طرحت الزيارة والحراك الواسع الذي يقوم به المبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا، وعقد اجتماعات عدة مع الحكومة والرئاسي غربا والبرلمان شرقا، مزيدا من الأسئلة عن طبيعة دور ألمانيا الآن، وما إذا كانت تخطط لعقد مؤتمر "برلين3".
ووصل المبعوث الألماني الخاص إلى ليبيا، كريستيان بوك، إلى العاصمة طرابلس، في أول زيارة رسمية له، التقى خلالها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة، ووزيرة خارجيته، وكذلك رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لمناقشة الاستعداد للعملية الانتخابية، وأهمية وجود خارطة سياسية مباشرة للانتخابات تلقى الدعم الدولي اللازم لتنفيذها.
اقرأ أيضا: مبعوث ألماني يزور طرابلس لأول مرة.. ومباحثات حول "برلين 3"
"برلين3"؟
ناقش المبعوث الألماني مع وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، بالفعل، إمكانية تنظيم مؤتمر "برلين 3" للمضي قدما نحو تمهيد الاستقرار السياسي، وصولا لانتخابات وفق خارطة طريق مختصرة واضحة المعالم تحدد الالتزامات تجاه العملية الانتخابية"، وفق بيان رسمي لوزارة الخارجية الليبية.
في سياق متصل، التقى المسؤول الألماني برئيس البرلمان الليبي، عقيلة صالح، في شرق البلاد، ناقش معه كيفية إجراء الانتخابات في ليبيا في اسرع وقت؛ من أجل إخراج البلاد من المأزق الحالي".
فهل تنجح ألمانيا بعقد مؤتمر ليبي جديد يحمل اسم "برلين3"؟ وما الجديد الذي سيقدمه للمشهد الحالي والانتخابات؟
"تأثير دولي"
من جهتها، رأت عضو الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور في ليبيا، نادية عمران، أنه "بعد طول إهمال، عادت الأزمة في ليبيا تحظى بالاهتمام الدولي لتأثيرها على الوضع الإقليمي. ويقع الاهتمام الألماني في هذا الإطار الذي يسعى لإيجاد موطئ قدم في المشهد الليبي".
وأوضحت في تصريحات لـ"عربي21": "يرجع هذا الأمر إلى السياسة التي تتبعها حكومة الوحدة الوطنية في شرح مواقفها، وكونها تسعى للتداول السلمى على السلطة، وتدعم التوجه نحو الانتخابات. ويظهر ذلك جليا في مخاطبة رئيس الحكومة للمفوضية العليا للانتخابات بضرورة تحديث سجل الناخبين"، بحسب معلوماتها.
اقرأ أيضا: اجتماع دولي في برلين لدعم الحوار الليبي وإجراء انتخابات
"تنافس على الطاقة"
في حين قال الصحفي من الجنوب الليبي موسى تيهو ساي، إن "الاهتمام الغربي اللافت بالملف الليبي لا يمكن فصله عن تداعيات الصراع مع روسيا، خصوصا بعد التصعيد الأخير معها والمفتوح على كل الاحتمالات، وتريد ألمانيا الحفاظ على دورها راعية للحوارات السلمية في ليبيا".
وأضاف لـ"عربي21": "تسعى برلين من خلال ذلك إلى تعزيز وجودها أيضا كدولة أوربية مهمة لديها الحق في الحصول على موارد الطاقة ضمن حالة التنافس الأوربي على أهمية وجود تأثير على سياق التحولات السياسية في المشهد الليبي، وستسعى إلى عقد مؤتمر "برلين3" لتقييم مدى تأثيرها على المعادلة الجيوسياسية في ليبيا بناء على الدول التي ستحضر المؤتمر وتلتزم بما سيصدر عنه"، بحسب تقديره.
وتابع: "لدى ألمانيا أوراق أكثر من أي دولة أوربية بشأن الملف، منها كونها وسيطا مقبولا لدى الليبيين وحتى الكثير من الأطراف الإقليمية، خلاف بعض الدول كفرنسا وإيطاليا مثلا"، كما رأى.
الدور الألماني
وقال الأكاديمي والباحث الليبي، عماد الهصك، إن "ألمانيا لا تريد ترك الملف الليبي، فقد تملأ أي دولة هذا الفراغ الذي تتركه، فألمانيا تعد دولة مقبولة لدى جميع الأطراف المتصارعة، ولم تلعب دورا سلبيا في الصراع العسكري الدائر في ليبيا، وظلت على الحياد، وزيارة مبعوثها إلى طرابلس لا تعني بالضرورة أنها ترى في حكومة الدبيبة الممثل الوحيد للدولة الليبية، بل تراه طرفًا من أطراف الصراع، وأمرا واقعا لا بد من التعامل معه".
وأشار في حديثه إلى أن "ألمانيا تعرف أن انحيازها لطرف بعينه قد يكون سببا في فقدان الثقة فيها من بقية الأطراف الأخرى المهمة في المعادلة الليبية، كما تفقد بذلك عنصر قوتها، وهو الحياد، والوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف، فهذه هي الورقة الأقوى التي تجعل ألمانيا أكثر الدول ترجيحًا لوجود صيغة يتوافق عليها الجميع في ليبيا".
يشار إلى أن الأزمة السياسية في ليبيا مستمرة، لا سيما في ظل صراع على السلطة بين الشرق والغرب الليبي، أدى إلى حكومتين متنازعتين، هما الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة وتحظى بدعم دولي، وحكومة باشاغا التي شكلها البرلمان وتحظى بدعمه.
وتكافح ليبيا لحل الأزمة عبر الوصول إلى انتخابات وفق مبادرة أممية تقضي بتشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، للتوافق حول قاعدة دستورية تقود البلاد لإجراء تلك الانتخابات.
بوادر أزمة جديدة في ليبيا بعد توجه لتشكيل محكمة دستورية
هل تتسبب "مناورات" عقيلة صالح بإرباك المشهد في ليبيا؟
نشاط فرنسي شرق ليبيا.. وأنباء عن ترتيبات لإقامة قاعدة عسكرية