أعلن فاروق
بوعسكر، رئيس الهيئة العليا للانتخابات
التونسية، أن 800 ألف ناخب أدلو بأصواتهم من
أصل تسعة ملايين يحق لهم التصويت، أي ما لا يتجاوز 8 في المئة.
تشكل نتيجة
الانتخابات هذه لحظة حاسمة في الصراع بين الرئيس التونسي وقوى المعارضة، فهي بمثابة
استفتاء على شرعيته وهل تحظى رؤيته السياسية بدعم شعبي أم لا، بعدما أثار السخط بحل
الحكومة والبرلمان وتعديل الدستور وتأصيل حكم الرجل الأوحد، وأعادت البلاد إلى ما قبل
ثورة الياسمين فهي الطريقة التي اعتمدها المخلوع بن علي في سنوات حكمه قبل الإطاحة
به.
تشكل نتيجة الانتخابات هذه لحظة حاسمة في الصراع بين الرئيس التونسي وقوى المعارضة، فهي بمثابة استفتاء على شرعيته وهل تحظى رؤيته السياسية بدعم شعبي أم لا
لم يمنع
القانون الانتخابي الذي تم اعتماده في الدستور المعدل بقرار من
قيس سعيد في التاسع
من تموز/ يوليو 2022؛ الأحزاب من خوض غمار المنافسة، لكنه عبر نظام الانتخاب الفردي
قطع الطريق أمام تشكيل قوائم على أساس حزبي وتكوين كتل برلمانية تعطيها الحق لاحقا
بتشكيل الحكومة، ما يجعل -وفقا لتصريحات الحركات المناهضة- البرلمان فارغا من الكفاءات
والمشاريع الوطنية وسيمثل صدى لتوجهات الرئيس، بينما يروّج المؤيدون لقيس أنه بذلك
-أي البرلمان- سيتحرر من النمطية الحزبية.
يفسر محللون
ومراقبون أن تعطيل الرئيس التونسي للمؤسسات الدستورية والقانونية ناجم عن تصدر قيادات
مهترئة للمعارضة جعلها عاجزة عن تشكيل ضغط عليه، فجاء رد فعلها باهتا على منح نفسه
السلطة الكاملة لتعيين الحكومة وعزلها وسن القوانين وحل البرلمان وتعيين القضاة، والحصانة
الكاملة من الرقابة عليه ومحاولة سحب الثقة منه أو عزله، حيث لم يتجاوز رد الفعل حدود
بيانات ضعيفة.
وغابت
تعبئة الشارع أو تشكيل تحالف يمثل قوة مضادة لثني قيس سعيد عن مساره الهادف إلى تأسيس
نظام حكم قاعدي يحتكم إلى الأقاليم، ويهمش الأحزاب باعتبارها دوائر نفوذ ومصالح، وأنه
بذلك ينهي سنوات من التشرذم والانقسام جعلت من الحياة السياسية حلبة صراع وعرقل التنمية
الاقتصادية، فمثلما كانت المعارضة منقسمة وهي تتصدر الحكم ما زالت الخلافات الفكرية
العميقة بينها تجعل كلا منها يعمل منفردا ضد خطوات الرئيس أيضا.
بمثابة تصويت من التونسيين على فقدانهم الثقة في إمكانية تحسن الوضع سياسيا واقتصاديا في البلاد من خلال النخبة التي تتصدر الساحة منذ نجاح ثورتهم، ففاقمت الأعباء عليهم وازدادت معدلات البطالة، وارتفع التضخم منعكسا على أسعار المواد الغذائية
وهذا ما
انعكس على غياب الحماس والتفاعل السياسي لدى الشعب التونسي، ونتج عنه هذا الإقبال المخجل
على الانتخابات البرلمانية، فهو بمثابة تصويت من التونسيين على فقدانهم الثقة في إمكانية
تحسن الوضع سياسيا واقتصاديا في البلاد من خلال النخبة التي تتصدر الساحة منذ نجاح
ثورتهم، ففاقمت الأعباء عليهم وازدادت معدلات البطالة، وارتفع التضخم منعكسا على أسعار
المواد الغذائية التي بات وجود بعضها شحيحا وما توفر منها زاد سعره 33 في المئة، ناهيك
عن التدهور في سعر صرف الدينار أمام الدولار، وليس أخيرا وصول عجز الميزانية إلى نحو
21 مليار دينار بحسب ما أعلنه المعهد الوطني للإحصاء، وهو أمر غير مسبوق ..
أما على
المستوى الدولي فلم تأت الخطوات لائقة بالمستوى المطلوب في وجه تعطيل الديمقراطية والاستبداد
بالبلاد من قبل قيس سعيد، فمن مصلحة الغرب أن يبقى الشرق الأوسط واقعا تحت مطرقة الفسدة
من الحكام، أو مضطربا لا يستقر تحت مظلة قيادات تعبر عن قضاياه وضميره فتغرد به بعيدا
عن مشروع الغرب، أو تصعد به في سلم التنمية الاقتصادية فيتحرر من استعمار الحاجة الملحة
لمساعدات الغرب المالية ووطأة نهبه لثرواته.