صحافة إسرائيلية

"طردنا الفلسطينيين من أرضهم والضفة تشتعل".. أولمرت يوجه نصيحة لأعضاء حكومة الحرب

يصعد الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته على الشعب الفلسطيني في الضفة منذ بدء العدوان على غزة- جيتي
تدخل حرب الاحتلال الإسرائيلي على غزة يومها الـ231 وسط دمار هائل في القطاع وفشل يلازم "إسرائيل" في تحقيق الأهداف التي أعلن عنها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بما في ذلك استعادة الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية.

لم تقتصر جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة فحسب، بل انتقلت للضفة الغربية المحتلة التي شهدت تضييقا على الفلسطينيين واعتقالات عشوائية وقتل دون تفرقة.

وفي مقال نشرته صحيفة هآرتس العبرية، قال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت، إن الأحداث التي تحدث في الضفة الغربية الآن هي "جزء من جهود تستهدف في نهاية المطاف إشعال النار في كل أرجاء يهودا والسامرة (الاسم الذي يطلقه الاحتلال على الضفة)، التي ستؤدي إلى حرب شاملة"، مطالبا أعضاء حكومة الحرب غانتس وايزنكوت "بإدراك أنهما يتحملان المسؤولية عن ذلك، وبالتالي الانسحاب من الحكومة".

وأضاف أولمرت أن دولة الاحتلال الإسرائيلي "توجد في ذروة حربين، الحرب في قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية والحرب في مناطق يهودا والسامرة، بعيدا عن اهتمام معظم المستوطنين".

وأشار إلى أن "الحرب على قطاع غزة، في الشمال وفي الوسط والآن في الجنوب في رفح، تستمر في التدحرج والمراوحة في المكان، الجنود الشباب يواصلون العملية البرية في محاولة لتدمير حركة حماس، بعد أن ظن البعض أنه تمت تصفيتهم أو إبعادهم، ولكنهم عادوا ويستمرون في القتال، وجنود الاحتلال الإسرائيلي هم الذين سيدفعون ثمن ذلك بحياتهم. أيضا الكثير من الفلسطينيين، ومن بينهم مدنيون، الذين وجدوا أنفسهم في قلب العاصفة في ميادين القتال، وقوافل المساعدات، التي تحاول الوصول إلى مليونين من سكان القطاع، ستواصل شق طريقها في البر وفي الميناء الجديد الذي أقامته الولايات المتحدة من أجل التسهيل على توفير الغذاء والمساعدات الإنسانية لمئات آلاف الأشخاص".

وقال رئيس وزراء الاحتلال الأسبق إن "إسرائيل محبوسة بين الحواجز تتعاون في توفير المساعدات، ليس بفرح وتفهم بل رغم أنفها لأن هذا هو الثمن المحتم والمبرر، الذي يمكن أن يعطي المبرر الأخلاقي لاستمرار الحرب حتى "النصر المطلق"، الذي من شبه المؤكد لن يأتي".

وتابع أولمرت في مقاله أنه "في المقابل، تتطور حرب إشاراتها ستغطي على كل المآسي والدماء والنار وسحب الدخان التي تغطي غزة ومحيطها، وهي الحرب في الضفة الغربية، في المناطق التي يطلق عليها المستوطنون يهودا والسامرة، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني منذ سنوات كثيرة، لم يهاجروا، إلى المناطق التي تعتبر بالنسبة لهم وطنهم، هم وآباؤهم ولدوا هناك، وأجدادهم وجداتهم ولدوا هناك. أيضا لا توجد لهم بلاد أخرى، مشيرا إلى أن الاحتلال يسعى لطردهم من بيوتهم، من أجل ضم هذه المناطق لدولة إسرائيل واستكمال مهمة حياة الجمهور المسيحاني المتطرف والرجعي والقاتل الآخذ في السيطرة على الحكم في دولة إسرائيل".

وأردف رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أنه يكرر أن الحرب في قطاع غزة هي "ليست أمل وطموح بن غفير وسموتريتش وأصدقائهم. تصميمهم على رفح ليس الهدف الحقيقي، هو فقط الملحق للحرب في الضفة الغربية، الفم في رفح والقلب في يهودا والسامرة".

 وقال أولمرت إن حرب المستوطنين ومؤيديهم، "جريمة برعاية الحكومة وغض نظر متعمد وسذاجة متوارعة لا يمكن أن تغطي على وحشيتها، ونتائجها الصادمة ليست فقط من نصيب ضحاياها في المستوطنات وفي الحقول والشركات وفي مراكز حياة الفلسطينيين، بل أيضا هي من نصيبنا، في كل أرجاء الدولة، حتى قبل 7 تشرين الأول كانت هناك أعمال عنف فظيعة للمستوطنين ضد الفلسطينيين".

