ملفات وتقارير

لماذا يسقط السيسي ملف حقوق الإنسان بسبب الأزمة الاقتصادية؟

السيسي أكد عدم قدرته على تأمين الطعام أو الرعاية الصحية أو فرص العمل- الأناضول
حالة من الجدل أثارتها تصريحات رئيس سلطة الانقلاب بمصر، عبد الفتاح السيسي، بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر، التي كشفت أن لا وجود لهذا الملف على رأس أولويات النظام ما دام هناك فقر وتردي أوضاع اقتصادية وخدمية.

وتساءل السيسي خلال إطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، الاثنين، موجها حديثه للمتحدثين في الغرب عن حقوق الإنسان: "أقول للدول التي تقول لنا لماذا لا تعطوا حقوق للناس.. حقوق إيه (ماذا)؟.

وأضاف السيسي: "أنا مش لاقي آكل، أنا مش عارف أعلّم، مش أعالج، مش أشغل، مش عارف أسًكِن.. اذهبوا إلى المرج والمطرية والخصوص (أحياء شعبية كبيرة ومتهالكة في القاهرة) ادخلوا وشوفوا لما بمشي في الشوارع بلاقي ايه هي دي بلادنا.. انزلوا شوفوا البلاد بعين حقيقية أنا حتى أفتح شارع بشيل ألف شقة!".

وأماط السيسي عن مفهومه لحقوق الإنسان قائلا: "فى بلجيكا، التقيت بالناس وكلمت الدنيا.. من ضمن الحاجات اللي كنت بتكلم مع المسؤول قلتله ليه مسألتنيش عن الناتج المحلى بتاعك كام؟ استغرب .. وقلتله الناتج المحلي عندك كام قالي 500 مليار. والسكان قال 10 ملايين نسمة، قلت له يبقا أنا عاوز دخلي 5 تريليون دولار علشان عندي 100 مليون نسمة، وعلشان انا معنديش المبلغ ده الناس في مصر مش بتاكل كويس ومبتتعلمش كويس ومبتتعالجش كويس.. أدي (هذه) حقوق الإنسان اللي أنا أعرفها".

وانتقد سياسيون وحقوقيون تصريحات السيسي، التي ساوم فيها المصريين بين حقوقهم وبين طعامهم وشرابهم، وأكدوا في تصريحات لـ"عربي21" أن مثل هذه التصريحات العفوية تكشف حقيقة تفكير الرجل حول سجل بلاده الأسود في انتهاكات حقوق الإنسان، وأن العمل على تحسين أوضاع المصريين ليس مبررا لانتهاك حقوقهم وحرياتهم وقمعهم وإسكاتهم ثمنا للقمة العيش وحبة الدواء وشربة الماء، التي باتت مهددة بسبب سد النهضة.

 
"شماعة"

في سياق تعليقه، قال السياسي المصري والمعارض الدكتور أشرف عبد الغفار، إن "السيسي يعبر عن نفسه بصراحة، لكن السؤال: ما دخل انتهاك حقوق الإنسان بالأزمة الاقتصادية؟ هذا التصريح له أكثر من معنى، أولها أنه يتسول من الغرب حل مشاكله الاقتصادية قبل أن يطالبوه بمعالجة ملف حقوق الإنسان".

وأضاف لـ"عربي21": "ثانيها، هو إهدار حقوق الملكية، وهو الأخطر، و الاستيلاء على أموال المواطنين تحت زعم الأزمة الاقتصادية، وهو أخطر ما يمكن تخيله، والاستيلاء على أموال وأراض ومشاريع ومصانع وإيداعات الأفراد والشركات والهيئات، تحت مسمي إنقاذ اقتصاد الوطن، والوطن في الحقيقة مسروق من السيسي ورجاله، والأزمة الاقتصادية مفتعلة بسبب اختلال سياساته الاقتصادية".

وأوضح أشرف، مدير مركز "إنسانية" في إسطنبول: "كان الأولى بالسيسي أن يسعى لاستقرار اقتصاد البلاد، لكنه ومؤسسات العسكر ورجاله وبطانته نهبوا البلد تحت مسمى مشروعات قومية كان من الممكن الاستغناء عنها تماما، أو إنجازها بتكاليف أقل بكثير، ناهيك عن السرقات والعمولات والنهب في كافة المشاريع والإجراءات الحكومية".

واعتبر أن حديث السيسي "رسالة للغرب بأنه سيمضي قدما في تجاهل هذا الملف تحت مزاعم الأزمة الاقتصادية، وانشغاله بتوفير الطعام والسكن والعلاج للمصريين الذين يدفعون ثمن الخدمات أضعافا مضاعفة، وليس ما يعانونه من فقر وعوز إلا بسبب سياساته الاقتصادية، التي تقوم على الجباية، وإرهاق كواهل المواطنين، وامتصاص دمائهم، وإفقارهم".

 

اقرأ أيضا: السيسي للشعب المصري: "مش لاقي آكل" (شاهد)

"مساومة"

من جهته، رفض مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، خلف بيومي، ما ذهب إليه السيسي من ربط الملف الاقتصادي بالوضع الحقوقي في مصر، قائلا: "لا وجه للمفاضلة أو المقارنة، لا أستطيع الفصل بين تحسين الوضع الاقتصادي وبين تحسين حالة حقوق الإنسان، وغير ذلك هي مساومة في غير محلها، وغير مقبولة ولا معقولة".

مضيفا لـ"عربي21": "يجب أن يسيرا (تحسين الاقتصاد وحقوق الإنسان) في اتجاه واحد، ويتأثر كلاهما بالآخر سلبا وإيجابا، وكلام النظام عن الاهتمام بالجانب الاقتصادي مقدم على تحسين حقوق الإنسان كلام مغلوط، الغرض منه التدليس على الشعب المصري، ومع ذلك لا نرى تحسنا في المجال الاقتصادي".

وأكد أن "المشاكل التي يعاني منها المواطن المصري منذ عقود مستمرة، بل زادت الأعباء المالية والتكاليف، وارتفعت الأسعار، فما زالت مشاكل المياه والبيئة والصحة والعمل والسكن تسبب أرق ومعاناة بالغة للمواطن المصري، لذلك يلجأ النظام إلى انتهاك حقوق الإنسان؛ من أجل أن يصمت الناس عن حقوقهم".

عقب تصريحات السيسي، دشن نشطاء هاشتاج #ارحل يا سيسي، وطالبوه بالرحيل؛ بسبب فشله الكبير في معالجة هموم الناس وتحسين أحوالهم طوال فترة حكمه منذ عام 2014، وعددوا وعود السيسي السابقة بتحسين مستوى معيشة جميع المصريين، وتبديد كل آلامهم، وتحقيق كل آمالهم، عاما تلو الآخر، دون أن تتحقق، بل وتأتي بنتائج كسية، بحسب تغريداتهم.