تداولت صحف سودانية وعالمية على نطاق واسع ما كشفته صحيفة "هآرتس" العبرية، بأن نائب رئيس المجلس السيادي السوداني وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الملقب بـ"حميدتي"، حصل على أجهزة تجسس من شأنها قلب موازين القوى في السودان.
ووفق تحقيق أجرته الصحيفة وشارك فيه صحفيون يونانيون، فإن شحنة التجسس المرسلة إلى "حميدتي" وصلت إلى مطار الخرطوم بشكل سري، في أيار/ مايو الماضي، على متن طائرة يملكها مسؤول سابق في جهاز الموساد الإسرائيلي، واستلمتها قوات الدعم السريع.
ونقلت الصحيفة العبرية عن ثلاثة مسؤولين أوروبيين، أن أجهزة التجسس صُنعت في الاتحاد الأوروبي، وقادرة على تغيير ميزان القوى في السودان، بفضل قدرتها على تحويل الهاتف الذكي إلى أداة تجسس على حامله.
ويمكن لأجهزة التجسس التي حصل عليها "حميدتي"، وفقا ل"هآرتس"، اختراق نظام "أندرويد" و"أيفون" والبنى التحتية للشبكات والتجسّس البصري، فضلا عن تعقب الـ"واي فاي"، واعتراض الاتصالات عبر الشبكة الهاتفية (جي أس أم)، والتعقب الجغرافي عبر الهواتف.
وبحسب الصحيفة، توقفت الطائرة لمدة 45 دقيقة فقط، تم خلالها تفريغ محتوى الشحنة في سيارتي دفع رباعي، ثم توجهت بشكل عاجل إلى إقليم دارفور غربي السودان، حيث تتمتع قوات "الدعم السريع" بنفوذ واسع.
وأضافت "هآرتس": "تمت عملية نقل شحنة التجسس على وجه السرعة إلى دارفور؛ خوفا من استحواذ الجيش السوداني عليها بالخرطوم".
وأوضحت أن "الطائرة التي تمت بها العملية ذات ارتباط بمسؤول سابق في الجيش الإسرائيلي، يدعى تال ديليان، وشوهدت في تل أبيب قبل نقلها أجهزة التجسس من اليونان إلى الخرطوم".
وأشارت إلى أن "ديليان" يمتلك شركة تقدم خدمات التجسس، لديها مكاتب عديدة في إندونيسيا، الإمارات، إسرائيل، اليونان، مقدونيا الشمالية، المجر، فرنسا، أيرلندا، جزر العذراء.
وكشفت الصحيفة عن اتصالات سرية بين مجموعة بالغة التأثير في اليونان، وشبكة شركات "ديليان"، والتي تعدّ فاعلة في أزمة الأمان الرقمي في الاتحاد الأوروبي، وتوفر هذا النوع من الأجهزة بسهولة.
ونقلت الصحيفة عن مصدر في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن الفرق بين شركة "ديليان" وشركة "NSO" التي باعت تطبيق "بيغاسوس" وأثارت أزمة دولية، هو أن الأخيرة عملت وفق القانون الإسرائيلي، وأحيانا بتكليف من دولة إسرائيل، أما هذه الشركة فلديها ارتباطات عديدة.
ولفتت إلى أن "شركة ديليان مرتبطة بفضيحة التجسس الكبيرة في اليونان قبل أشهر، التي استقال فيها رئيس الاستخبارات اليونانية، وتورط فيها ابن شقيق رئيس الوزراء".
ومن جانبها، نفت قوات الدعم السريع (يطلق عليها جنجويد)، في بيان لها الأربعاء، ما تم تداوله في الإعلام المحلي والعالمي عن حصولها على أنظمة وتقنيات تجسس حديثة من إسرائيل.
وقال البيان: "تداولت بعض وسائل الإعلام تقارير كاذبة، تزعم أن قوات الدعم السريع حصلت على شحنة أنظمة وتقنيات متطورة، وقامت بترحيلها إلى دارفور".
وأضاف البيان: "تؤكد قوات الدعم السريع وبشكل قاطع أن جميع المعلومات التي وردت في التقرير غير صحيحة، ولا تمت للحقيقة بصلة".
َوذكر البيان أن "هناك محاولات متكررة من بعض الجهات (لم تسمها) تنسج أكاذيب، وتروجها على أنها حقائق؛ لتشويه صورة قوات الدعم السريع".
وأكد أن "الدعم السريع تحتفظ بحقها في ملاحقة مروجي الأكاذيب قانونيا".
و"الجنجويد" قوة مقاتلة جرى تشكيلها لمحاربة المتمردين في دارفور، ثم لحماية الحدود لاحقا، وحفظ النظام، تأسست في 2013 كقوة تابعة لجهاز الأمن والمخابرات، ولا توجد تقديرات رسمية لعددها، إلا أن المؤكد أنها تتجاوز عشرات الآلاف.
وفي أغسطس/ آب الماضي، أكد قائد قوات الدعم السريع "حميدتي"، أنه "لا يمانع دمج قوات التدخل السريع في الجيش السوداني في ظل إصلاح أمني شامل".
وهيكلة القوات النظامية في السودان واحدة من قضايا الفترة الانتقالية التي تطالب بها القوة المدنية في البلاد.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2020، أعلن الرئيس الأمريكي آنذاك، دونالد ترامب، أن السودان وإسرائيل اتفقا على تطبيع العلاقات بينهما.
وبدأت بالسودان، في 21 آب/ أغسطس 2019، مرحلة انتقالية، تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، يتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام عام 2020.
ما دلالات دعم السيسي عودة الميرغني للخرطوم؟
رفض شعبي بالأردن للتطبيع المائي مع الاحتلال.. وتبرير رسمي
اتصال ملك الأردن مع نتنياهو.. كسر للجليد أم رغبة أمريكية؟