من المقرر أن تشكل لجنة مستقلة تضم حقوقيين ومؤرخين لإجراء أبحاث حول فترة العبودية في هولندا ومستعمراتها.
قدّمت
هولندا اعتذارا رسميا عما ارتكبته من جرائم ضد الإنسانية، التي استمرت طيلة 250 عاما، وعن دورها في استرقاق شعوب بأكملها.
"أتقدم بالاعتذار اليوم، فقد مارست الدولة الهولندية، وممثلوها وعلى مدى قرون،
العبودية، وحرضوا عليها، واستفادوا منها".
بهذه العبارات قدّم رئيس الوزراء الهولندي اعتذارا رسميا عما ارتكبته بلاده من جرائم "العبودية" التي استمرت 250 عاما، واصفا إياها بأنها "جريمة ضد الإنسانية"، فماذا تعرفون عن تاريخ هولندا المشين؟
الاستعمار
خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، كانت هولندا تعد ثالث أكبر قوة استعمارية في العالم بعد إنجلترا وفرنسا، وقد ساهمت في تجارة الرقيق من خلال أسطولها البحري، حيث استعبدت مئات آلاف الأفارقة، ونقلتهم قسرا إلى أمريكا الجنوبية والكاريبي، يوم كانت لهولندا مستعمرات في سورينام وجزيرة كوراساو الكاريبية وجنوب أفريقيا وإندونيسيا، حيث مقر شركة الهند الشرقية الهولندية.
من المرتقب أن يحيي أحفاد الرقيق في هولندا في تموز/ يوليو من العام المقبل 2023 الذكرى الـ 150 لانتهاء العبودية، وذلك في احتفال سنوي يعرف باسم "كيتي كوتي" أو كسر القيود في سورينام.
وكانت هولندا قد تخلت رسميا عن العبودية في الأول من تموز/ يوليو 1863، وفي الأثناء تمارس ضغوط داخلية وخارجية لإجراء تحقيق جاد في العبودية الهولندية، وزيادة الجهود المبذولة للتصدي للعنصرية المؤسسية في هولندا، إضافة إلى التعويض واستعادة الأعمال المنهوبة والمساءلة والاعتراف بآثار الاستعمار، وفقا لهيومن رايتس ووتش.
ومن المقرر أن تشكل لجنة مستقلة تضم حقوقيين ومؤرخين لإجراء أبحاث حول تلك الفترة بمشاركة (جامعة ليدن)، وإنفاق 23 مليون جنيه استرليني على (متحف العبودية)، وفقا لهيئة المعلومات الهولندية.
الاعتذار لا يكفي
بوادر الاعتذار الهولندي المتأخر عن تاريخ طويل من العبودية، كانت قد بدأت مع مطالبة لجنة استشارية هولندية الاعتراف بأن تجارة الرقيق في القرنين الـ17 والـ16 ترقى لجرائم ضد الإنسانية، فما كان من ملك هولندا ويليام ألكسندر، إلا أن أمر بالتحقيق بدور العائلة المالكة في الماضي الاستعماري لبلاده لفهم الحقائق التاريخية والتعامل مع تأثيرها، إذ لا بد من معرفة دور ( عائلة أورانج ) في التاريخ الاستعماري على حد وصفه.
وشارك أسلاف الملك الحالي في تجارة الرقيق عبر الأطلسي من خلال شركة الهند الغربية الهولندية، إلا أن الاعتذار وحده لا يكفي؛ لأن تجارة الرقيق ذات تأثير مستمر على أحفاد المستعبدين، ولابد من التعويض المادي والمعنوي والأدبي بالتشاور مع المجتمعات المتضررة، بحسب هيومن رايتس ووتش.