أشاد حقوقيون وناشطون في مجال الدفاع
عن حقوق الإنسان تحدثوا لـ"عربي21"، بمحاكمة ثلاثة مسؤولين كبار في
النظام السوري غيابياً أمام محكمة جنايات باريس بتهمة التواطؤ في قتل مواطنين
سوريين/فرنسيين، جرى اعتقالهما في العام 2013، من قبل أجهزة النظام السوري،
معتبرين أن أهمية الخطوة تأتي من تزامنها مع موجة التطبيع العربي والإقليمي مع
نظام بشار
الأسد.
ويوم الثلاثاء، أمر قاضيا تحقيق
فرنسيان بمحاكمة مدير مكتب "الأمن الوطني" التابع للنظام اللواء علي
مملوك، والمدير السابق لإدارة المخابرات الجوية اللواء جميل حسن، ورئيس فرع
التحقيق في إدارة المخابرات الجوية اللواء عبد السلام محمود، بتهمة التواطؤ في قتل
مازن دباغ ونجله باتريك.
ودباغ ونجله اعتقلا في العام 2013،
ونقلا إلى سجن المزة في دمشق، ولم تظهر أي علامة على أنهما لا يزالان على قيد
الحياة إلى حين إعلان النظام السوري وفاتهما في آب/ أغسطس 2018، وبعدها أظهرت
شهادات الوفاة، أن باتريك توفي في 21 كانون الثاني/ يناير 2014 ومازن في 25 تشرين
الثاني/ نوفمبر 2017.
وكانت النيابة الفرنسية قد فتحت
تحقيقاً أولياً بعد أن طلب المواطن الفرنسي السوري عبيدة الدباغ في العام 2016 من
وحدة
جرائم الحرب الفرنسية، إجراء تحقيق قضائي فوري في جرائم الاختفاء القسري
والتعذيب التي ارتكبت ضد شقيقه مازن الذي كان يعمل موجهاً في المدرسة الثانوية
الفرنسية بدمشق، وباتريك الذي كان طالباً في السنة الثانية في كلية الآداب والعلوم
الإنسانية في جامعة دمشق، من قبل فرع "المخابرات الجوية". وفي العام
2018، أصدر القضاء الفرنسي، مذكرات توقيف دولية بحق المسؤولين الثلاثة.
ورحب رئيس "المركز السوري
للدراسات والأبحاث القانونية" المحامي البارز أنور البني، بالخطوة القضائية
الفرنسية، معتبراً خلال حديثه لـ"عربي21" أن "التحرك في غاية
الأهمية لجهة توقيته المتزامن مع زيادة التطبيع العربي مع النظام السوري".
وحول أهمية التحرك، قال المحامي إن
"محكمة الجنايات قد تصدر حكماً بالقبض على المتهمين بعد صدور قرار حكم
بالإدانة، وهذا يعني قطع المجال أمام مشاركة هؤلاء في المرحلة الانتقالية".
واستدرك البني بالقول: "حتى لو كانت
المحكمة غيابية، فإن الحكم يعني إدانة المسؤولين، وهذا الأمر في غاية
الأهمية".
بدوره، أشاد مدير المركز السوري
للإعلام وحرية التعبير، الناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان مازن درويش، بالخطوة، وقال
لـ"عربي21" إن إحالة المتهمين للمحكمة، تعد خطوة إضافية ضمن مسار
التحقيقات بهذه القضية، وتحديداً بعد إصدار مذكرات توقيف دولية بحقهم.
ماذا بعد المحاكمة؟
وتابع درويش بأن الخطوة تظهر التزام
القضاء الفرنسي على وجه التحديد بالمحاسبة على الجرائم والانتهاكات، ونعتقد أن
بإمكان القضاء الفرنسي القيام بالمزيد، وهو مطالب بذلك.
والمتوقع من المحكمة، بحسب المحامي
علاوة من إصدار الأحكام بحق المتورطين، أن تضع السياق القانوني لجرائم الحرب
وجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في
سوريا ليس فقط في هذه القضية، وقال:
"نتحدث عن سياسة إجرامية منهجية يتبعها النظام السوري".
وعلى النسق ذاته، وصف الناشط في مجال
حقوق الإنسان، وعضو "لجنة الدفاع عن معتقلي الرأي والضمير" ميشال شماس
الخطوة بـ"التاريخية"، وقال لـ"عربي21": "ستجري المحاكمة
بحقهم أمام محكمة جنايات باريس، وفي حال لم يحضر المدعي عليهم أو لم يحضر الوكلاء
عنهم، فستجرى محاكمة غيابية بحقهم، وأيضا ستصدر محكمة الجنايات مذكرات توقيف جديدة
بحقهم".
وفي رأيه، تشكل هذه الخطوة ضربة موجعة
لنظام الأسد، خاصة لجهة التطبيع معه من قبل بعض الدول العربية.
ولا تعد الخطوة الفرنسية سابقة، حيث
استهدفت دعاوى قضائية وتحقيقات عديدة في أكثر من بلد أوروبي مسؤولين لدى النظام
السوري.
الائتلاف المعارض يرحب
وفي السياق، رحب الأمين العام للائتلاف
السوري المعارض هيثم رحمة بقرار القضاء الفرنسي.
وأكد رحمة في تصريحات نشرها موقع
الائتلاف الرسمي الثلاثاء، أن محاكمة المجرمين هي الضمان لتحقيق الانتقال السياسي في
البلاد وتحقيق مطالب الشعب السوري بالحرية والكرامة والديمقراطية.