أفكَار

بروفسير إبراهيم أحمد عمر.. من العلوم إلى الفلسفة والسياسة

إبراهيم أحمد.. من العلوم الرياضية إلى الفلسفة إلى قيادة الحركة الإسلامية بالسودان (فيسبوك)
على الرغم من أن الإسلاميين في السودان قد حكموا البلد نحو ثلاثة عقود كاملة، إلا أن تجربتهم كانت في أغلبها تعكس طبيعة المواجهة مع النظام الدولي، الذي تحفظ ولا يزال يتحفظ على إشراك الإسلام السياسي في الحكم.

أما الآن وقد انتهت تجربة الإسلاميين في السودان، فإن ذلك يسمح بإعادة قراءة التجربة وتأملها، وليس هنالك طريقة أكثر قربا من معرفة أسرار واتجاهات الحركة الإسلامية السودانية وأكثر صدقا من قراءة تجارب وأطروحات قياداتها.. وهذا ما فعله القيادي فيها الدكتور أمين حسن عمر، بسلسلة مقالات يسجل فيها سيرة قيادة الحركة الإسلامية في السودان، تنشرها "عربي21" بالتزامن مع نشرها على صفحته الخاصة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في سياق تعميق النقاش ليس فقط حول تجارب الإسلاميين في الحكم، وإنما أيضا في البحث عن علاقة الدين بالدولة.


إبراهيم أحمد عمر.. النشأة والتعليم

ينحدر إبراهيم أحمد عمر من قبيلة الجعليين فرع العمراب نهر النيل، لكن جده هاجر لأم درمان.. وقد ولد والده في أم درمان وكذلك والدته.. وولد إبراهيم في منزل الأسرة بالركابية ثم انتقل لاحقا إلى البيت الذي يسكنه حاليا بحي ود نوباوي. 

درس إبراهيم في مدرسة الهجرة الأولية بأم درمان ثم مدرسة أم درمان الأميرية الوسطى ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية.. ودرس في جامعة الخرطوم كلية العلوم قسم الرياضيات، حيث نال بكالوريوس العلوم في الرياضيات والفيزياء من كلية العلوم بجامعة الخرطوم، لكنه سجل بعد تخرجه لدراسة الفلسفة والمنطق في كلية الآداب جامعة الخرطوم ونال بكالوريوس الآداب في الفلسفة والعلوم السياسية من كلية الآداب بجامعة الخرطوم. 

وابتعثته جامعة الخرطوم التي عمل معيدا بها للدراسة في جامعة كمبيردج في بريطانيا، حيث حصل على دكتوراه في فلسفة العلوم من جامعة كيمبردج وعاد ليعمل أستاذا للفلسفة بجامعة الخرطوم ونشر أثناء ذلك الكثير من البحوث والدراسات والكتب وأوراقا عديدة في فلسفة العلوم نشرت في مجلات متخصصة في الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا.

وأما كتبه في الفلسفة فتناولت فلسفة التنمية، ونظرية المعرفة والبحث العلمي والتنمية. وأثناء تدريسه بالجامعة تولى منصب رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة الخرطوم. كما تولى رئيس قسم الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بجامعة الخرطوم. ثم عمل رئيسا للمجلس القومي للتعليم العالي والبحث العلمي.

من العلم إلى السياسة

انتخب بروفسير أبراهيم عضو الجمعية التأسيسية في العام 1986 ـ 1989، ثم صار عضوا في المجلس الوطني الأول 1991 ـ 1995. عضو المجلس الوطني الثاني 1996 ـ 1999، عضو المجلس الوطني الثالث 2001 ـ 2005، وعضوا بالمجلس الوطني طوال الفترة من 2005 حتى 2019. 

وقد عمل بروفسير إبراهيم وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي في العام 1990م ـ 1996م وكان هو من ابتدر ثورة التعليم العالي وهي التي رفعت القبول للجامعات من خمسة ألاف طالب إلى مئات الآلاف من الطلاب ورفعت الجامعات من ثلاثة جامعات فحسب إلى عشرات الجامعات الحكومية ومثلها من الجامعات الخاصة.. وكان شعاره أن التعليم للتعليم وهو مطلوب لإنماء الإنسان وليس للتنمية المادية التي تأتي بالتبرع لتنمية الأنسان وهذا ما خطه في كتابه عن فلسفة التنمية. 

عمل بروفسير إبراهيم وزيرا التعليم العالي والبحث العلمي مرة أخرى في الفترة ما بين 1997 ـ  2000م، ثم عمل مساعدا لرئيس الجمهورية 2000م ـ 2005م. ثم مرة أخرى وزيرا للعلوم والتقانة 2007م ـ 2010. ومستشارا لرئيس الجمهورية 2010 ـ 2011.

وقد انخرط إبراهيم في العمل بالحركة الإسلامية منذ أيام مدرسة وادي سيدنا الثانوية وظل عضوا ناشطا ثم قياديا فاعلا وقد تولى منصب رئيس مجلس الشورى عدة دورات وذلك قبل وبعد حكومة الإنقاذ وعمل بالأمانة العامة للمؤتمر الوطني في دورته التأسيسية ثم تولى منصب الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني 2000م ـ 2005م.

وبعد إلغاء منصب الأمين العام عمل نائبا لرئيس حزب المؤتمر الوطني 2000م ـ 2010م. وكان آخر تكليف له هو رئاسته المجلس الوطني، حيث شهد له الجميع بالاقتدار والإنصاف والحرص على تفعيل دور البرلمان في الحياة السياسية. 

وقد ظل بروفسير إبراهيم رغم الرتب العالية التي ارتقى إليها شخصا متواضعا زاهدا في البهارج والزخارف وشاهده المسافرون للخارج يتخذ مكانه في الدرجة السياحية مرات عديدة وهو رئيس الهيئة التـشريعية للبلاد، بل إنه ألزم رؤساء اللجان بذات النهج رغم أنهم يتمتعون قانونا بوضع وزير مركزي..  واضطر بعضهم ممن لم يقتنع بالقرار أن ينفق من ماله ليبلغ للدرجة الأعلى. ورغم تنقله في المناصب فإنه لم ينتقل من بيته الذي ولد فيه بأم درمان ولم يبدل حاله ولم يبدل جيرانه، ولم يغير من معتاده من الأمور من شيء، لذلك كانت منزلته من جميع الناس قريبة ومجلسه لهم مقرب موطأ ،وهم كذلك يبادلونه ودا بود...