مقابلات

برلماني جزائري لـ"عربي21": أدعو لاستخدام سلاح النفط في حرب غزة (فيديو)

يوسف عجيسة أكد أن "الجزائر تريد تطهير المؤسسات الدولية من التواجد الصهيوني"- عربي21
دعا البرلماني الجزائري ونائب رئيس المبادرة الجزائرية لنصرة فلسطين وإنقاذ غزة، يوسف عجيسة، الأمة العربية والإسلامية إلى "استخدام سلاح الطاقة والنفط في حرب غزة على غرار ما جرى استخدامه في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، خاصة أنها دول منتجة للطاقة"، لافتا إلى أن "الفرصة لا تزال قائمة حتى الآن لاستخدام هذا السلاح الهام والمؤثر، وأن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي".

بينما أبدى عجيسة، في حوار خاص مع "عربي21"، أسفه على ما وصفه بـ "تخاذل، وتآمر، وخنوع، وخضوع، الأنظمة العربية (لم يُسمّها) المتآمرة والمشاركة مع الكيان الصهيوني في قتله وحصاره لإخواننا في قطاع غزة".


واستطرد عجيسة، قائلا: "الغاز أصبح الآن قوة كبيرة جدا، ورأينا ذلك وأثره في الحرب الروسية، حينما قررت روسيا قطع  إمدادات الغاز عن أوروبا، وأصبحت أوروبا تبحث عن الشريك الموثوق والآمن، فوجدت الجزائر أفضل شريك موثوق لها".

وهاجم قيام أمريكا باستخدام حق الفيتو على مشروع القرار الجزائري لوقف إطلاق النار في غزة، قائلا: "ما جرى يؤكد أن هذه الدولة (المارقة) مُشاركة للكيان الصهيوني في عملية القتل، والإبادة الجماعية، وفي عملية التجويع لأهل غزة، ولا بد من إعادة النظر في استعمال كل الآليات والوسائل الدولية للوصول إلى إعادة هيكلة الأمم المتحدة وكل ما له علاقة بها".

يُشار إلى أن الولايات المتحدة استخدمت "الفيتو" بمجلس الأمن الدولي ثلاث مرات منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ضد مشاريع قرارات تدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة.

وإلى نص الحوار الخاص مع "عربي21":

كيف ترى الفيتو الأمريكي على مشروع القرار الجزائري لوقف إطلاق النار في غزة؟


بعد مرور 160 يوما من الإبادة الجماعية، والقتل الممنهج الذي تمارسه الآلة الوحشية للكيان الصهيوني على شعبنا في قطاع غزة، وكما تعلمون تقدمت الجزائر بثلاثة مشاريع قرارات من أجل وقف إطلاق النار، لكن حق النقض الأمريكي كان يجهض تلك المشاريع، الذي يتأسف عليه أعضاء مجلس الأمن الثلاثة عشر؛ فهناك 13 دولة كانت مع القرار، وامتنعت دولة واحدة عن التصويت، ثم جاء القرار الأمريكي باستخدام حق النقض، والذي يؤكد مرة أخرى أن هذه الدولة "المارقة" مُشاركة للكيان الصهيوني في عملية القتل، والإبادة الجماعية، وفي عملية التجويع.

الأمر يفوق الخيال، 13 دولة تستجيب لنداء الجزائر، ونداءات الشعوب، ونداءات الأنظمة التي تريد الوقف الفوري لإطلاق النار، لكن -مع الأسف– حضرت الهيمنة، والغطرسة.

الدول الخمس التي أُعطيت هذا الحق في مجلس الأمن إحداها هذه الدولة التي كلما كانت القضية مع الكيان الصهيوني لجأت إلى حق النقض دائما، بدون شرط، أو قيد.

كل الأعضاء يتأسفون ويتألمون أن هذه الدولة تعتبر نفسها فوق القانون، وهي تحيد بذلك عن الهدف الذي من أجله كان مجلس الأمن، من أجل تحقيق السلام، والأمن لكل الشعوب.

