TA: دبلوماسية الغرب تفشل أمام عجرفة الروس

انتقدت مجلة "أتلانتك" ليز تراس، وزيرة الخارجية البريطانية، التي وصفتها بخفيفة الوزن، بعد ذهابها لموسكو لإخبار نظيرها سيرغي لافروف، أنه لا ينبغي لبلاده أن تغزو أوكرانيا، والتي تسرب لاحقا أنها خلطت بعض المناطق الروسية مع المناطق الأوكرانية، لإضافة المزيد من الإهانة.

وقالت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، إن لافروف شبه اللقاء بـ"حوار الطرشان"، وأضافت: "لقد فعل هذا مرات عديدة من قبل. لقد كان بغيضا أمام رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، العام الماضي. وكان كريها في المؤتمرات الدولية، ووقحا مع الصحفيين.

وقالت إن سلوكه ليس من قبيل الصدفة. يستخدم لافروف، مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، العدوان والسخرية كأدوات لإظهار ازدرائه لمحاوره، ولتصوير المفاوضات على أنها عديمة الجدوى حتى قبل أن تبدأ، لإثارة الرعب واللامبالاة. الهدف هو وضع الدبلوماسيين الآخرين في موقف دفاعي، أو جعلهم يستسلمون في حالة من الاشمئزاز".

وتابعت: "لكن حقيقة أن لافروف غير محترم وبغيض ليس جديدا. وكذلك حقيقة أن بوتين يلقي محاضرات على القادة الأجانب لساعات وساعات حول مظالمه الشخصية والسياسية. لقد فعل ذلك في المرة الأولى التي التقى فيها الرئيس باراك أوباما منذ أكثر من عقد. لقد فعل الشيء نفسه بالضبط الأسبوع الماضي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. كان ينبغي أن تعرف تراس كل هذا، بدلا من تقديم لغة فارغة حول القواعد والقيم".

وقالت المجلة: "كان من الممكن أن تضيف تراس، أو بوريل قبلها، مجرد لمسة من الإهانة الشخصية، على غرار لافروف نفسه، وتسأل بصوت عالٍ: كيف يمكن للافروف أن ينفق على العقارات الفخمة التي تستخدمها عائلته في لندن من راتبه الشخصي. كان بإمكانها سرد أسماء العديد من الموظفين الحكوميين الروس الآخرين الذين يرسلون أطفالهم إلى مدارس في باريس أو لوغانو. كان بإمكانها أن تعلن أن هؤلاء الأطفال الآن، جميعهم، في طريقهم إلى روسيا مع والديهم: لا مزيد من المدارس الأمريكية في سويسرا، لا مزيد من شقق الإجازات في نايتسبريدج، لا مزيد من اليخوت المتوسطية".

وأشارت إلى أنه "بالطبع لن تقول تراس مثل بوريل، مثل ماكرون، مثل المستشار الألماني الذي توجه إلى موسكو هذا الأسبوع، أي شيء من هذا القبيل، ولا حتى في السر. فالمأساة هي أنه لا يزال القادة والدبلوماسيون الغربيون الذين يحاولون الآن درء الغزو الروسي لأوكرانيا يعتقدون أنهم يعيشون في عالم حيث القواعد مهمة، حيث ينفع البروتوكول الدبلوماسي، حيث يتم احترام الكلام المهذب.

وقالت إنهم يعتقدون أنهم عندما يذهبون إلى روسيا يتحدثون إلى أشخاص يمكن تغيير عقولهم عن طريق الجدل أو النقاش. يعتقدون أن النخبة الروسية تهتم بأمور مثل سمعتها، وهي ليست كذلك".

وفي الواقع، عند التحدث إلى الجيل الجديد من المستبدين، سواء في روسيا أو الصين أو فنزويلا أو إيران، فإننا نتعامل الآن مع شيء مختلف تماما: أشخاص لا يهتمون بالمعاهدات والوثائق، أشخاص يحترمون القوة الصارمة فقط. روسيا تنتهك مذكرة بودابست، الموقعة عام 1994، والتي تضمن الأمن الأوكراني. هل سمعت بوتين يتحدث عن ذلك من قبل؟ بالطبع لا. كما أنه لا يشعر بالقلق بشأن سمعته غير الجديرة بالثقة: الكذب يبقي المعارضين متيقظين. ولا يمانع لافروف إذا كان مكروها، لأن الكراهية تمنحه هالة من القوة.

نواياهم مختلفة عن نوايانا أيضا، هدف بوتين ليس روسيا مزدهرة ومسالمة وثرية، بل روسيا حيث يظل في السلطة. هدف لافروف هو الحفاظ على موقعه في العالم الموحل للنخبة الروسية، وبالطبع الاحتفاظ بأمواله. ما نعنيه بكلمة "اهتمامات" وما يعنوه بكلمة "اهتمامات" ليسا نفس الشيء. عندما يستمعون إلى دبلوماسيينا، فهم لا يسمعون أي شيء يهدد موقفهم وسلطتهم وثرواتهم الشخصية.

وعلى الرغم من كل حديثنا، لم يحاول أحد بجدية إنهاء غسيل الأموال الروسي في الغرب، أو النفوذ السياسي أو المالي الروسي في الغرب، بدلا من الحد منه ببساطة. لم يأخذ أحد على محمل الجد فكرة أن الألمان يجب أن يجعلوا أنفسهم مستقلين الآن عن الغاز الروسي، أو أن فرنسا يجب أن تحظر الأحزاب السياسية التي تقبل الأموال الروسية، أو أن المملكة المتحدة وأمريكا يجب أن تمنع القلة الحاكمة الروسية من شراء العقارات في لندن أو ميامي. لم يشر أحد إلى أن الرد المناسب على حرب المعلومات التي يشنها بوتين على نظامنا السياسي سيكون حرب معلومات على نظامه السياسي.

وقالت المجلة: "نحن الآن على شفا ما يمكن أن يكون صراعا كارثيا. يتم إخلاء السفارات الأمريكية والبريطانية والأوروبية في أوكرانيا، ويتم حث المواطنين على المغادرة. لكن هذه اللحظة الرهيبة لا تمثل فقط فشل الدبلوماسية. إنها تعكس أيضا فشل الخيال الغربي، ورفضا لجيل طويل، من جانب الدبلوماسيين والسياسيين والصحفيين والمثقفين، لفهم نوع الدولة التي كانت روسيا ستصبح عليها، والاستعداد وفقا لذلك. لقد رفضنا رؤية ممثلي هذه الدولة على حقيقتهم. لقد رفضنا التحدث إليهم بطريقة ربما تكون مهمة. وقد يكون قد فات الأوان".