وأضاف أنه "بطبيعة الحال يهتم بالحرب على غزة، ويشعر بالحزن الذي يصيبهم، ببيانات المتحدث بلسان جيش الاحتلال الإسرائيلي بأنه "سمح بالنشر" وبالبكاء على أبنائهم الذين يتم الكشف عن أسمائهم وهم في التوابيت لدفنهم، في ظل حزن الجميع، مشيرا إلى أنه من المهم الاستماع لقصص بطولة المحاربين الذين يعرضون حياتهم للخطر في العمليات من أجل العثور على جثث المخطوفين الذين قتلوا منذ أشهر، وإخراجهم من القبر المؤقت وإحضارهم للدفن في إسرائيل".

وطالب أولمرت بالانتباه "للحرب التي تجري في يهودا والسامرة، التي هي جزء من الحرب الوجودية التي تديرها دولة الاحتلال الإسرائيلي من أجل تجسيد حلم السيطرة المطلقة على أجزاء البلاد التي يريدون ضمها، وطرد من يعيشون فيها منذ أجيال".

وتابع أولمرت أنه إذا توهم أي أحد بأنه يمكن إخفاء هذه الأحداث في الضفة الغربية وتجاهلها فقد جاء رونين بيرغمان ومارك ميزتي من "نيويورك تايمز" (بيرغمان هو مراسل أيضا في "يديعوت أحرونوت") وكشفا الأفعال التي تحدث هناك بكل قبحها، وتقرير هذين المراسلين جعل الصورة واضحة، لم تعد خفية عن طريق جهود الطمس لشرطة إسرائيل، شرطة المناطق وفيالق بن غفير. هذه صورة صادمة.

منذ السابع من تشرين الأول حوالي 7 آلاف من سكان المناطق، معظمهم خدموا في جيش الاحتلال في السابق، تم تجنيدهم وتسليمهم السلاح؛ تم تعيينهم لحماية المستوطنين والمستوطنات؛ طلب منهم كشف وجوههم وعدم إقامة حواجز على الشوارع في الضفة، عمليا، الكثير منهم تركوا نوبة الحراسة في المستوطنات وقاموا بوضع الأقنعة على الوجوه وخرجوا للمواجهات مع سكان المناطق الفلسطينيين بعنف، الذي في حالات كثيرة انتهى بمصابين وتدمير ممتلكات وحتى القتل.

وقال إن "جهاز إنفاذ القانون في دولة الاحتلال الإسرائيلي يستخدم معايير مختلفة تماما للفحص والتحقيق عندما يتعلق الأمر بفلسطينيين مشتبه فيهم بالإرهاب مقابل إسرائيليين مشتبه فيهم بالإرهاب. الأخيرين يستخدمون الأقنعة التي يبدو أنها أعطيت لهم من أجل تحقيق الهدف الرئيسي لحكومة بنيامين نتنياهو وهو التطبيق المطلق وعديم الرحمة للسيطرة اليهودية على الأراضي، على حساب الفلسطينيين الذين يعيشون هناك، ومنذ أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر في بلدات غلاف غزة نفذ المستوطنون، شباب وشيوخ، 848 اعتداء في الضفة الغربية تسببت بإصابات بالغة في النفس وفي الممتلكات، حسب تقارير أجنبية وأشخاص يتابعون بحرص كل يوم ما يحدث في المناطق التي تعتبر دولة الاحتلال الإسرائيلي هي المسؤولة فيها عن حماية الأمن والقانون والنظام".

وأضاف أنه "تم طرد 18 تجمعا فلسطينيا بشكل كامل، و7 تجمعات تم طردها بشكل جزئي من أماكنها على أيدي المستوطنين العنيفين، ولم ينجح أي تجمع منها في العودة إلى مكانه، وسكانها يعيشون الآن في ظروف قاسية، في مناطق وفي ظروف لا تسمح لهم بالعيش، هذه مرحلة من مراحل تجسيد حلم أرض إسرائيل الكاملة بدون الفلسطينيين".

