مدونات

"العفو الرئاسي" بمصر.. لجنة "الخيار والفقوس"

أدهم حسانين
منذ أيام، خرج علينا إعلام النظام العسكري في مصر عبر المذيع عمرو أديب بتصريحات غريبة تنزع مصرية ووطنية فصيل مصري أصيل، سواء اختلفت أم اتفقت معه، ألا وهو جماعة الإخوان المسلمين، كما صرّح بمقولة أخرى وكأنهم تناسوا التاريخ.

ويخرج علينا طارق الخولي، عضو ما تسمى لجنة "الخيار والفقوس" أو لجنة العفو الرئاسي، بأن معتقلي الإخوان المسلمين ليسوا ممن يشملهم العفو أو من شارك في أعمال عنف؛ بدعوى أنهم خطر على المجتمع حتى بعد خروجهم من المعتقلات.

أجد في هذه التصريحات العنصرية، وبالأخص بعد فشل مسلسل "الاختيار 3"، والذي أصبح أضحوكة بعدما يحاول قائد الانقلاب العسكري رسم صورة خيالية في عقله المريض عنه، وأنه المسيح المخلص لشعب مصر، تجديدا لنبرة صوت سمع نشازها بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو، والذي تأتي ذكراه التاسعة بعد أيام قليلة، ألا وهي "أنتم شعب وإحنا شعب"، ونبرة تسلم الأيادي التي تغنى بها طبالو النظام العسكري.

تسمع تصريح عمرو أديب في برنامجه مستغربا جدا محاولة الإخوان المسلمين لعرض رأيهم بما أنهم مصريون، ويأتي مستنكرا محاولتهم فقط إبداء الرأي في هذا الأمر، وأن لهم شرطا واحدا وهو رد المظالم أولا، فيخلع عنهم مصريتهم بأنهم ليسوا مصريين، وكأن البلاد التي تركناها أصبحت "دولة الوسية" لا يحكم فيها إلا العسكر ومن يدين لهم بالولاء والسمع والطاعة، وإلا فالجزاء يكون الطرد والحرمان من "جنة عدن".

ولست هنا بصدد عرض تاريخ الإخوان المسلمين الوطني أو مشاركاتهم الوطنية على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الأمة كلها، سواء اتفقت أم اختلفت سيظلون فصيلا وطنيا، وأتى منهم أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر منذ الفراعنة.

ألم يكن أولى بلجنة ما يسمى العفو الرئاسي (أو تسميتها الصحيحة بلجنة "الخيار والفقوس") أن تكون على قدر بسيط من الإنصاف، وتضع أسماء معتقلي الرأي من التيارات السياسية الإسلامية، على الأقل ممن يعرف أنهم في خصومة شخصية مع النظام العسكري؟

هل محمد الباقر أو محمد أبو هريرة أو عزت غنيم وغيرهم من الحقوقيين أو الصحفيين والإعلاميين المعتقلين، فقط لأنهم ينقلون الصورة سواء بكلماتهم؛ يمكن تصويرهم بأنهم محسوبون على التيار الإسلامي..؟!

المئات من الشباب والنساء والأطفال المعتقلين منذ سنوات لم يحركوا مشاعركم الإنسانية؟ أم أنها ماتت قلوبكم فأصبحتم تأتمرون بأمر فرعون مصر، فيأمر بذبح الآباء واعتقال الأبناء والبنات والسيدات، مثل والدة المعتقل عبد الرحمن الشويخ التي طالبت بإنقاذه من انتهاكات تعتبر جرائم ضد الإنسانية، فاعتقلوها لأنها تطالب بحرية ابنها.

ما ذنب إخوة لعبد الرحمن عز في أن يعتقلوا لأنهم فقط إخوانه؟ وما ذنب فلان وفلان وفلان؟ ألأنهم فقط أهل الصحفي هذا والإعلامي ذاك؟

وتذكرت هنا كلمة الشهيد سيد قطب حينما عرضوا عليه أن يكتب تأييدا لفرعون عصره جمال عبد الناصر لكي يخفف حكم الإعدام، فكان رده أن السبابة التي تشهد أن لا إله إلا الله مستحيل أن تكتب تأييدا لطاغية.

كلنا تتوق أنفسنا لتغريد العصافير خارج أقفاصها، وأقصد هنا المعتقلين، وأن يرجعوا إلى أهليهم سالمين غانمين، ولكن هذا لن يتحقق إلا إذا خرج رجال أقوياء يضربون بيد من حديد على أصحاب دعوات الانقسام والانبطاح والاستسلام بين مناهضي الانقلاب العسكري، وصارت لهم الكلمة موحدة وعلى قلب رجل واحد حتى تزول هذا الغمة.

بدلا من الاستفادة من جهود أبناء الأمة المصرية من كافة التخصصات من أبناء الإخوان المسلمين، يخرج علينا واحد مثل طارق الخولي، وهو معروف بتاريخه السيئ بعمل الانقسامات داخل الحركات الشبابية، بأنهم ليسوا في الحسبان، ولم يأت على ذكرهم، كأنهم أصبحوا مبنيا للمجهول.

يا رجال الثورة، استقيموا واستقبلوا قبلتكم الحقيقية، ولا تلتفتوا إلى أشياء فرعية لن تغني ولن تسمن من جوع، واتركوا من ارتضى أن يكون مطية للعسكر وأذنابه فعمل بمهمة نشر الخنوع والخضوع للعسكر ودس السم في العسل.

دمتم أحرار ثوارا لا يقبلون الدنية، ولا ينزلون على رأي الفسدة.