هل يجب إعادة النظر في إشكالية حق النقض «الفيتو» داخل مجلس الأمن الدولي؟

نعم، لا بد من إعادة النظر في كل المنظومة، وفي كل الهياكل التابعة للأمم المتحدة، ونبدأ بالأمم المتحدة: هناك 157 دولة صوّتت لوقف إطلاق النار في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولكن هذا القرار لا يؤخذ به، وهو يعتبر "غير إلزامي" إذن لا بد من إعادة النظر، وعمل إصلاحات كبيرة في الأمم المتحدة، وعلى رأسها مجلس الأمن الدولي، واستعمال حق الفيتو الذي أُعطي لهذه الدول الخمس من أجل الحفاظ على مصالحها.

الجميع يعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية لها مصالح كبيرة في الشرق الأوسط، وأنها تستعمل هذا الحق من أجل الحفاظ على مصالحها، وأن تبقى دائما وأبدا مُسيطرة.

الجزائر تقدمت بخطة إصلاحات كبيرة منذ سنوات لهيئة الأمم المتحدة، وهي المنتمية والممتدة في إفريقيا، فأرادت أن تضيف عضوين دائمين في مجلس الأمن لتمثيل إفريقيا، وكذلك منح حق الفيتو لدولة إفريقية أخرى، لأن المجلس الذي يحافظ على الأمن والسلم العالميين يضم دولا تستعمل هذا الحق ظلما وعدوانا وطغيانا وتكبرا، لذا لا بد من إعادة النظر في ذلك قريبا وبشكل مُلح.

فحين ترى أن هذه الدولة ترفض قرار وقف إطلاق النار، والبشر يموتون، وحمامات دماء تجري، وتستعمل هذا الحق -وهو ليس بحق- في غير مبادئ الأمم المتحدة، ومبادئ مجلس الأمن؛ فكان من المفترض أنها تؤيد أول مشروع قرار يُصادق عليه مجلس الأمن بالإجماع، حتى تتوقف الحرب، وتسير والمفاوضات، ولكن مع الأسف هذه الدولة "المارقة" (الولايات المتحدة الأمريكية) ما زالت تستعمل هذا الحق فقط من أجل الحفاظ على دعم الكيان الصهيوني.

كيف يمكن إصلاح عمل الهيئات والمنظمات الأممية والدولية، وكيف يمكن إنهاء نظام الهيمنة الأحادية أو الثنائية على العالم؟

الدول الخمس تستعمل حق النقض فيما يخدم مصالحها، وقد لاحظنا من قبل استعماله حين انطلقت الحرب على أوكرانيا، وقد تستعمله الدول الأخرى.

أما عن كيفية الإصلاح: فلا بد أن تكون هناك إرادة سياسية أممية؛ فقد ظهر جليا أن هذا الحق لا يُستعمل من أجل نشر الأمن بين الشعوب، ولكن من أجل الحفاظ على مصالح ضيقة، وآنية لهذه الدول الخمس، وعندما استعمل الأمين العام للأمم المتحدة المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة، اتهمه الكيان الصهيوني بأنه يدعم الفلسطينيين، والإرهابيين، ويدعم حماس.

لا بد من جرأة، وتحرك أممي كبير، خاصة في هذا الظرف بالذات؛ فليس هناك ظرف مناسب لإعادة النظر في كل هياكل الأمم المتحدة مثل الآن.

وقد بات يظهر للعيان أن أمريكا والدول التي لها حق النقض تستعمله رغم شلالات الدماء، والإبادة الجماعية، ومحكمة العدل الدولية لها قراراتها أيضا، ولكن لا يؤخذ بها، ولا يعمل بها، إذن لا بد من إعادة النظر في كيفية استعمال كل الآليات والوسائل الدولية للوصول إلى إعادة هيكلة الأمم المتحدة، وكل ما له علاقة بها.