وتابع أنه "في هذه الفترة، منذ 7 تشرين الأول / أكتوبر، تم تنفيذ في يهودا والسامرة عمليات لرجال حماس، أوقعت الكثير من الضحايا في أوساط اليهود، من سكان المناطق وغيرهم. واضح أن الشباك والشرطة والجيش يجب عليهم العثور على القتلة واعتقالهم، وإذا كانت هناك حاجة تتم تصفيتهم بدون تردد، والجهات الأمنية تفعل ذلك، وهي تستحق التقدير على نشاطها. ولكن الأحداث الآن في المناطق هي أحداث مختلفة ولها تداعيات أكثر خطورة".

وأضاف أنه في الفترة الأخيرة تمكن كل من شاهدوا قنوات التلفاز الإسرائيلية من رؤية كيف أن عشرات الشباب الذين يرتدون القبعات ويحملون السلاح والعصي وقضبان الحديد انقضوا على عشرات الشاحنات التي تنقل الغذاء الذي يهدف إلى علاج الأزمة الإنسانية في قطاع غزة.

وأشار إلى أن هؤلاء الشباب قاموا بإيقاف الشاحنات واعتدوا على السائقين وأنزلوهم منها وصعدوا على الشاحنات وقاموا برمي الغذاء وأتلفوه، والشرطة لم تفعل أي شيء لمنع ذلك لم يتم اعتقالهم أو التحقيق معهم أو توقيفهم. لقد حان الوقت لتسمية الولد باسمه: برعاية حكومة إسرائيل ودعمها وتأييدها، سواء بشكل ناجع أو سلبي، فإنه تحدث في مناطق يهودا والسامرة معركة ستشعل الحرب التي ستجر ملايين السكان الذين يعيشون هناك.

وأكد أولمرت أن هذا هو الهدف الأسمى لبن غفير وسموتريتش وأصدقائهم. يبدو أنه بالنسبة للمستوطنين ومؤيديهم في الحكومة فإنه طالما أن الحرب تستمر في غزة، وطالما أن الجنود يراوحون في المكان بدون حاجة في رفح وفي مناطق أخرى في القطاع، وطالما أن الحرب المحدودة في الشمال مستمرة، وطالما أن عشرات آلاف سكان الشمال لا يعيشون في بلداتهم وبيوتهم، وبالأساس طالما أن الأسرى لم يعودوا إلى بيوتهم ورؤساء عصابات الحكم، لا سيما بن غفير، يعملون على منع عقد صفقة تؤدي إلى تحرير الأسرى – فإنه يمكن مواصلة العربدة في الضفة الغربية والتنكيل بالسكان الفلسطينيين وقتلهم، حتى غير المتورطين.

وقال إن الوقت حان لوقف أعمال الشغب هذه، والمسؤولية عن ذلك ملقاة في المقام الأول على الحكومة ورئيسها، ولكن من الواضح أن نتنياهو سيستمر في غض النظر، ومن المؤكد حتى أنه سيعطي التعزيز لبن غفير بسبب تصميمه كما يبدو على منع الإرهاب ومنح الامن لسكان يهودا والسامرة، الجميع متفقون على أن نتنياهو غير جدير بالثقة، وأنه لا توجد لديه نية أو رغبة أو قدرة أو التزام أخلاقي لمنع قتل الفلسطينيين على يد اليهود في الضفة الغربية.

وأضاف رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الأسبق أنه لا مناص من وضع هذا الطلب أمام زعيمين آخرين، العضوان في مجلس الحرب واللذان هما الآن الأمل الأخير لكثير من المستوطنين الذين لا يريدون أن يعيشوا في دولة أبرتهايد، بني غانتس وغادي ايزنكوت، هما مناسبان ومنطقيان ومحاربان بكل معنى الكلمة. عندما انضما لحكومة الدمار اعتقدت أنهما مخطئان، وقد قلت علنا بأنه عندما سيأتي اليوم الذي سيتم فيه إزاحة نتنياهو عن الكرسي، كما يستحق، فإنه يجب عليهما أن يكونا مع يئير لبيد، ذخر سلطوي سيحاول تشكيل حكومة جديدة تقوم بإعادة بناء إسرائيل قبل أن يكون الوقت متأخر جدا.


وقال أولمرت: "توقعت أكثر من مرة بأنه إزاء خداع نتنياهو، وإزاء غياب رؤية وأفق سياسيين في الحكومة التي هم أعضاء فيها، سيصلون إلى استنتاج أنه لا خيار أمامهم باستثناء الانسحاب من الحكومة"، وأنه سمعت المبررات التي نسبت إليهما، والتي تقول إن حكومة بدون غانتس وايزنكوت ستكون خاضعة بالكامل لهستيريا، وأنه من الأفضل أن يكون مجلس حرب مع غانتس وايزنكوت على أن يكون مجلس حرب فيه بن غفير.