يتجه
التونسيون إلى صناديق الاقتراع السبت 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022 للمشاركة في
الانتخابات
التشريعية التي دعا لها رئيس البلاد قيس سعيّد بعد حلّه البرلمان السابق ضمن إجراءاته
الاستثنائية.
ويتزامن
يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر مع الذكرى الـ12 لاندلاع الثورة عام 2010 التي أطاحت بنظام
الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وفتحت الأبواب أمام أول انتخابات ديمقراطية
وحرة وشفافة في تونس لتنتج دستور 2014 الذي أشادت به جميع الأطراف محليا ودوليا.
و تجري
تونس انتخابات برلمانية جديدة السبت، هي الأولى بعد إقرار دستور جديد للبلاد جرى التصويت
عليه خلال استفتاء شعبي في 25 تموز/ يوليو الماضي، ضمن رزنامة وضعها سعيّد دون مشاورات.
وتقول
أحزاب المعارضة إن المجلس التشريعي الذي سيتشكل في ظل إصلاحات ركزت السلطة في يد الرئيس
قيس سعيّد غير قانوني وإنها ستقاطع التصويت، بما في ذلك حركة النهضة، صاحبة أكبر كتلة
نيابية في البرلمان السابق.
وتستعرض
"عربي21" في هذا التقرير سلسلة الخطوات التي بدأها سعيّد، منذ مساء 25 تموز/
يوليو 2021، حيث أعلن تجميد اختصاصات البرلمان لمدة شهر، ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء
هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة،
وعزل رئيس الوزراء هشام المشيشي وفريقه الحكومي، وإقالة مسؤولين آخرين، وصولا إلى عقد
انتخابات برلمانية جديدة.
وبعد
خطابه المسائي الذي عُرف بـ"إعلان التدابير الاستثنائية"، أعلن سعيّد بعد
شهر واحد تمديد تجميد أعمال مجلس النواب حتى إشعار آخر، ما أثار لاحقا قلقا غربيا،
حيث عبّر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل لسعيّد عن "مخاوف"، داعيا
إلى استئناف عمل البرلمان والحفاظ على مكتسبات الديمقراطية.
وفي
22 أيلول/ سبتمبر، أصدر سعيّد الأمر الرئاسي عدد 117، والقاضي بإلغاء العمل بأغلب فصول
الدستور، ومواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، وإلغاء الامتيازات الخاصة بأعضائه،
وإلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين نهائيا، على أن "يتواصل
العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه، وبجميع الأحكام الدستورية التي
لا تتعارض مع أحكام هذا الأمر الرئاسي".
ومن
خلال الأمر 117، أعطى سعيّد لنفسه حق إصدار النصوص ذات الصبغة التشريعية في شكل مراسيم
يختمها رئيس الجمهورية ويأذن بنشرها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية، شملت تنظيم
العدالة والقضاء، والإعلام والصحافة والنشر، والأحزاب والنقابات والجمعيات والمنظمات
والهيئات المهنية وتمويلها، وتنظيم الجيش وقوات الأمن الداخلي والجمارك، فضلا عن القانون
الانتخابي والحريات وحقوق الإنسان، والأحوال الشخصية، والأساليب العامة لتطبيق الدستور.
ولاحقا،
كلّف قيس سعيّد الأستاذة الجامعية والمتخصصة في الجيولوجيا نجلاء بودن بتشكيل حكومة
"في أسرع وقت"، قبل أن تؤدي برفقة وزرائها اليمين الدستورية يوم 11 تشرين
الأول/ أكتوبر الماضي أمام رئيس الجمهورية، دون أن يقع تمريرها على البرلمان المجمد.
وفي
10 كانون الأول/ ديسمبر 2021، دعا سفراء الدول الأعضاء في مجموعة السبع المعتمدون لدى
تونس، عبر بيان مشترك، إلى عودة "سريعة" لعمل المؤسسات الديمقراطية بالبلاد.
وبعد
ثلاثة أيام، كشف سعيّد عن خارطة طريق تضمنت تنظيم استشارة وطنية إلكترونية من بداية
شهر كانون الثاني/ يناير 2022، على أن تستمر إلى حدود 20 آذار/ مارس، فيما سيتم تجميع
المقترحات، التي تخص دستور البلاد ونظامها السياسي، وعرضها على الاستفتاء في 25 تموز/
يوليو المقبل، لتنظيم انتخابات تشريعية جديدة في 17 كانون الأول/ ديسمبر 2022.
اقرأ
أيضا: تعرف إلى أبرز ملامح "الجمهورية الجديدة" لقيس سعيّد
وفي
5 شباط/ فبراير 2022، أعلن سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، بعد أن اتهم أعضاء فيه بالفساد
والولاء لوزير العدل الأسبق نور الدين البحيري، الذي وُضع تحت الإقامة الجبرية نهاية
عام 2021 وأطلق سراحه في 7 آذار/ مارس الجاري.
وأرفق
رئيس البلاد قراره بمرسوم آخر في الـ13 من الشهر ذاته، يقضي باستحداث "المجلس الأعلى
المؤقت للقضاء"، مانحا نفسه صلاحية تعيين وعزل وترقية ومعاقبة القضاة، ما أثار
احتجاجات ورفضا من هيئات قضائية وقوى سياسية محلية ودولية.
وفي
28 آذار/ مارس الماضي، اجتمع مكتب مجلس النواب بإشراف رئيسه راشد الغنوشي، حيث تقررت الدعوة إلى جلسة عامة صوتت في الـ30 من الشهر نفسه على إلغاء كل إجراءات سعيّد الاستثنائية،
بعد نحو ثمانية أشهر من بدئها.
ورد
سعيّد عبر كلمة متلفزة في اليوم ذاته، قال فيها: "بناء على الفصل 72 من الدستور،
أعلن اليوم في هذه اللحظة التاريخية عن حل المجلس النيابي، حفاظا على الشعب ومؤسسات
الدولة".
وخلال
شهر نيسان/ أبريل 2022، أعلن الرئيس التونسي عن حل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنتخبة
من قبل البرلمان السابق، فيما قرر تكليف نائب رئيسها بالإشراف عليها مع تعديل قانونها
ليتم تعويضها بـ7 أعضاء معينين من قبل الرئيس.
وفي
30 حزيران/ يونيو الماضي، أصدر سعيّد مسودة دستور، صاغه بمفرده دون اعتماد المقترح
الذي تقدمت به اللجنة التي كلفها بذلك، ليتم تنظيم استفتاء شعبي على الدستور الجديد
في 25 تموز/ يوليو 2022، في الذكرى الأولى لإعلانه التدابير الاستثنائية.
اقرأ
أيضا: ما تأثير ضعف الحملة الانتخابية وغياب الأحزاب على برلمان تونس؟
وواصل
سعيّد تفرده بالقرار، حيث أصدر في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، مرسوماً رئاسياً عدل به
القانون الانتخابي، من خلال فرض نظام الاقتراع على الأفراد بدل القائمات لإقصاء الأحزاب
السياسية، مع خفض عدد مقاعد البرلمان إلى 161 نائباً مع إلغاء وجوبية المناصفة بين
النساء والرجال في عدد المرشحين.