سياسة تركية

هل تؤثر أحداث الأقصى على مسار التطبيع بين أنقرة وتل أبيب؟

يتصاعد التوتر في المسجد الأقصى منذ بداية رمضان- الأناضول

تثار التساؤلات حول تأثير الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية على مسار تطبيع العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي، وتركيا، وسط تأكيد الأخيرة على اعتبار القضية الفلسطينية ضمن الخطوط الحمراء لها.

 

وتسعى تركيا لإعادة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وتبادل السفراء بينهما من جديد، فيما أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو أنه يعتزم زيارة تل أبيب في 24 آيار/ مايو المقبل برفقة وزير الطاقة فاتح دونماز.

 

ورغم اعتبار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن "الدفاع عن القضية الفلسطينية يمر عبر إقامة علاقات متوازية مع إسرائيل"، ترفض أوساط تركية أن تكون عودة العلاقات على حساب القضية الفلسطينية.

 

ونوه أردوغان إلى أن "الخطوات التي تتخذها بلاده بشأن العلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل شيء، وأن قضية القدس شيء آخر"، مؤكدا التزام بلاده بالوفاء بمسؤولياتها التاريخية والدينية.

 

وتابع أردوغان، بأن "تركيا تعبر علانية عن حساسيتها تجاه وضع القدس وخصوصية المسجد الأقصى لكل مسؤول أو زعيم سياسي وديني في إسرائيل".

 

الكاتب التركي برهان الدين دوران، ذكر في تقرير على صحيفة "صباح"، أن عملية التطبيع التركية الإسرائيلية، التي اكتسبت زخما مع زيارة الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ في 9 آذار / مارس، تسير ببطء وحذر بمفهوم تل أبيب القائم على مراعاة التوازنات السياسية الداخلية، واستعادة العلاقات الثنائية التي تدهورت منذ عام 2009، تتطلب دبلوماسية حازمة وقادرة على التغلب وإدارة الأزمات.

 

اقرأ أيضا: أنقرة: الاعتداءات العنصرية ومعاداة الإسلام زادت برمضان
 

وأضاف رئيس مركز "سيتا" للدراسات في أنقرة، أن العنف ضد الفلسطينيين خلال شهر رمضان وإصرار المستوطنين المتطرفين على دخول المسجد الأقصى أدى إلى أزمة تختبر العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.

 

وتابع بأن أردوغان رسم إطار التطبيع، بقوله إن الفلسطينيين والقدس والمسجد الأقصى يشكلون الخطوط الحمراء لتركيا، وأن ما يجري يزعجه.

 

وأوضح أن الأحداث الجارية في الأراضي الفلسطينية أظهرت أن تطبيع العلاقات يخضع لسلسلة من الاختبارات، وعلى الرغم من أن إنشاء خط أنابيب الغاز الطبيعي معا يشكل شراكة هامة للمصالح التركية الإسرائيلية في مجال الطاقة، إلا أن القدس والمسجد الأقصى غالبا ما يكونان في موضع قد يشكل أزمة.

 

وأشار إلى أن "تركيا تتصرف بشكل حاسم، معتبرة أن عملية التطبيع هي أيضا لصالح الفلسطينيين، ولكن لكي لا تكون العملية هشة، يجب أن تكون التوقعات والمواقف وإدارة العملية واضحة، ويحتاج الرأي العام في تركيا و"إسرائيل"، إلى أن يرى أنه يمكن التغلب على الأزمات بحوارات معقولة" على حد وصفه.

 

وذكر الكاتب التركي أنه يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن السياسة الإسرائيلية قد تحولت إلى اليمين خلال عهد نتنياهو، وميزان (60/ 60) في الكنيست الإسرائيلي يدفع حكومة بينيت إلى التصرف بحذر أكبر.

 

وأوضح أن تأثير الدوائر في "إسرائيل" التي تعتقد أنها لا تحتاج إلى تطبيع مع تركيا مهم جدا، كما أن هناك تأثيرات غير مباشرة لبعض الجهات الفاعلة إقليميا التي لا تحبذ تطبيع العلاقات بين أنقرة وتل أبيب.

 

الكاتب التركي محمد أجاد في تقرير على صحيفة "يني شفق"، أكد أن التطبيع مع تل أبيب لن يكون على حساب القضية الفلسطينية.

 

ورأى أن العنف الوحشي الذي مارسته الجماعات المتطرفة وقوات الاحتلال ضد الفلسطينيين في القدس والمسجد الأقصى ورام الله خلال شهر رمضان؛ بمثابة اختبار لنهج أنقرة.

 

اقرأ أيضا: مظاهرات في تركيا تندد باقتحام المسجد الأقصى (شاهد)
 

ونوه إلى ما صرح به أردوغان خلال اجتماع مع حزب العدالة والتنمية الاثنين الماضي، بقوله: "لطالما قلنا لإسرائيل إن فلسطين والقدس والمسجد الأقصى هي خطوط حمراء بالنسبة لنا، وسنقول الشيء ذاته خلال اتصالنا مع السيد هرتسوغ. وإذا كنتم تريدون علاقات جيدة معنا، فعليكم احترام هذه الخطوط الحمراء".

 

وعقب اتصاله برئيس دولة الاحتلال، كتب الرئيس التركي على حسابه على "تويتر": "نشعر بحزن بالغ لأن قرابة 400 فلسطيني أصيبوا، فضلًا عن 18 شخصًا بينهم أطفال لقوا حتفهم جرّاء الأحداث التي وقعت في الضفة الغربية والمسجد الأقصى منذ بداية شهر رمضان".

 

وأضاف أردوغان: "أود أن أؤكد مرة أخرى على ضرورة عدم السماح بالاستفزازات والتهديدات ضد مكانية وقدسية المسجد الأقصى في هذه الفترة الحساسة".

 

وبحسب الكاتب أجاد، فقد ذكر أردوغان أن "الدفاع عن القضية الفلسطينية يمر عبر علاقات منطقية ومتوازنة مع إسرائيل"، "ولكن هذا لا يعني أننا سنغض الطرف عن الاعتداءات والاحتلال ضد أماكننا المقدسة في القدس والأراضي الفلسطينية الأخرى مطلقا".