أكد مؤتمر في لندن حول تصنيف إسرائيل كنظام فصل عنصري (أبارتايد)؛ أن كل المعايير اللازمة لهذا التصنيف متحققة منذ سنوات طويلة، لكن استغرق الأمر وقتا طويلا حتى انتهاء منظمات حقوقية دولية إلى تنزيلها على الواقع الفلسطيني.
وشارك في المؤتمر، الذي نظمه المركز الدولي للعدالة للفلسطينيين، ممثلون عن منظمات حقوقية دولية.
وأشار الناشط في منظمة بتسيلم الحقوقية، حاجاي إلعاد، إلى أن هذا النظام في الأراضي الفلسطينية يهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافي، فـ"يرحب باليهود ويرفض الفلسطينيين".
وقال إن السلوك الإسرائيلي يتوجه لنزع الصفة الإنسانية على الفلسطيني، فيما هناك تفكير مشترك للمؤسسات الإسرائيلية، من قضاة وجيش وشرطة، على حرمان الفلسطينيين من حقوقهم، مشيرا إلى أن الفلسطيني الذي يعاني أو يهدم بيته لا تهمه التعريفات القانونية بقدر اهتمامه بحماية نفسه من الاعتداءات.
ولفت إلعاد إلى أن إسرائيل تستخدم تعبيرات مختلفة لمنتقديها، ففي الغرب مثلا تصفهم بمعاداة السامية، وداخل الأراضي الفلسطينية بالإرهاب.
من جهته، قال الباحث في منظمة العفو الدولية، سولومون ساكو، إن المنظمة التي أصدرت تقريرها مؤخرا، والذي وصفت فيه إسرائيل كدولة فصل عنصري، نظرت في ما إذا كان هناك نظام للتمييز ضد الفلسطينيين من جانب إسرائيل، مشيرا إلى اتباعها وسائل لإخضاع الفلسطينيين. وهذا النظام مصمم لمصلحة مجموعة واحدة وقمع أخرى تعيش على الأرض ذاتها. كما أنه من أساليب الفصل العنصري مثلا تخصيص طرق للمستوطنين ومنع الفلسطينيين من استخدامها.
وشدد ساكو على أن على الحكومات الغربية دعم المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم ضد الفلسطينيين، واتخاذ إجراءات لمحاسبة إسرائيل مثل وقف تزويدها بالسلاح واستخدام سلطة الولاية القانونية العالمية لمحاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم.
ودعا الأمم المتحدة لأخذ القضية على محمل الجد لمحاربة التمييز في كل مكان، بما في ذلك في فلسطين.
وتحدثت سارة ليا ويتسون، المديرة السابقة لقسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش والمديرة التنفيذية لمؤسسة داون حاليا، عن المساعي التي تقوم بها إسرائيل لإسكات الأصوات المنتقدة لها حول العالم، وقمع حرية التعبير، بما في ذلك استخدام ذريعة معاداة السامية، إضافة إلى الحماية التي توفرها بعض الدول لها.
لكنها أشارت إلى تحولات في العام العالمي، برزت في المظاهرات التي خرجت حول العالم ضد الجرائم الإسرائيلية خلال الحرب على غزة في أيار/ مايو 2012، ومؤخرا بعد مقتل مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
وأشارت إلى أن العديد من الدولة تضع قوانين لمنع انتقاد إسرائيل، كما تم منع تظاهرات بحجة أنها قد تحتوي على مظاهر معادية للسامية، مثل منع مظاهرات في ألمانيا بعد مقتل أبو عاقلة.
كما أن إسرائيل تركز على فرض تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست؛ لمعاداة السامية، لإسكات الأصوات المنتقدة للسياسات الإسرائيلية. وقد تبنت حكومات غربية وأحزاب وجامعات هذا التعريف، لافتة إلى أن هذه محاولة لتوفير الحماية لإسرائيل رغم ممارستها الفصل العنصري.
من جهته، قال مسؤول برنامج فلسطين وإسرائيل في منظمة هيومن رايتس ووتش، عمر شاكر، إن الفلسطينيين تحدثوا منذ عقود عن تعرضهم للفصل العنصري، "لكن لم نستمع إليهم".
