بعد تكليف بنيامين نتنياهو برئاسة
الحكومة
الإسرائيلية، وتوقيعه أول اتفاق ائتلافي مع حزب العظمة اليهودية
اليميني
المتطرف والفاشي بزعامة إيتمار بن غفير لتشكيل الحكومة الجديدة، تبرز ضرورة إلقاء
الضوء على تفشي العنصرية في إسرائيل، وعدم وجود فوارق في المواقف من الحقوق
الفلسطينية، رغم اختلاف النعوت للأحزاب الإسرائيلية بين يسار ويمين ويمين الوسط،
فجميعهم فاشيون.
أكذوبة اليسار
كثيرة هي المقالات والتحليلات
السياسية التي نعتت الأحزاب
اليسارية في إسرائيل بأنها حمامة سلام، وبناء على ذلك
انحاز عدد كبير من المحللين العرب إلى فكرة ضرورة تبوّء اليسار سدة الحكم في إسرائيل،
وبخاصة بعد فوز حزب الليكود في انتخابات الكنيست في صيف عام 1977، وذلك رغم مرور
أكثر من 74 عاما على قيام إسرائيل، وعدم حصول الفلسطينيين على أي حق من حقوقهم
الوطنية، بل على العكس من ذلك، تفاقمت ظاهرة العنصرية ضد الفلسطينيين؛ سواء في
الداخل الفلسطيني أو في الضفة الغربية وقطاع غزة، وتؤكد القوانين العنصرية
الإسرائيلية الفاشية التي استصدرت خلال العقد الأخير ذلك.
انحاز عدد كبير من المحللين العرب إلى فكرة ضرورة تبوّء اليسار سدة الحكم في إسرائيل، وبخاصة بعد فوز حزب الليكود في انتخابات الكنيست في صيف عام 1977، وذلك رغم مرور أكثر من 74 عاما على قيام إسرائيل، وعدم حصول الفلسطينيين على أي حق من حقوقهم الوطنية
وكان الكاتب الإسرائيلي
"سامي ميخائيل" أكد في ندوة عقدت قبل سنوات في جامعة حيفا، أن تنامي
العنصرية الإسرائيلية قد يجعل إسرائيل ظاهرة عابرة، وانتقد مسلسل التشريعات
العنصرية في الكنيست، وقال إن اليسار الإسرائيلي "يسار صالونات"، قد
يكون ذلك مدخلا لتوصيف اليسار الإسرائيلي، في إطار الأطياف السياسية المخلفة.
ويلاحظ المتابع لتحولات المشهد الإسرائيلي، أنه بعد انعقاد مؤتمر مدريد في شهر
تشرين الأول/ أكتوبر 1991، بات من الصعوبة بمكان توصيف الأحزاب الإسرائيلية.
فإذا كان المعيار الرئيسي
لهذا التحديد هو البرامج السياسية لهذه الأحزاب وبنودها الخاصة بالسلام مع
الفلسطينيين، فإن تحولات كثيرة طرأت على هذه البرامج مما أضاف صعوبة أخرى على
التوصيف، حيث حدث خلال المعركتين الانتخابيتين اللتين تلتا اتفاقات أوسلو في
أيلول/ سبتمبر 1993، وبالتحديد في انتخابات الكنيست التي أجريت في شهر أيار/ مايو
1996، وكذلك انتخابات الكنيست التي أجريت في شهر أيار/ مايو 1999، عملية نزوح كبير
لهذه البرامج نحو وسط الساحة الحزبية السياسية، سواء من قِبل أحزاب اليمين بزعامة
الليكود، الرافعة للواء عدم التنازل عن أجزاء من أرض إسرائيل الكبرى، أو من أحزاب
اليسار بزعامة العمل التي تتبنى بدرجات متفاوتة خيار دولتين لشعبين في حدود متعارف
عليها.
وقد اعتبر متابعون عودة حزب
العمل ومعسكر اليسار عام 1992 إلى الحكم في إسرائيل،
بمنزلة انقلاب في المشهد
السياسي، بعد خمسة عشر عاما من حكم اليمين. ما لبث اليمين أن انتزع الحكم في
انتخابات 1996، ثم عاد اليسار ثانية في انتخابات 1999 بزعامة إيهود باراك، فيما
اعتبرته بعض أوساط إسرائيلية في حينه فرصة تاريخية للتوصل إلى حل تاريخي مع
الفلسطينيين.
