يواصل بنك "
فيرست ريبابليك" الأمريكي نزيف انخفاض أسعار أسهمه، مع استمرار تخلص المستثمرين من حصصهم فيه، وسط مخاوف من أن يكون البنك الأمريكي هو التالي في سلسلة انهيارات المصارف الأمريكية، الأمر الذي يضعه أمام ثلاثة خيارات صعبة. وفق محللين اقتصاديين.
وأدت عمليات البيع إلى انخفاض الأسهم بأكثر من 35 في المئة في البورصة خلال اليومين الماضيين، وذلك عقب انهيار كبير في سعر السهم وصلت نسبته إلى 50 في المئة تقريبًا، بعد أن قالت المؤسسة إنها خسرت 100 مليار دولار من الودائع في آذار/ مارس الماضي.
وأنهت أسهم البنك، التي كانت قيمتها أكثر من 120 دولارًا في بداية العام، تداولها الثلاثاء عند 8 دولارات تقريبًا.
وتعرض "فرست ريبابليك" للضغط منذ أن أثارت سلسلة من إخفاقات البنوك في الولايات المتحدة الشهر الماضي مخاوف من حدوث أزمة أوسع نطاقاً.
وانخفض إجمالي ودائع البنك بنسبة 41 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، بحسب بيان للبنك صدر يوم الاثنين، ما دفع سهمه إلى مستويات قياسية من الانخفاض.
ماذا فعلت أسعار الفائدة في البنك؟
وكان يُنظر إلى بنك "فرست ريبابليك" الذي يتخذ من سان فرانسيسكو مقرا له على أنه عرضة لسحب المودعين أموالهم خشية انهياره، وتعرض للضغط بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، حيث يضطر إلى دفع المزيد للاحتفاظ بالودائع، بينما يكسب أقل من قروض المنازل التي يتم تقديمها عندما كانت أسعار الفائدة أقل.
وفي الشهر الماضي، تلقى تدفقات بقيمة 30 مليار دولار من بعض أكبر البنوك الأمريكية، وهي خطة إنقاذ تهدف إلى تعزيز الثقة في البنك، وهو الأمر الذي بدا وكأنه هدأ من المخاوف.
وقالت وسائل الإعلام الأمريكية، إن البنك يحاول إقناع البنوك التي دعمته من قبل بشراء المزيد من أصوله للمساعدة في دعم الأعمال التجارية. ويقولون أيضًا إن الجهات المنظمة والرقابية في حالة تأهب لكنهم غير مستعدين للتدخل بعد.
وظهرت المشكلات في القطاع المصرفي في الولايات المتحدة في وقت سابق من الشهر الماضي عندما انهار بنك وادي السيليكون، وهو البنك السادس عشر في البلاد، في أكبر فشل لبنك أمريكي منذ عام 2008، وتبع ذلك بعد يومين انهيار "سيغنيتشر بانك" في نيويورك.
وتدخلت السلطات لضمان الودائع التي تتجاوز الحدود المعتادة في محاولة لتجنب المزيد من عمليات السحب على الودائع المصرفية.
لكن هذه الخطوة التي قدرت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع تكلفتها بنحو 20 مليار دولار، لم تحل دون انتشار المخاوف.
ثلاثة خيارات صعبة
قال ديفيد شيافيريني المدير الإداري لأبحاث الأسهم لدى "ويد بوش سيكوريتيز" لشبكة "سي أن أن"، إنه لم يتبقَّ سوى ثلاثة خيارات قابلة للتطبيق من قبل بنك.
مواصلة صراع البقاء
أما الخيار الأول أمام "فيرست ريبابليك" فهو أن يحافظ على وضعه الحالي، ويواصل صراعه حتى في حالة تعثره كبنك قائم بذاته، وهذا يعني انتظار استحقاق أوراقه المالية وقروضه.
وذكر شيافيريني: "سيكون هذا طريقاً طويلاً، لكن لديهم بعض السيولة التي ستمكنهم من الاستمرار".
بيع الأصول للبنوك الكبرى
أشار شيافيريني إلى أن الخيار الثاني يتمثل في محاولة بيع البنك المتعثر بعض قروضه وأوراقه المالية بالتكلفة نفسها التي اشتراها بها للبنوك الكُبرى أو شركات الأسهم الخاصة، وفي المقابل، سيحصل المشتري على حصة أسهم ممتازة في البنك.
ولكن قال تشيافيريني إن هذا بيع صعب؛ إذ من المحتمل أن تُباع هذه الأصول بسعر أعلى بكثير من سعر السوق.
ومع ذلك، لا يزال بإمكان شركات الأسهم الخاصة الانقضاض وإنقاذ الموقف، كما قال تشيافيريني، «على الأرجح ستكون شركات الأسهم الخاصة مشاركة في هذا النوع من الصفقات، إنهم على استعداد لتحمل هذا النوع من المخاطرة".
الحراسة القضائية
وحول الخيار الثالث يرى تشيافيريني أن أكبر مخاوف المستثمرين هو لجوء بنك "فيرست ريبابليك" إلى الحراسة القضائية، إذ يمكن أن يكون للدخول في الحراسة القضائية عواقب وخيمة على عملاء البنك ومساهميه وموظفيه، وكذلك على النظام المالي الأوسع.
عندما يذهب بنك متعثر إلى الحراسة القضائية، فهذا يعني أن سلطة تنظيمية أو وكالة حكومية ستسيطر على البنك وأصوله، عادةً بهدف تصفية أصول البنك لسداد دائنيه.
وأضاف تشيافيريني أن هذا هو أسوأ خيار ممكن لأصحاب الأسهم الممتازة؛ لأنهم سيرون أموالهم تتلاشى في هذا السيناريو.
وهذا ما حدث لبنك "سيليكون فالي" في آذار/ مارس عندما استحوذت إدارة الحماية المالية والابتكار في كاليفورنيا على أصول البنوك، وفي حين تلقى جميع المودعين تعويضات، فلم يُعوض المساهمون.