كيف تستثمر الجزائر وجودها داخل مجلس الأمن في الوقت الراهن؟

الجزائر الآن عضو غير دائم في الأمم المتحدة لمدة عامين، وكما ذكر رئيس الجمهورية، ومندوب الجزائر في الأمم المتحدة: إن الجزائر لن تألو جهدا في الحفاظ على القضايا العادلة، وعلى دعمها للقضية الفلسطينية، والدليل أنها في شهرين فقط قدّمت ثلاثة مشاريع قوانين من أجل القضية الفلسطينية.

ومن منطلق امتدادها الإفريقي، فهي تعمل من أجل الحفاظ على هذه القارة، ورفع الغبن عنها، وكذلك القضايا العادلة وفي القلب منها القضية الفلسطينية.

هناك أيضا قضايا عادلة كالصحراء الغربية، وهناك قضية بورما، وقضايا  أخرى في مجالات التنمية، والمناخ، وفي غير ذلك؛ فالجزائر تستثمر كل الجهد من أجل دعم ومساندة القضية التي تمثلها.

الجزائر انتخبت من قِبل أطراف عربية وإفريقية، وستعمل على دعم الهيئات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية، وغيرها، حتى يكون لها وجود وحضور في هذا البرلمان العالمي –إن جاز التعبير- وهو الأمم المتحدة، ومجلس الأمن أيضا.

الجزائر دعت أكثر من مرة لتكون فلسطين دولة كاملة العضوية داخل الأمم المتحدة، وهي تعمل على ذلك منذ ترقية عضويتها من مراقب إلى عضو كامل العضوية في هيئة الأمم المتحدة.

لماذا لم تتطرق قمة منتدى الدول المُصدّرة للغاز في العاصمة الجزائرية للعدوان الإسرائيلي على غزة؟ ولماذا لا يتم استخدام سلاح النفط في هذه الحرب؟

إقامة منتدى الدول المُصدّرة والمنتجة للغاز في الجزائر له معنى كبير جدا؛ خاصة وأن الجزائر تبوأت مكانتها الإقليمية والدولية والعالمية، وقد جرى الحديث عن القضية الفلسطينية، وما يعانيه شعبنا الفلسطيني من إبادة في كل مداخلات الرؤساء والزعماء ورؤساء الحكومات وممثلي الدول، كانت تندد كلها بما يتعرض له الأخوة في غزة من مجازر، وإبادة الجماعية، لكن لم يتطرق البيان الختامي للأمر ربما لأن السياق اقتصادي وجيوسياسي.

وقد أثير الموضوع في المداخلات، وضمن خطابات العديد من الدول، مثل الجزائر، وإيران، وقطر، وموريتانيا، ونيجيريا، وكثير من الدول حتى فنزويلا من دول جنوب أمريكا.

كل هذه الدول تساند القضية، لكن لا ندري ما حيثيات كتابة البيان الختامي، وقد تحدث الجميع بأنه لا بد لكل دولة أن تكون لها مصلحتها، وألا يستخدم منع الغاز كأداة للعقاب. الغاز أصبح الآن قوة كبيرة جدا، ورأينا ذلك وأثره في الحرب الروسية، حينما قررت روسيا قطع  إمدادات الغاز عن أوروبا، وأصبحت أوروبا تبحث عن الشريك الموثوق والآمن، فوجدت الجزائر أفضل شريك موثوق؛ فقد امتحنت الجزائر في تعاملها مع إسبانيا، عندما قطعت العلاقات بينهما، لكنها أبقت إمداد إسبانيا بالغاز والطاقة.