من الأهمية الإشارة إلى وجود لبس أحيانا بين مفهوم اليسار الإسرائيلي وقوى السلام، فمفهوم اليسار أوسع، حيث تعتبر قوى السلام إحدى مكونات معسكر اليسار، وتصنف بيسار اليسار وفق المعيار الرئيسي للتصنيف، وهو الموقف من مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الخامس من حزيران/ يونيو 1967
حكومة فاشية
بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في
28 أيلول/ سبتمبر 2000 وحتى الآن (نهاية عام 2022)، يلحظ المتابع غيابا شبه تام
لما يسمى معسكر اليسار الإسرائيلي، الأمر الذي دفع كثيرا من المحللين السياسيين إلى
التساؤل عن الأسباب الكامنة وراء هذا الغياب، والمدة المرشحة لاستمراره، فيما ذهب
آخرون إلى أبعد من ذلك، حين تنبؤوا بتلاشي اليسار الإسرائيلي، أو ما يسمى معسكر
السلام من المشهد السياسي الإسرائيلي، وهذا ما حصل فعلا خلال انتخابات الكنيسيت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
ومن الأهمية الإشارة إلى وجود
لبس أحيانا بين مفهوم اليسار الإسرائيلي وقوى السلام، فمفهوم اليسار أوسع، حيث
تعتبر قوى السلام إحدى مكونات معسكر اليسار، وتصنف بيسار اليسار وفق المعيار
الرئيسي للتصنيف، وهو الموقف من مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الخامس من
حزيران/ يونيو 1967. فمن ينادي بإعادة هذه المناطق كاملة إلى السيادة الفلسطينية
وعدم الاحتفاظ بها، أو ضمها إلى إسرائيل مقابل السلام، ينطبق عليه تحديد قوى
السلام وهي يسار اليسار.
وما يزيد من صعوبة تحديد قوى
السلام في إسرائيل وفق هذا المفهوم، هو مفهوم السلام لدى القوى والأحزاب
الإسرائيلية. فمن المعروف أن قادة إسرائيل منذ احتلال الضفة والقطاع، ينادون
بتحقيق السلام مع العرب، في الوقت الذي يمارسون فيه أعمالا عدوانية ضد سكان
الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، والنشاط الاستيطاني المحموم خلال فترة حكمي
العمل والليكود وتحالفاتهما المختلفة في عمق الضفة الغربية وفي قلب مدينة القدس،
دالة كبرى على ذلك.
وما يزيد من صعوبة تحديد قوى السلام في إسرائيل وفق هذا المفهوم، هو مفهوم السلام لدى القوى والأحزاب الإسرائيلية؛ فمن المعروف أن قادة إسرائيل منذ احتلال الضفة والقطاع، ينادون بتحقيق السلام مع العرب، في الوقت الذي يمارسون فيه أعمالا عدوانية ضد سكان الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة.
وما زاد من صعوبة هذا
التحديد، أن حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق
"مناحيم بيغن"، كان أول من وقع اتفاق سلام مع دولة عربية، هي مصر،
وانسحب من شبه جزيرة سيناء، وهو ما لم يفعله حزب العمل زعيم ما يسمى معسكر السلام.
أما بالنسبة إلى مفهوم السلام
الإسرائيلي مع الفلسطينيين، حيث جوهر الصراع، فاعتماد معيار هنا يستبعد، من دون
جدال من معسكر السلام أو يسار اليسار، مجموعة كبيرة من القوى السياسية، تبدأ من
أقصى يمين الساحة الحزبية وتنتهي بصقور حزب العمل، وهي القوى التي عبرت في شكل أو
آخر عن الرغبة في الاحتفاظ بالأراضي الفلسطينية المحتلة مهما اختلفت المشاريع
والأطروحات التي تطرح لهذه الأراضي، مثل الحكم الذاتي، أو الإدارة المدنية، أو
الضم الفوري.
أما إذا اعتمدنا معيارا آخر
أكثر اقترابا من جوهر المسألة، باعتبار أن تحقيق السلام لا يتم إلا بتجسيد طموحات
الشعب الفلسطيني في إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة في الضفة الغربية وقطاع
غزة وعاصمتها الجزء الشرقي من القدس المحتلة، لرأينا أن قوى السلام، وإن وجدت، فهي
هلامية وتضم شخصيات هامشية، من دون أن يكون لها وزن أو تأثير يذكر في المجتمع
الإسرائيلي العنصري، الذي سيكون من أهم نتاجاته تشكيل حكومة أكثر فاشية منذ إنشاء إسرائيل قبل أكثر من 74 عاما، بزعامة نتنياهو، تضم الإرهابي إيتمار بن غفير.