بعد
قرار رئيس وزراء الاحتلال
الإسرائيلي وزعيم حزب "
الليكود"، بنيامين
نتنياهو،
إقالة وزير الأمن الإسرائيلي يؤاف غالانت، الأحد، بعد إعلانه رفض خطة "الإصلاحات
القضائية" التي يتبناها الائتلاف الحاكم، دخلت "إسرائيل" في أزمة مركبة
تنذر بـ"كارثة" قريبة الحدوث، بما يكشف تفكك المجتمع الإسرائيلي الذي يقود
جزءا مهما منه نتنياهو مثل "القطيع".
ومن
الواضح، أن مواقف الوزير غالانت، ومطالبته رئيس حكومته بـ"وقف" إجراءات تشريع
التغييرات في جهاز القضاء، وتهديده السابق بالاستقالة من منصبه لذات السبب، وضع نتنياهو،
الذي تلاحقه المحكمة بسبب قضايا الفساد المتهم بها، أمام خيارات صعبة، حيث يسعى عبر
"الإصلاحات القضائية" إلى تحصين نفسه من دخول السجن أو الإقالة.
نتنياهو
والقطيع
وفور
إقالة الوزير غالانت، أغلق آلاف الإسرائيليين شوارع رئيسية في تل أبيب، وتظاهر آخرون
قرب منزل رئيس وزراء الاحتلال في القدس المحتلة، وسادت حالة من الفوضى الكبيرة والتوتر،
ما أدى إلى إعلان جيش الاحتلال حالة التأهب عقب مظاهر فقد السيطرة التي اجتاحت
"إسرائيل"، كما أن مدير عام وزارة الأمن، الجنرال إيال زامير، قرر قطع زيارته
إلى واشنطن والعودة فورا.
وعن
أهم ما كشفه قرار رئيس حكومة الاحتلال إقالة وزير الأمن ودلالات هذا القرار، رأى الخبير
في الشؤون الإسرائيلية، أليف صباغ، أنه "لا خيارات كثيرة أمام نتنياهو، والخيار
الوحيد أمامه أن يقيل وزير الأمن وإما أن يتبعه عدد آخر من "الليكود" ويستقيلوا
أو يعارضوا هذا التشريع"، معتبرا أن "نتنياهو بقرار إقالة وزير الأمن، قطع
الطريق على ثلاثة وربما أكثر من أعضاء حزبه بما في ذلك وزراء يقفون موقف الحياد، وبالتالي فإنه لن يستطيع أن يقر مشاريع القوانين التي يريد إقراراها في الكنيست".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "في حال ما تردد أو تراجع نتنياهو أمام الوزير
غالانت الذي معظم مؤيديه من العسكر والمخابرات، فإنه سيجد نفسه أمام إيتمار بن غفير وبتسلئيل
سموتريتش وسمحا روتمان وآخرين (وزراء ونواب متطرفين)، وبالتالي فإنه سيقع في موقف محرج،
وسيتهمونه بالضعف وهو لا يقبل هذا، وبالتالي فلن تبقى له حكومة".
وقال
صباغ: "إذا ما حلت حكومة نتنياهو الحالية، فستكون هناك انتخابات جديدة وليس مضمونا
لنتنياهو أن يعود إلى السلطة عبر تلك الانتخابات، هذه المرة لديه حكومة من 63 نائبا
عقب إقالة غالانت، وهؤلاء ملتزمون جميعا ومنسجمون إلى حد أقصى لإجراء التعديلات القضائية،
لأن هذا الأمر ضمن أيدولوجيتهم، إضافة إلى أن نتنياهو مستفيد من هذه التغييرات حتى
يكون أقوى أمام المحاكم، أو حتى ربما لا يستطيع أن يحاكمه أحد، بالرغم من أن هناك
4 ملفات قضائية ضده، حيث لا يستطيع أحد أن يقيله أو يحاكمه ولا يستطيع أحد أن يكون
بديلا له في المستقبل؛ لا في "الليكود" ولا في الكنيست".
ونوه
إلى أن "نتنياهو يثبت بهذا الإجراء، أنه الرجل الأقوى في حزبه، وهو لا يطيق أي
اعتراض على سياساته الداخلية، وثبت أن كل من اعترض على نتنياهو وخرج من "الليكود"،
خرج وحده وبقي القطيع مع نتنياهو، وهو الشخص الأقوى في معسكره وفي إسرائيل".
"كارثة
منتظرة"
وعن
إمكانية أن يتسبب قرار نتنياهو في ترك بعض أعضاء الكنيست حزب "الليكود" الذي
يتزعمه، أجاب الخبير: "لا؛ ربما يترك غالانت الحزب، ولكن لن يأخذ معه أحد، نتنياهو
لديه قطيع يريده شخصيا، وهذه من ميزات القائد الفاشي، لأن من يؤيده هو جمهور قطيعي
بالمعنى الكامل، علما بأن هناك قوى يمينية؛ متدينة وغير متدينة، ترى أن نتنياهو أرسل
من الله، وأنه هو القائد والزعيم والملك، ولا يمكن أن تستبدله، وفي حال رأت أنها ستخسر
المعركة، فمن الممكن أن ينزلوا إلى الشارع، وسيصطدم هؤلاء بالمتظاهرين من الطرف الآخر،
وعندها ستكون الكارثة".
من جانبه،
أوضح الباحث السياسي والمحاضر الجامعي إبراهيم خطيب، أن "قرار الإقالة يشير إلى
الخلافات التي تجتاح الائتلاف الحاكم والحكومة نفسها، بعدما كانت هذه الخلافات مرتبطة
بالمعارضة الإسرائيلية، وهذه إشارة إلى عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي تجاه
الإصلاحات أو الانقلاب القضائي".
وأضاف
في حديثه لـ"عربي21": "كما أن قرار إقالة وزير الأمن، مؤشر على حالة
القلق التي تعتلي نتنياهو من ائتلافه الحاكم، لأنه يريد أن يكون الجميع مواليا له في
خطوات الانقلاب القضائي"، لافتا إلى أن "هذه الإقالة سيكون لها تبعات على
المجتمع الإسرائيلي، حيث الدعوات للخروج في مظاهرات وإعلان الإضرابات".
ونبه
خطيب، إلى أن "هذه أيضا إشارة إلى أن نتنياهو يتصرف كديكتاتور يقود بشكل غير عقلاني، وفي
صلب قراراته مصلحته الذاتية، ما يشي بعمق الأزمة الإسرائيلية وتبعاتها، والتي يمكن
أن تتطور بشكل أو بآخر، خصوصا أن نتنياهو يراهن على وجود ائتلاف يميني قوي معه يريد
تثبيته".
ومن
بين تداعيات هذا القرار بحسب المختص "تأزيم الرأي العام؛ الداخلي والخارجي، وجعله
عرضة لانتقادات أكبر نحو الإصلاحات القضائية، وفي ذات الوقت، يجعل من الصعب عليه التراجع
في خطواته التي تخص القضاء، والتي يحاول فرضها كأمر واقع على المجتمع الإسرائيلي، وهذا
لن يكون مقبولا، ويجعل من الأزمة أزمة صفرية بين الطرفين، ويبدو أن المستقبل القريب
سيشير إلى تبعات هذه الأزمة، بارتباطه بباقي أعضاء الائتلاف الحكومي وإمكانية خروج
آخرين من "الليكود" على نتنياهو".