صحافة دولية

كاتب: نمط حياة الظواهري ساعد أمريكا على اغتياله

المنزل الذي اغتيل فيه زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري- تويتر

قال الكاتب إد بيلكنجتون في صحيفة "الغارديان"، إن أحد أقدم الأخطاء التي يقع بها المطلوبون كان السبب الذي على ما يبدو أنه أوقع أيمن الظواهري، زعيم القاعدة الأعلى الذي قُتل، وفقا للاستخبارات الأمريكية، في غارة بطائرة مسيرة صباح يوم الأحد، وهو أنه بات يمتلك عادة يومية.

وقال في مقال له ترجمته "عربي21" إن الظواهري اكتسب عادة للجلوس على شرفة منزله الآمن في شيربور، وهي منطقة دبلوماسية ميسورة الحال في كابول. وأصبح مغرما بشكل خاص بالخروج إلى الشرفة بعد صلاة الفجر، حتى يتمكن من مشاهدة شروق الشمس فوق العاصمة الأفغانية.

ووفقا لمسؤول أمريكي أطلع المراسلين يوم الاثنين، فإن مثل هذا السلوك المنتظم هو الذي سمح لعملاء المخابرات، ووكالة المخابرات المركزية، بتجميع ما أسموه "نمط حياة" الهدف. وهذا بدوره سمح لهم بشن ما أسماه البيت الأبيض "غارة جوية مخصصة" تتضمن صاروخين من طراز هيلفاير أطلقا من طائرة ريبر دون طيار يُزعم أنها ضربت الشرفة، وكان الظواهري عليها في الساعة 6.18 صباحا يوم الأحد.

ولفت إلى أن ذلك كان تتويجا لعقود طويلة من البحث عن الجراح المصري، الذي كانت أمريكا قد وضعت على رأسه 25 مليون دولار. لم يُحاسب الظواهري، 71 عاما، ليس فقط من جانبه باعتباره ثاني زعيم لبن لادن في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر، حيث بلغ عدد القتلى حوالي 3000 شخص، ولكن أيضا عن العديد من الهجمات الأخرى التي نفذها تنظيم القاعدة، بما في ذلك التفجير الانتحاري بالمدمرة الأمريكية كول في اليمن في تشرين الأول/ أكتوبر 2000، والتي قتلت 17 بحارا أمريكيا.

قال مسؤولون أمريكيون إن مهمة ملاحقة زعيم القاعدة بدأت في أوائل نيسان/ أبريل، عندما التقطت مصادر استخباراتية إشارات على أن الظواهري وعائلته قد تحركوا من مخابئهم الجبلية وانتقلوا إلى كابول. بعد عودة طالبان إلى السلطة في أفغانستان في آب/ أغسطس الماضي، وبدعم من شبكة حقاني طالبان، انتقل الظواهري وزوجته مع ابنتهم وأحفادهم إلى منزل في منطقة شيربور.

في روايتهم للأحداث، بذل المسؤولون الأمريكيون جهودا مضنية للتأكيد على أنه بموجب تعليمات جو بايدن تم تنفيذ المهمة بعناية وبدقة؛ لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين، وقال المسؤولون الأمريكيون إنه لم يُقتل أو يُجرح أي شخص آخر في الهجوم.

وقالت مصادر مطلعة على السلاح لرويترز إن صور الغارة على مواقع التواصل الاجتماعي توحي باستخدام هيلفاير معدلة تسمى آر 9 إكس بستة شفرات لإلحاق أضرار بالهدف. لقد تسببت بشكل مفاجئ في أضرار طفيفة تتجاوز الهدف، ما يشير إلى أنها قد تكون نسخة من الصاروخ يكتنفها السرية، وتستخدمها الولايات المتحدة لتجنب وقوع إصابات بين غير المقاتلين.


