اعتبرت منظمة "
هيومن رايتس ووتش" أن
برنامج تحويلات نقديّة آلية في الأردن ممول بشكل كبير من البنك الدولي تقوضه أخطاء وسياسات تمييزية وقوالب نمطية حول
الفقر.
وكشفت المنظمة في تقرير صدر في 74 صفحة، كيف يُصنّف برنامج التحويلات النقديّة الآلية في الأردن المعروف بـ"تكافل" دخل ورفاهيّة الأسر الأردنيّة لتحديد من الذين ينبغي أن يستفيدوا من الدعم، وهو نهج يُعرف بـ "استهداف الفقر". تغيّر اسم البرنامج منذ ذلك الحين إلى برنامج "الدعم النقدي الموحد".
وبحسب المنظمة، تتسبب البرامج التي تستهدف الفقر، والتي يموّلها البنك الدولي في الأردن وسبعة بلدان أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حرمان الكثير من الناس من حقهم في الضمان الاجتماعي، حتى الذين يعانون من الجوع ويتخلّفون عن سداد الإيجار ويرزحون تحت ديون كبيرة.
قال آموس توه، باحث أوّل في مجال التكنولوجيا وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش: "الكثير من الناس في الأردن لا يحصلون على دعم مالي لأنّ المصاعب التي يواجهونها لا تتناسب مع معنى الفقر كما يُحدّده نموذج الخوارزميات الصارم. ينبغي للبنك الدولي ألا يدع الوعد بتوفير بيانات وتكنولوجيا أفضل يصرف الانتباه عن إصلاحات الحماية الاجتماعية اللازمة لمنح الجميع فرصة لعيش حياة كريمة ".
ودعت المنظمة البنك الدولي والحكومة الأردنية إلى التوقف تدريجيا عن تحديد المستفيدين من التحويلات النقديّة استنادا فقط إلى الدخل والوضع الاقتصادي والاجتماعي، قائلة إنه "يتوجب عليهما إنشاء نظام حماية اجتماعيّة شامل، بما يضمن حصول كلّ شخص على دعم في مراحل أساسية من حياته".
أجرت "هيومن رايتس ووتش" 70 مقابلة، منها مقابلات مع 36 شخصا أو أسرة تقدّموا بطلبات لبرنامج تكافل وبرامج مساعدات اجتماعيّة أخرى، وكذلك خبراء في مجال الحماية الاجتماعيّة، ومنظمات المجتمع المدني، ونشطاء، ومسؤولون حكوميون أردنيون. في رسائل ومناقشات، شاركت الحكومة الأردنية أيضا مؤشرات أساسيّة تستخدمها الخوارزمية لاتخاذ قرارات التحويل النقدي. لكنها رفضت تقديم القائمة الكاملة أو القيم المحددة المخصصة لكل مؤشر.
وفقا لـ "صندوق المعونة الوطنية" (الصندوق) في الأردن، الجهة المسؤولة عن الحماية الاجتماعيّة التي تُدير برنامج تكافل، فإنه يقيّم أولا ما إذا كانت الأسر المتقدمة قد استوفت معايير الأهلية الأساسية للبرنامج، مثل ما إذا كان المُعيل مواطنا أردنيا وكانت الأسرة تعيش تحت خط الفقر. بالنسبة للأسر التي تستوفي المعايير، يُطبّق الصندوق بعد ذلك خوارزمية تستخدم 57 مؤشرا اجتماعيا واقتصاديا لتقدير دخلها وثروتها، وتصنيفها من الأقل إلى الأكثر فقرا. تُوزَّع التحويلات النقدية على الأسر التي تُعتبر الأكثر فقرا، حسب ما يسمح به التمويل المتاح.
أكّد الصندوق على أن المؤشرات، بمفردها، لن تستثني أي أسرة من تكافل؛ بل تُخصَّص لكل مؤشر قيمة تُحدّد أهميته النسبية في عملية الاستهداف. لكنه أقر بأن العائلات التي تمتلك سيارات عمرها أقل من خمس سنوات أو أعمالا تجارية بقيمة 3 آلاف دينار (4,200 دولار أمريكي) أو أكثر تُستبعد تلقائيا.
وجدت هيومن رايتس ووتش أن بعض هذه المؤشرات لا تدرك التعقيد الاقتصادي لحياة الناس بشكل كامل. كما أن تحويل مصاعب الأشخاص إلى ترتيب يُعطي الأفضلية لأسرة على حساب أخرى للحصول على الدعم يزيد من التوتر الاجتماعي ووجهات النظر واسعة النطاق بالإجحاف.
تعتقد إحدى سكان البربيطة في الطفيلة، واحدة من أفقر القرى في البلاد، أن سيارة عائلتها لعبت دورا في قرار الحكومة بحرمانهم من الدعم. قالت: "السيارة دمرتنا. نحن نستخدمها لنقل المياه والاحتياجات الأخرى. لكن أحيانا لا نملك المال لملئها بالديزل". أوضح الصندوق أن امتلاك السيارات القديمة لا يحرم العائلات من الدعم، لكنه أقر بأنه يؤثر على ترتيب الخوارزمية.
يأخذ تقدير الخوارزمية لدخل الأسرة أيضا في الاعتبار قيمة الأعمال التجارية الصغيرة التي تقل قيمتها عن 3 آلاف دينار (4,200 دولار)؛ وتُستبعد الأعمال التجارية التي تساوي أكثر. ذكر صاحب محلّ خياطة صغير في البلد، وسط مدينة عمان التاريخي، محلّه كسبب محتمل لحرمانه من الدعم، رغم أن الخسائر التي تراكمت أثناء جائحة "كورونا" أجبرته على اقتراض 12 ألف دينار أردني (16,900 دولار) لتغطية فواتير الكهرباء والإيجار واحتياجات أساسيّة أخرى.
وفي رد، قال البنك الدولي إن أنظمة المعلومات والتكنولوجيا يُمكن أن تساعد في تقديم برامج الحماية الاجتماعيّة، لكنها "ليست بدائل" عن التفاعل بين المؤسسات والناس.
وأضاف أنّ برنامج تكافل "أثبت أنه من أكثر البرامج القائمة على إعادة التوزيع الفعّالة في الحدّ من الفقر الموجودة حاليا في الأردن"، مشيرا إلى أنه يعمل مع صندوق المعونة الوطنيّة لتحسين خوارزميّة الاستهداف، ويتوقع نشر هذا التقييم في تموز/ يوليو 2023.
وختمت المنظمة تقريرها بالقول إنه "يتعين على الحكومة الأردنيّة إصلاح برنامج تكافل على وجه السرعة والبناء على البرامج الحاليّة لإنشاء نظام حماية اجتماعيّة شامل يحمي من انعدام الأمن في الدخل طيلة حياة الإنسان، بما في ذلك أثناء مراحل الحياة المشتركة مثل الشيخوخة والبطالة والمرض ورعاية الأفراد المُعالين".