كشف الرئيس السابق للهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس، نبيل بافون، أن السلطات منعته من السفر خارج البلاد، مفسرا ذلك بموقفه المعارض لإجراءات الرئيس قيس سعيّد.
وفي تصريح لـ"
عربي21"، قال بافون إن إدارة الحدود منعته السبت من السفر إلى موريتانيا في إطار مهمة مع منظمة دولية كرئيس بعثة وخبير انتخابي لمراقبة الانتخابات البرلمانية والبلدية والجهوية المقبلة، التي تستعد نواكشوط لتنظيمها في أيار/ مايو المقبل.
وأوضح أن "إدارة الحدود أبلغتني في المطار بأن جواز سفري يتضمن مهنة عضو هيئة انتخابات"، مستدركا بالقول إن "جواز سفري صالح إلى حدود سنة 2026، ولا يوجد أي مبرر لمنع أي مواطن من مغادرة تراب بلاده في ظل عدم وجود مانع قانوني".
وتابع: "لا يسمحون لك لا بالسفر ولا بالشغل، فقد منعوني من العودة إلى مهنتي الأصلية بعد قرار إقالتي من رئاسة
هيئة الانتخابات دون أي توضيح، رغم تقديمي لمطلب في الغرض".
وأضاف: "في مثل حالتي، وزيرة العدل هي المسؤولة على إصدار قرار بعودتي إلى مهنتي، لكن ذلك لم يحدث رغم تقدمي بطلب في الغرض. وأمام منعي من العودة إلى عملي منذ 8 أشهر، قررت اللجوء إلى المحكمة الإدارية من أجل الحصول على حقوقي".
وفي 22 نيسان/ أبريل من العام الماضي، أصدر الرئيس
التونسي قيس سعيّد، أمرا رئاسيا يعطيه صلاحيات لتعيين رئيس للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وعضوين فيها.
ونشر القرار في الجريدة الرسمية الصادرة وجاء فيه: "يتركب مجلس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من سبعة أعضاء يتم تعيينهم بأمر رئاسي". وكان عددهم في السابق تسعة أعضاء.
ومنح القرار الرئيس صلاحية تعيين رئيس الهيئة من بين أعضاء الهيئات العليا المستقلة للانتخابات السابقة وعضوين آخرين، على أن يعيّن المجلس الأعلى للقضاء الأعضاء الأربعة المتبقين.
وكان رئيس الهيئة ينتخب مباشرة من قبل نواب البرلمان الذي قرّر سعيّد في 25 تموز/ يوليو 2021 تعليق أعماله، ثم.. في نهاية آذار/ مارس الماضي حلّه نهائيا.
والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، دستورية تشرف على الانتخابات منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2011، وتتكون من 9 أعضاء "مستقلين محايدين من ذوي الكفاءة"، ينتخبهم البرلمان بأغلبية الثلثين، ويباشرون مهامهم لفترة واحدة مدتها 6 سنوات، ويجدد ثلث أعضائها كل سنتين.
وقال رئيس هيئة الانتخابات في تونس نبيل بافون، آنذاك، إن الهيئة لم تعد مستقلة بعد مرسوم الرئيس، مشددا على أنه "أصبح واضحا أنها هيئة الرئيس".
وكان نبيل بافون قد أغضب سعيّد بانتقاد خططه لإجراء استفتاء وانتخابات برلمانية، قائلا إن هناك فراغا دستوريا يحول دون ذلك في ظل عدم وجود برلمان.
وغداة إعلان سعيّد إجراءاته في 25 تموز/ يوليو 2021، أعلن بافون معارضته للقرارات التي اتخذها الرئيس باعتبارها مبنية على فهم خاطئ للمادة 80 من دستور 2014، مشددا على أن هيئة الانتخابات ليس لها دور تقني فقط، بل إن من دورها أن تحافظ على الديمقراطية في البلاد.
وفي حديثه لـ"
عربي21"، شدد بافون على أن "موقفنا من 25 تموز/ يوليو 2021 كان سببا في إقالتي من هيئة الانتخابات، ثم هذا التضييق على العمل والسفر كان كذلك نتيجة لموقفنا الذي اتخذناه من مسار سعيّد".
في المقابل، رفض نبيل بافون التعليق على الاستفتاء والانتخابات النيابية التي نظمتها تونس بدعوة من الرئيس سعيّد، قائلا: "لا أريد التعليق على هذا الموضوع لأن موقفي من المسار واضح، هذا المسار خاطئ، لذلك فإنه لا يمكنني التعليق على الاستفتاء والانتخابات".
والاستفتاء على الدستور (25 تموز/ يوليو 2022) والانتخابات النيابية (17 كانو الأول/ ديسمبر 2022 و29 كانون الثاني/ يناير 2023)، هي أولى المحطات الانتخابية التي يقع تنظيمها في تونس منذ إصدار الرئيس سعيّد مرسوما رئاسيا في 10 أيار/ مايو من العام الماضي، بشأن تعيين أعضاء جدد في لجنة الانتخابات المستقلة.
وواجهت هيئة الانتخابات الحالية انتقادات من قبل منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مراقبة الانتخابات، محملينها مسؤولية تراجع نسبة الإقبال على التصويت في الانتخابات التشريعية.
وأعلنت هيئة الانتخابات بتونس أن نسبة المشاركة في جولة الإعادة من الانتخابات التشريعية المبكرة، بلغت 11.3 بالمئة، كأضعف حصيلة منذ ثورة 2011.
والانتخابات النيابية هي آخر نقطة في خارطة الطريق التي أعلن عنها سعيّد نهاية العام الماضي، والتي تضمنت إجراء استشارة وطنية واستفتاء شعبي على دستور جديد وعقد انتخابات تشريعية في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022، الذي يتزامن مع الذكرى الثانية عشر لانطلاق الثورة.
وبلغت نسبة المشاركة في دور الانتخابات الأول، 11.22 بالمئة، وهي أضعف نسبة منذ ثورة 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي.
وبلغت نسبة المشاركة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عقب الثورة 52 بالمئة، و69 بالمئة في انتخابات مجلس نواب 2014، و41.3 بالمئة في انتخابات البرلمان السابق الذي حلّه سعيّد.