مع تصاعد التحديات الأمنية التي يواجهها
الاحتلال في الجبهة الشمالية مع لبنان، تبرز تهديدات أخرى في ذات الجبهة، لكن هذه المرة في
الجليل الفلسطيني المحتل، حيث لم يفشل مشروع تهويده فحسب، بل أنه لم يعد يهم المسؤولين الإسرائيليين المنشغلين بالانقلاب القضائي، ما يعني فشل رؤية ديفيد بن غوريون أول رئيس حكومة للاحتلال الذي وضع الجليل نصب عينيه ضمن أطماع الحركة الصهيونية.
وحول الموضوع نشرت صحيفة "إسرائيل اليوم"
مقالا ليوعاز هندل وزير الاتصالات السابق قال فيه، "إننا فقدنا الجليل من الناحية العملية، هذه هي الحقيقة الماثلة في صيف 2023".
وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21”, "أن الحقائق تكشف كيف انتهت سياسة التخطيط للدولة في منطقة الجليل، حيث يقدر عدد سكانه من اليهود بـ 15 بالمئة فقط بالتزامن مع عودة الفلسطينيين إليه، والنتيجة أننا ليس فقط أمام فشل المشروع الصهيوني لتهويد الجليل فحسب، بل إننا أمام وزراء يستيقظون صباحا، وينامون ليلا، مع الانقلاب القانوني".
وأضاف، "أن وضع الجليل يكشف أن الحكومات اليمينية لم تفعل شيئا لأجيال طويلة لتهويده، خاصة في السنوات الخمس الماضية، بسبب غياب الاستقرار السياسي والحملات الانتخابية المتكررة، حيث لم تحظ هذه القضية بأي نقاش لا في الحكومة ولا بمجلس الوزراء".
وأوضح، "أن اليهود المقيمين في الجليل لديهم معدل بطالة أعلى بـ12٪ من المعدل العام في إسرائيل، ومعدل الجريمة أعلى بشكل ملحوظ، ومتوسط العمر المتوقع أقل بعامين، وعدد الأطباء 2.2 لكل 1000 شخص مقارنة بـ 5.4 في تل أبيب، وأسرّة أقل في المستشفيات للفرد بالإضافة لارتفاع تكاليف السفر، وارتفاع معدل الحوادث".
وأكد أن "الخطر المحدق بالجليل يكشف أن رؤية بن غوريون هي إخراج الإسرائيليين من مركز الدولة إلى الجليل والنقب، وإذ تنعدم احتياطيات الأراضي وسط الدولة، كما لا توجد فرصة لإيجاد حلول سكنية دون تحقيق هذه الرؤية".
وتابع، "خلال الأشهر السبعة الماضية لم تسهم الحكومة بأي طريقة لمواجهة هذا التحدي الهائل، واللافت أنه في عهد نتنياهو تم حصار جزء كبير من هذه التجمعات السكانية اليهودية في الجليل، وحتى يومنا هذا، لم يقم أحد بتشكيل لجنة تحقيق فيما حدث".
وأشار، "إلى أن الواقع القائم في الجليل يستدعي منا تشكيل لجنة تحقيق، لأننا أمام قضية ليست هامشية في تاريخ الدولة، بسبب الموازنات القليلة، والنتيجة هي خسارة الجليل لأن المنظومة السياسية الإسرائيلية غير قادرة على المبادرة بخطوة استراتيجية تجاهه".
وتابع، "علينا التأكد قبل ذلك من وجود حكومة مركزية، ووحدة صهيونية تعرف كيفية تحديد الأهداف الاستراتيجية، والتوافق عليها، وتنفيذها، بينما الحكومة الحالية تغرق في خلافات حول البنود القانونية، ومعها الدولة بأسرها".
ويرتبط إحباط الاحتلال من الفشل في تهويد الجليل مع وثيقة أمنية أعدها كبار الضباط، خلصت إلى أن وجود أغلبية فلسطينية في قلب الجليل شمال فلسطين المحتلة يعتبر خطرا استراتيجيا على الدولة، ويعتبرون أن معارضة الحكومة لمخططات تنمية
الاستيطان اليهودي في الشمال تزيد من مظاهر القومية العربية، مقابل ما تشهده منطقة الجليل من أقلية يهودية صغيرة أمام أغلبية عربية.
وبحسب الوثيقة فإن هذا الواقع الديموغرافي يشجع على ظهور وجهات النظر القومية بين فلسطينيي48، والتحريض ضد الدولة، زاعمين أن الطريقة الوحيدة لاستدراك هذا الوضع هي تعزيز الاستيطان اليهودي، وتغيير التوازن الديمغرافي.