وأشار إلى أن خبراء قانونيين من العديد من المنظمات الدولية درسوا الواقع على الأرض؛ للتحقق من توفر شروط تصنيف الفصل العنصري.
وقال إن من ملامح هذا الفصل أن مجموعتين تعيشان على أرض واحدة، لكن الحكومة تضع نظاما لمصلحة مجموعة، فيما يتم قمع المجموعة الأخرى. وشدد شاكر على أن نظاما يمنع الملايين من حقوقهم لا يمكن أن يكون ديمقراطيا.
ونبه شاكر إلى أن هناك دائما نقطة حرجة يمكن أن تؤدي إلى تغيير الأوضاع، وقضية شيرين أبو عاقلة قد تكون هذه النقطة في الحالة الإسرائيلية.
وأشار إلى أنه بعد اتفاقية أوسلو، بات الفلسطينيون يتعرضون لقمع آخر من السلطة الفلسطينية التي يتم توفير أدوات القمع لها.
من جانبه، لفت شعوان جبرين، المدير العام لمؤسسة حق الفلسطينية لحقوق الإنسان، إلى طريقة تفاعل الدول الغربية مع حالة أوكرانيا، لكنه أكد: "إننا لا نقارن بين ضحايا وضحايا، ولكن عندما تصبح هناك انتقائية، فتجب الإشارة لذلك".
وشدد على تطبيق القانوني الدولي، وتقديم الدعم للمحكمة الدولية، متحدثا عن ضغوط على السلطة الفلسطينية لمنعها من التوجه للمحكمة الجنائية الدولية.
ورأى أن على الفلسطينيين ألا يقلقوا من طول الزمن قبل تحقيق العدالة، "لكن الثمن كبير". وقال إن الضغوط على إسرائيل يقوم بها "جيل جديد وبوسائل مختلفة".
وتحدث في المؤتمر وضاح خنفر، المدير السابق لقناة الجزيرة ومدير منتدى الشرق، حيث عقد مقارنة بين نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وإسرائيل.
وتطرق لجريمة قتل أبو عاقلة، مقارنا بين هجوم لنظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على جنازة لناشط مناهض لهذا النظام، والهجوم على جنازة أبو عاقلة في القدس هذا الشهر من جانب شرطة الاحتلال الإسرائيلي.
وأشار إلى أن أبو عاقلة أصبحت عامل وحدة للفلسطينيين، حيث أراد الفلسطينيون أن تكون رواية شيرين هي التي تقدم للعام، فهناك "قناعة (لدى الفلسطينيين) بأنه إذا تمت رواية القصة الفلسطينية بموضوعية، فستلاقي انتشارا في العالم، وهذا ما كانت تفعله شيرين"، لافتا إلى أنها كانت صحفية تؤدي عملها بمهنية.
وقال إن الفصل العنصري تجاه الفلسطينيين واضح، لكن العالم لا يريد الاعتراف به قانونيا وسياسيا وأخلاقيا.
ودعا الصحفيين في الغرب للرقي بالجانب الأخلاقي، مشيرا إلى أنه "عندما تقتل زميلة صحفية، وهناك شهود يؤكدون أنها قتلت على أيدي الإسرائيليين، مع ذلك هناك مؤسسات إعلامية تقول إنه لا يعرف من قتل شيرين". وكذلك الحال بعد مهاجمة الجنازة في القدس.
وتطرق إلى اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، وقال إن هناك تحالفا بين الاستبداد في المنطقة والفصل العنصري الإسرائيلي، في إشارة إلى تصدير وسائل المراقبة التي استخدمت لمراقبة خاشقجي.
ورأى خنفر أن المحاكمات التي تعرض لها اليهود سابقا في أوروبا يجب أن تكون دافعا لهم لدعم الفلسطينيين الذين يتعرضون للاضطهاد.
اهتمام إعلامي بالإعلان عن إحالة ملف أبو عاقلة لـ"الجنائية" (صور)
أبرز الرسائل التي وجهها الاحتلال بقتل أبو عاقلة (إنفوغراف)
وقفة لصحفيين في لندن تطالب بمعاقبة قتلة "أبو عاقلة" (شاهد)