قال مسؤول إسرائيلي سابق، إن تكرار التهديدات التي تثيرها الأوساط الرسمية عقب الهجمات الفلسطينية المسلحة، أصبحت مستهلكة لا تجدي نفعا، وإن
الفصل العنصري لا يعتبر ردا ناجعا.
وأضاف المدير العام السابق لوزارة الخارجية، والباحث بمعهد سياسة الشعب اليهودي، آفي غيل، أن الهجمات الفلسطينية المسلحة في الأسابيع القليلة الماضية دفعت أعضاء الحكومة الجديدة إلى تكرار الطقوس القديمة التي يرددون فيها مرارًا التهديدات والإنذارات البالية من قبيل "الردّ بقبضة من حديد، ونفرض حصارًا، ونغلق، وندمر، ونبعد، ونجرد من الجنسية، ونوقف التحريض على شبكات التواصل، ونقتحم المخيم، وننفذ عقوبة الإعدام، وإلغاء امتيازات كبار مسؤولي السلطة الفلسطينية، وننشئ مستوطنة جديدة أمام كل هجوم مسلح، ولن نسمح للمحكمة العليا بتخريب حربنا ضد المقاومة" وغيرها من التصريحات.
وشدد في مقال نشرته صحيفة
يديعوت أحرونوت، وترجمته "عربي21" على أن البديل عن هذه الرؤية التي جسدها اتفاق أوسلو هو نظام الفصل العنصري، وبموجبه ستكون إسرائيل دولة ثنائية القومية، وتقود واقعًا تكون فيه أمة تحت حكم أمة أخرى.
وأوضح أن "مسار الفصل العنصري الإسرائيلي يرفض أي احتمال لتسوية متفق عليها، ويدفع غالبية الفلسطينيين لطريق المقاومة، وإدامة إراقة الدماء، وتدمير إسرائيل كدولة يهودية، أما طريق أوسلو فيحشد الشركاء الفلسطينيين في مكافحة المقاومة، ويقوي المعسكر الذي يرى المصالحة مع إسرائيل مصلحة وطنية فلسطينية، مع أن اختيار طريق أوسلو لا يضمن الاسترخاء الفوري لدينا، لأننا نعرف أن هناك في الجانب الفلسطيني معسكرا كبيرا يسعى لنسف خطوات المصالحة التاريخية مع إسرائيل من خلال المقاومة".
وزعم أنه "من أجل تآكل قوة هذا المعسكر المعادي للصلح مع إسرائيل، يجب الالتزام باستراتيجية طويلة الأمد تجمع بين إجراءات أمنية حازمة تهدف لإلحاق الأذى الشديد بمن يقف أمامنا، مع تدابير سياسية واقتصادية تهدف لرسم أفق موثوق لدولة فلسطينية مزدهرة، تعيش بسلام بجانب إسرائيل، ولا يمكن تحقيق هذا الحل إلا من خلال عملية متأنية وتدريجية تكون مشروطة بامتثال الفلسطينيين لمتطلبات أمنية صارمة، ويمكن الانجرار لمناقشات لا تنتهي حول الأخطاء والمظالم التي ارتكبتها الأطراف في عملية أوسلو، رغم أن مصلحتنا الاستراتيجية طويلة المدى تكمن في مكافحة المقاومة".
ورغم الاعتراف الإسرائيلي المتأخر بعبثية العقوبات المفروضة على الفلسطينيين، لكنه لا يطرح في مناقشات الحكومة الإسرائيلية الحالية التي تفضل طريق الفصل العنصري، ولا تحاول حتى خلق عرض دعائي كما لو أن يدها الممدودة من أجل السلام قوبلت بتردد فلسطيني، صحيح أن نتنياهو ذكر في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2020 كلمة "سلام" 19 مرة من خلال خطة ترامب لإنهاء الصراع، لكن شركاءه الحاليين لن يسمحوا له بتكرار هذا الالتزام، ولا حتى كتمرين للعلاقات العامة، لأنهم يرفضون تقسيم الأرض وتبادلها، وإقامة دولة فلسطينية، وإنشاء ممر آمن بين الضفة وغزة.
وهذا يعني أن استمرار الحكومة الحالية المصابة بجنون العظمة بإخفاء اعترافها بوجود الشعب الفلسطيني، وتسليم أجزاء كبيرة من الأرض إليه، وإقامة دولة فلسطين، يعني أن المسار الذي اختطته لنفسها، وأصبح أوضح من أي وقت مضى هو أنه تم دفن رؤية أوسلو، واختير بديل الفصل العنصري، مما يعني استمرار الرد الإسرائيلي على المقاومة الفلسطينية وهي تتجاهل جذورها، وهذا هو العبث بعينه.