كان حري بالأمة العربية والإسلامية التلويح بورقة الطاقة والنفط على غرار ما جرى استخدامه في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، خاصة أنها دول منتجة للطاقة (البترول والغاز)، وأن تُهدّد كما هدّدت من قبل، ولكن –مع الأسف- ما زال التخاذل، والتآمر، والخنوع، والخضوع، وما زالت المذلة لهذه الأنظمة المتآمرة والمشاركة مع الكيان الصهيوني في قتله وحصاره لإخواننا في قطاع غزة، ورغم ذلك أدعو الأمة العربية والإسلامية لاستخدام سلاح الطاقة والنفط في حرب غزة، والفرصة لا تزال قائمة حتى الآن لاستخدام هذا السلاح الهام والمؤثر، وأن تأتي متأخرا خيرا من أن لا تأتي.

هناك مبادرة جزائرية تدعو لطرح ترشح دولة فلسطين للعضوية الكاملة على هيئات الأمم المتحدة.. هل هناك جديد على بخصوص تلك المبادرة؟

الجزائر ستستعمل هذا المنصب الذي أتيح لها واُنتخبت له في عضوية مجلس الأمن من أجل الحفاظ على القضية العادلة قضية فلسطين، والأمور الدبلوماسية وعلى رأسها العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة.

الجزائر تريد تطهير هذه المؤسسات الدولية من التواجد الصهيوني، وقد شاهد الجميع انسحاب الوفد الجزائري برئاسة وزير الخارجية أحمد عطاف، قبل بداية كلمة مُمثل إسرائيل في جلسة مجلس الأمن الدولية خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والجزائر أخذت على عاتقها إخراج الكيان الصهيوني من الاتحاد الإفريقي كمراقب، وجمّدت عضويته، وتعمل الآن من أجل إخراجه.

وبلادنا مع الشعب الفلسطيني ظالما أو مظلوما، ومع القضية الفلسطينية، كما تحاول أن تجمع شتات الفلسطينيين، وتجمع شملهم، وأن تتبوأ دولة فلسطين مكانة داخل الأمم المتحدة، وداخل المشهد الدولي.

ما مدى ارتباط النضال الفلسطيني بالنضال الجزائري وأوجه الشبه بينهما؟

حينما يُسأل الفلسطينيون عن سر هذا الثبات، وهذا الصبر، وهذه المقاومة، يقولون: إن ملهمنا هو الجهاد الجزائري؛ فالجزائر دولة ظلت تحت الاحتلال الفرنسي مدة قرن و32 سنة. والشعب الجزائري الذي يتصف بالإباء، وبالعزة، وبالأنفة، وبثوابته وهويته.. قد استطاع أن يخرج من نير الاحتلال، الحلف الأطلسي كله كان يحارب في الجزائر، وليس فرنسا فقط، ومع ذلك استطاع الجزائريون بما أوتوا من إمكانيات بسيطة أن يخرجوا فرنسا، التي كانت تقول: "إن الجزائر جزء من فرنسا"؛ فقد احتلت الجزائر لتصبح جزءا منها، لكن -والحمد لله رب العالمين- بقوة الرجال، وشجاعة الأبطال، والدماء الكثيرة التي أعطاها الجزائريون (قرابة مليون ونصف المليون شهيد) من الشهداء، وحصار غزة بدأ منذ 17 سنة فقط، ونحن نتحدث عن 132 سنة؛ فلذلك التشابه بين الشعبين كبير، ونشعر بإخواننا في فلسطين، ونشعر بما يعانون، ونشعر بالدماء التي تنزف كل يوم، ونشعر بعمليتي التجويع، والحصار التي يتعرضون لها، كما تعرض لها الجزائريون من قبل، تعرضوا للمجاعات، والحصار، وتعرضوا للقتل، والمجازر الوحشية، ففي 8 أيار/ مايو 1945 قُتل أكثر من 45,000 جزائري في يوم واحد، بل وحرقوا الجثث.

ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الآن من المجازر التي نراها يوميا، والتجويع، والقتل، ومنع إدخال المساعدات، ثم قتل وقصف الجياع.. تعرض له الشعب الجزائري من قبل، لذلك نجد أن أقرب شعبين بعضهم لبعض هما الشعب الجزائري، والشعب الفلسطيني.