تواجه
عدة دول حول العالم، من بينها
الصين واليابان، من انكماش عدد السكان، ما دفع
الحكومات لإطلاق برامج تشجع على الإنجاب؛ لإزاحة مخاطر ارتفاع نسبة الشيخوخة في
بلدانها مقابل انخفاض معدل الولادات.
وأعلنت
بكين مؤخرا أن عدد سكانها قد انكمش لأول مرة منذ أكثر من ستة عقود، بينما حذر رئيس
الوزراء
الياباني، فوميو كيشيدا، من أن معدل المواليد المنخفض في بلاده وشيخوخة
السكان يشكلان "خطرا محدقا''.
وتعد
بلغاريا من ضمن البلدان التي تعاني من انتشار الشيخوخة في الاتحاد الأوروبي، حيث
تصل نسبة الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 إلى 22 بالمئة من السكان، وفقا للبنك
الدولي.
لكن
الحكومة البلغارية تبنت واحدة من أطول فترات إجازة الأمومة بأجر كامل في العالم،
في محاولة للمساعدة في تغيير مسار الولادات المنخفضة، حيث تتلقى الأم 90 بالمئة من
راتبها الشهري الكامل لمدة 12 شهرا بعد الولادة في السنة الأولى، وفي السنة
الثانية تحصل على الحد الأدنى للأجور.
لكن
على الرغم من هذه السياسة السخية، من المتوقع أن تفقد بلغاريا 20 في المئة أو أكثر
من سكانها بحلول عام 2050، وفقا للأمم المتحدة.
وعلى
الرغم من أن إجازة الأمومة طويلة ومدفوعة الأجر، إلا أن البلاد لا تزال تعد غير
ودودة بالنسبة للوالدين من نواح أخرى.
وبينما
تمنح بلغاريا إجازة أمومة طويلة ومدفوعة الأجر، في محاولة لزيادة معدل المواليد
المنخفض، فإن كوريا الجنوبية تحاول إيجاد حل مختلف، ألا وهو منح المساعدات
المالية.
فاعتبارا
من العام الجاري، يحق لكل عائلة لديها طفل حديث الولادة في كوريا الجنوبية الحصول
على بدل شهري سخي يبلغ حوالي 745 دولارا.
والسبب
في دفع هذا المبلغ السخي بسيط جدا؛ إذ إنه من المتوقع في غضون عامين أن يكون خمس
السكان في كوريا الجنوبية فوق سن 65 عاما، وفقا لوكالة الإحصاء الوطنية.
وضاعفت
حكومة كوريا الجنوبية مدفوعات الأطفال بمقدار ثلاثة أضعاف، تدفع كاملة لمدة عام، وعندما
يبلغ الطفل سنة من العمر، ينخفض المبلغ إلى النصف، بعد انحدار البلاد إلى أدنى
معدل خصوبة في العالم خلال عام 2022.
ورأى
لي سانج ريم، الباحث في معهد كوريا للشؤون الصحية والاجتماعية، أنه "في غضون
20 عاما فقط من المتوقع أن تتفوق كوريا الجنوبية على اليابان وتصبح صاحبة أكبر نسبة
متقدمين في العمر في العالم"، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي
سي".
وفي
اليابان، بدأت القوى العاملة المسنة بالفعل في إعاقة اقتصاد البلاد، وفقا للبنك
الدولي.
لذا، وبالإضافة إلى خططها لمضاعفة الميزانية الخاصة بالسياسات المتعلقة بالأطفال،
وإنشاء وكالة حكومية جديدة لمعالجة مشكلة شيخوخة السكان، تستثمر الحكومة اليابانية
أيضا في الروبوتات؛ للمساعدة في جعل حياة الناس أسهل في سن الشيخوخة.
وفي
الصين، تقدم الحكومة إعفاءات ضريبية ورعاية صحية أفضل للأم منذ أن ألغت سياسة الطفل
الواحد المثيرة للجدل في عام 2016، وسمحت للأزواج بإنجاب طفلين.
وقد
جعل الرئيس الصيني شي جين بينغ زيادة معدلات المواليد أولوية في نوفمبر/ تشرين
الثاني 2022، لكن تبين أن زيادة معدلات المواليد أصعب بكثير من خفضها.
انخفض
عدد سكان الصين لأول مرة منذ ستة عقود في عام 2023، بمعدل ولادة 6.77 فقط لكل 1000
شخص.
لكن
المستقبل لا يبدو مشرقا، إذ وفقا لتوقعات الأمم المتحدة، فإن عدد الصينيين الذين
تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما سينخفض بنسبة أكثر من 60 في المئة هذا القرن.
ويُخشى
أن تؤثر القوى العاملة المسنة على اقتصاد الصين الضخم، وبطبيعة الحال فإن أي تباطؤ
في الاقتصاد الصيني يمكن أن يكون له تأثير على العالم بأسره.
وتعد
سنغافورة من أسرع المجتمعات اتجاها نحو الشيخوخة في العالم. ولمساعدة القوى
العاملة في مواجهة تحديات شيخوخة السكان، استثمرت الحكومة في مبادرات التعلم مدى
الحياة.
ووفقا
لهذه المبادرات، تقدم بعض الجامعات دورات ذات صلة بالصناعة، يمكن أن يلتحق بها حتى
الذين مضى على تخرجهم مدة 20 عاما، بينما يقدم البعض الآخر قروضا ائتمانية
للخريجين لتغطية رسوم الدورات المتعلقة بالمهارات المستجدة والناشئة، وفقا للبنك
الدولي.
كما
يمكن للسنغافوريين أيضا استخدام نظام المعاش التقاعدي السنوي للتأمين على المدى
الطويل، والذي يوفر لهم مدفوعات شهرية حتى نهاية حياتهم، ما يقلل من مخاطر تجاوز
مواردهم التقاعدية.
وتزعم
الحكومة أن شعارها هو: "بغض النظر عن المدة التي تعيشها، فلا داعي للقلق
أبدا".
ويتم
تمويل هذا النظام من خلال مساهمات شهرية إلزامية تقتطع من حساب الشخص، وتقدم على
صورة مدفوعات شهرية خلال الشيخوخة ما دام الشخص على قيد الحياة.