إن ما بثه هذا الـ"أوكينوس" يحتاج إلى إيضاح فوري من الحكومة الأردنية؛ لأنه يضخم من بذور الشك والفتنة بين أبناء الشعب الأردني وحكومته، وهو شك موجود أصلا، ولا يحتاج إلى كثير من الشحن.
ما قاله أوكينوس يتناقض بشكل جذري مع ما أعلنه الديوان الملكي بعد زيارة نتنياهو المشؤومة التي لم تحمل لنا دومًا إلا السواد والخراب..
نحن في انتظار الناطقين باسم الحكومة للتعقيب على هذا النبأ، كي نفرك بصلة في عيون كل من يحاول تشويه الموقف الأردني، وزرع بذور الحقد بينه وبين شقيقه في فلسطين المحتلة؛ ذلك أن أي فلسطيني يمكن ان تقع عينه على تصريح مسموم كهذا، سيشخص ببصره إلى الحكومة الأردنية، لتوضح هذا الكلام؛ لقطع دابر الشكوك التي ما فتئت تزرعها "إسرائيل" لشق الصف العربي، وغالبا ما تنجح للأسف!
هل ننتظر طويلا أم أن كل ما قيل صحيح، وهو ليس سمومًا ولا تقولات؟؟