على شرفة منزله في شرق العاصمة الأردنية، عمان، يجلس أبو يوسف وعائلته مع اقتراب عيد الأضحى من كل عام، لتحضير
كعك العيد في جو أسري، تفوح منه رائحة أيام مضت، ومستقبل يؤكد التمسك، بتقليد مارسه الأردنيون، منذ عشرات السنين، وما زال الأبناء محافظين على ذلك التقليد.
وقبيل العيد بأيام، تطلب أم يوسف من زوجها الذهاب للسوق، وإحضار مستلزمات الكعك، التي تتنوع ما بين الطحين "دقيق القمح" والتمر والجوز ومنكهات أخرى، إضافة للزيت والسمن، الذي يمنح الكعك مذاقًا مميزًا وطريًا، كما تقول أم يوسف.
وبعد إحضار مواد إعداد الكعك كاملة تتفق العائلة على يوم محدد قبيل العيد، حيث يتم إعداد العجين، وتجهيز التمر، والجوز، اللذين يستعملان لحشو العجين، ومن ثم البدء بالحشو وتزيين الكعك بعناية، ومن ثم وضعه بالفرن لخبزه.وخلال العملية، التي تستغرق ساعات ما بين العجن والحشو والتزيين والخبز، يتبادل أفراد الأسرة الحديث حول الأعياد الماضية، وكيف قضوها سواء ما يتعلق بتبادل الزيارات مع الأقارب والجيران أو الرحلات الترفيهية، أو التخطيط المسبق لبرنامج العيد المقبل.وحول ذكرياته مع كعك العيد، يقول أبو يوسف، الذي يقطن منطقة أم نوارة، "ما زلت أذكر ولم أنس، عندما كنت أجلس بجوار والدتي في السبعينيات من القرن الماضي وهي تعد لنا الكعك في كل عيد، وأعمل أنا وإخوتي على تقطيع التمر وتجهيزه، وإعطائه لوالدتي، التي كانت تحشوه وتضعه بالفرن، وتخرجه، ثم أمسك بقطعة منه وأبدأ بالأكل".
وتابع: "مذاقه، الذي ما زلت أذكره، دفعني إلى نقل هذه العادة الأصيلة إلى عائلتي التي تبذل مجهودًا كبيرًا في إعداده".ولا يقتصر أكل كعك العيد على أهل المنزل فقط، كما أكدت أم يوسف، وإنما للزائر والقريب والجار نصيب منه، حيث تقول: "بعد تجهيز الكعك والتأكد من مذاقه نقدم للضيوف الذين يزوروننا في العيد، ونرسل منه لأقاربنا، ونرسل طبقا من الكعك للجيران، الذين يعيدون الطبق مملوءًا بكعك صنعوه أو حلويات أخرى، وهذه العادة موجودة لدى الأردنيين منذ القدم".وتصنع محلات الحلويات العديدة في الأردن، كعك العيد وأنواعًا مختلفة من الحلويات، غير أن عائلات كثيرة، كعائلة أبو يوسف، ترفض شراءه جاهزًا على الرغم من التكلفة العالية والمجهود الذي يحتاجه إعداد الكعك في المنزل، وذلك لأسباب أهمها "النكهة المنزلية والأجواء الرائعة التي تسود الأسر خلال صنع الكعك"، بحسب أبو يوسف.