أعادت
الحكومة
المصرية طرح قضية إلغاء
الدعم العيني للخبز وتحويله إلى دعم نقدي واقتصاره على
الفقراء، بدعوى إصلاح منظومة
الخبز المدعم في البلاد ووصول الدعم إلى مستحقيه.
العودة
للحديث عن إصلاح منظومة الخبز للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية جاءت
على لسان وزير التموين المصري علي المصيلحي، خلال مناقشة البرلمان تخصيص 500 مليون دولار
حصلت عليها مصر من البنك الدولي مؤخرا لدعم واردات البلاد من القمح.
ودعا
وزير التموين، خلال اجتماع للجنة الزراعة في البرلمان، النواب إلى تشكيل لجنة مشتركة
من لجان الزراعة والاقتصاد والتضامن الاجتماعي للنظر في مسألة تحويل الدعم العيني إلى
نقدي، مشيرا إلى أن رغيف الخبز يكلف الدولة 90 قرشا بدلا من 60 قرشا (الدولار يساوي
19.71 جنيه).
الخبز
المدعم هو الدعم العيني الوحيد المتبقي في منظومة السلع التموينية، ويصرف على بطاقات
التموين ويستفيد منه 71 مليون مواطن بسعر 5 قروش للرغيف ويحصل كل مواطن بمقتضاها على
خمسة أرغفة يوميا بإنتاج يومي يبلغ 270 مليون رغيف.
وعلقت
الحكومة خططها لإلغاء الدعم العيني بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وتعرضت مصر
بشكل خاص لصدمة أسعار القمح باعتبارها أكبر مستورد للقمح في العالم حيث إن نحو 80%
من وارداتها تأتي عادة من روسيا 50% وأوكرانيا 30%.
رفع
السعر.. أم الدعم النقدي
وقبيل
اندلاع الحرب كان هناك توجه حكومي وشيك من أجل رفع سعر رغيف الخبز المدعم بناء على
توجيهات رئيس سلطة الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، لتخفيف الأعباء المالية عن الحكومة
التي تتحمل قرابة الثلاثة مليارات دولار سنويا لاستيراد القمح، ولكنه تعثر ولم ير النور.
وفي
آب/ أغسطس 2021، أثار السيسي لأول مرة مسألة دعم رغيف الخبز قائلا: "ليس من المعقول
أن تبيع الحكومة 20 رغيف خبز بثمن سيجارة واحدة"، في إشارة إلى أن سعر رغيف الخبز
5 قروش في حين أنه يكلف الدولة 60 قرشا (الدولار كان يساوي حينها 15.70 جنيه).
أما
الآن، فتتجه الحكومة المصرية إلى تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي للفئات الأكثر احتياجا،
وفقا للنائب هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة في مجلس النواب، في خطوة طالما اعتبرتها
الحكومات المصرية خطا أحمر لا يمكن الاقتراب منه في بلد يعيش فيه نحو 30 مليونا تحت
خط الفقر.
وتبلغ
قيمة دعم السلع التموينية ورغيف الخبز 90 مليار جنيه بموازنة العام المالي
2022-2023 بزيادة تتجاوز الملياري جنيه فقط عن موازنة العام المالي الحالي، منها نحو
49 مليار جنيه لدعم رغيف الخبز، ما يشير إلى استمرار سياسة الدولة في تثبيت سعر رغيف
الخبز في العام المالي الحالي عند 5 قروش على الأقل.
خيارات
الحكومة تجاه الخبز المدعم
يرى
مستشار وزير التموين والتجارة الداخلية سابقا، إسماعيل تركي، أن مسألة التخلص من الدعم
العيني لمنظومة الخبز "مسألة وقت بالنسبة لحكومة السيسي تحت مسميات كثيرة، مثل
وصول الدعم لمستحقيه، ووقف الإهدار في منظومة الخبز المدعم، وغيرها من المبررات التي
تسوقها في مثل تلك الإجراءات التي تتعلق بحقوق المواطنين".
وأكد
في حديثه لـ"
عربي21" أن "الحكومة قلصت الدعم بالفعل خلال السنوات القليلة
الماضية، فقامت بتقليل وزن رغيف الخبز أكثر من مرة حتى وصل إلى وزن لا يمكن أن يقل
عنه، وقامت بتحديد عدد معين من الخبز لكل مواطن وهو خمسة أرغفة يوميا".
وأوضح
تركي أن أمام الحكومة ثلاثة خيارات وهي "تقليص عدد المستفيدين وهو ما حدث من خلال
حذف ملايين المستفيدين تحت مسمى تنقية بطاقات التموين، أو رفع سعر رغيف الخبز، أو تحويل
الدعم العيني إلى نقدي من خلال تحديد مبلغ معين لكل فرد وتحرير سعر الرغيف؛ وبالتالي
فإنها لا تتحمل الدولة أي زيادة في سعر رغيف الخبز لاحقا".
رحلة
رغيف الخبز في عهد السيسي
في عام
2014 حددت الحكومة المصرية 5 أرغفة لكل مواطن يوميا بعد أن كان العدد مفتوحا.
في
2014 تم تقليص الوزن القياسي للخبز من 130 غراما، إلى 110 غرامات في 2017، ثم 90 غراما
في 2020.
في عام
2017 فشلت مساعي الحكومة المصرية في تقليل عدد الأرغفة إلى 4 بدلا من 5.
في عام
2021 تعثرت خطط الحكومة برفع سعر رغيف الخبز المدعم إلى 20 قرشا بسبب الحرب في أوكرانيا.
في
2022 ذكرت الحكومة أنها تدرس تحويل الدعم العيني للخبز إلى دعم نقدي.
وحذر
خبير الاقتصاد الزراعي، عبد التواب بركات، من مغبة إنهاء الدعم العيني للخبز بأي طريقة
كانت سواء باستبداله أو تقليصه، وقال: "الخبز هو غذاء المصريين الرئيسي بل ويعتبر
الوجبة الرسمية لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية لأكثر من 60 مليون مصر معظمهم
فقراء، وأي تهاون في هذا الأمر سيؤدي إلى اضطراب غذائي في أجيال كاملة".
وقال لـ"
عربي21": "مصر لا تمتلك رفاهية الاستغناء عن الدعم العيني للخبز
تحت أي مسمى، والحديث عن تحويله إلى دعم نقدي واقتصاره على الفئات الأكثر فقرا واحتياجا
هو تلاعب واضح بالألفاظ فعدد فقراء مصر يتجاوز العدد الحقيقي الذي تم إعلانه في
2019 قبل أزمة كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية، ما يعني أننا أمام نسبة مضاعفة
فإذا كانت 30% فهي الآن 60%".