تم إخطار الرئيس الأمريكي لأول مرة بمكان وجود الظواهري في نيسان/ أبريل، وعلى مدى الشهرين التاليين، تعمقت مجموعة متماسكة من المسؤولين في المعلومات الاستخباراتية، ووضعت خطة. تم بناء نموذج مصغر لمنزل شيربور، يظهر الشرفة التي كان زعيم القاعدة يحب الجلوس فيها. مع تزايد حدة المناقشات حول ضربة محتملة، تم إحضار النموذج إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض في 1 تموز/ يوليو؛ حتى يتمكن بايدن من رؤيته بنفسه.

وصرح مسؤول كبير في الإدارة للصحفيين بأن الرئيس "فحص عن كثب نموذج منزل الظواهري الذي بناه مجتمع المخابرات وأحضروه إلى غرفة العمليات في البيت الأبيض، لتقديم إحاطة بشأن هذه القضية".

قدم البيت الأبيض مزيدا من الادعاءات لدعم حجته بأن الهجوم كان قانونيا ولا تشوبه شائبة، وتقتصر الخسائر في الأرواح على الظواهري وحده. قال المسؤولون إنه تم إحضار مهندسين لتحليل المنزل الآمن، وتقييم ما سيحدث له من الناحية الهيكلية في أعقاب غارة بطائرة مسيرة.

 

 

اقرأ أيضا: WP:ماذا كان يفعل الظواهري في وسط كابول؟


وبالمثل، تمت استشارة المحامين حول ما إذا كان الهجوم قانونيا. وأشاروا إلى أنه كان كذلك، بالنظر إلى الدور البارز للهدف كزعيم لمجموعة إرهابية.

تلقى بايدن، الذي أصبح الآن قيد الحجر الصحي مع كوفيد، إحاطة أخيرة في 25 تموز/ يوليو، وأعطى الضوء الأخضر. لقد كان قرارا يتناقض بشكل صارخ مع النصيحة التي قدمها لباراك أوباما في مايو 2011، بعدم المضي قدما في مهمة القوات الخاصة التي قتلت بن لادن في غارة على منزله الآمن في أبوت آباد، باكستان.

مساء الاثنين، وقف بايدن على شرفته الخاصة -هذه الشرفة في البيت الأبيض مع نصب واشنطن التذكاري ونصب جيفرسون التذكاري كخلفية له- لمخاطبة الأمة.

قال بايدن: "لقد سمحت بالضربة الدقيقة التي ستخرجه من ساحة المعركة بشكل نهائي. لقد تم التخطيط لهذا الإجراء بعناية وبصرامة؛ لتقليل مخاطر إلحاق الأذى بالمدنيين الآخرين".

تم تضخيم إصرار بايدن على عدم مقتل أي شخص آخر غير زعيم القاعدة في الهجوم مرارا من قبل المسؤولين الأمريكيين. كانت الرواية التي قدمها البيت الأبيض هي أنه تم القضاء على الظواهري بشكل نظيف من خلال تطبيق الحرب التكنولوجية الحديثة.

الشك لا يزال قائما، على الرغم من الاحتجاجات. على مر السنين، أثبتت ضربات الطائرات دون طيار في كثير من الأحيان أنها ليست دقيقة.

وفي آب/ أغسطس من العام الماضي، أشاد البنتاغون في البداية بضربة جوية أمريكية بطائرة دون طيار في كابول، باعتبارها مهمة ناجحة للقضاء على مفجر إرهابي محتمل يخطط لشن هجوم على مطار المدينة. فقط بعد أن نشرت صحيفة نيويورك تايمز تحقيقا شاملا، أظهر أن الغارة قتلت في الواقع 10 مدنيين، بمن فيهم عامل إغاثة وسبعة أطفال، اعترف الجيش الأمريكي بأن المهمة قد سارت بشكل خاطئ.


وربما وضع البيت الأبيض في اعتباره الشكوك التي من المؤكد أنها ستدور حول مقتل الظواهري لأيام قادمة، وقال إن المنزل الآمن في شيربور، حيث وقعت غارة الطائرات المسيرة، ظل تحت المراقبة لمدة 36 ساعة بعد الهجوم وقبل أن يتحدث بايدن إلى الأمة. وقال مسؤولون إن أقارب الظواهري شوهدوا وهم يغادرون المنزل تحت حراسة حقاني من طالبان، مؤكدين أنهم نجوا من الغارة.