أكد
الحقوقي
المصري ومدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان،
هيثم أبو خليل، أن "الإعدامات
التي تم تنفيذها بمصر مؤخرا، والتي بلغ عددها 23 شخصا ما بين سياسي وجنائي، جاءت في
سياقين، الأول هو إرهاب الشارع المصري وتخويفه، خاصة بعد جمعة الغضب الأولى
والثانية، وهو ما أزعج النظام كثيرا، رغم عدم نجاح جمعة الغضب الثانية".
وأضاف
أبو خليل، في مقابلة مع "عربي21": "أما السياق الثاني لهذه
الإعدامات، فهو متعلق بمقتل عددا من ضباط السجون بطرة، وتحديدا سجن العقرب، ومقتل
أربعة، من بينهم عقيد عمرو عبد المنعم، الذين قتلوا إثر معركة مع المحكوم عليهم
بالإعدام في قضية أنصار الشريعة، وتم قتل أربعة منهم، ردا على مقتل الضباط، وذلك
أثناء تفتيش زنزانتهم".
وأشار
الحقوقي المصري إلى "عدد الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بهم، والبالغ 23 سجينا،
منهم 15 سياسيا و8 جنائيين"، معتبرا هذا العدد كبيرا جدا في يوم واحد، بل ويُعد
الأكبر على الإطلاق.
واستغرب
أبو خليل من ما جرى مع الخمسة عشر شخصا من السياسيين، حيث انتقاء أشخاص بعينهم أثناء
التنفيذ؛ ففي قضية كرداسة تم اختيار ثلاثة أشخاص من بين عشرين شخصا صدر بحقهم حكم
نهائي، وبالنسبة لقضية (أجناد مصر1)، فقد تم اختيار عشرة، وتُرك ثلاثة دون تنفيذ،
وبالنسبة لمكتبة الإسكندرية، تم تنفيذ الحكم في اثنين"، مؤكدا أن "هذه
رسالة للإخوان أيضا، كون هؤلاء أعضاء بجماعة المسلمين في الإسكندرية".
وحول
المخالفة القانونية التي ارتكبها نظام السيسي في تنفيذ هذه الأحكام، قال إن "المخالفة
تتمثل في عدم إخطار أهالي المُنفذ فيهم حكم الإعدام؛ فالقانون يوجب إبلاغهم بقرار
التنفيذ، ويسمح لهم بزيارتهم قبل التنفيذ بيوم، وزيارتهم في مكان بعيدا عن مكان
التنفيذ، وهو بذلك يخالف المادة 472 من قانون الإجراءات الجنائية. أما بخصوص
اختيار أشخاص دون آخرين في التنفيذ، فقال إن القانون يجيز ذلك".
وحول
إمكانية تنفيذ إعدامات أخرى خلال الأيام
المقبلة، أكد مدير مركز ضحايا أن "هذا وارد جدا؛ لأن السيسي يحاول تصفية بقية
الأحكام النهائية، بعد أن تم تنفيذ 82 حالة، وهناك مثلهم أيضا، ويريد الخلاص منهم،
فضلا عن حوالي ألفين وخمسمئة حالة تخضع للتقاضي أمام محاكمات أخرى، وهناك طعون
ونقض وخلافه بشأنهم".
وعما
إذا كان يتوقع قبول نقض هذه المحاكمات، قال: "بالنسبة للنقض، لا أتوقع جديدا،
فنظام السيسي ماضٍ في تنفيذ مخططه"، مُدللا على ذلك بما جرى "في أيلول/
سبتمبر الماضي، وتأييد حكم الإعدام في ستة
أشخاص بقضية اللجان الشعبية بكرداسة".
وطالب
أبو خليل بـ"تعليق أحكام الإعدام على السجين الجنائي أيضا؛ نظرا للظروف
السيئة للتقاضي بمصر، وعدم توفر الشفافية"، مؤكدا أن "ما يمس السياسي من
عدم شفافية في المحاكمات هو ما يمس الجنائي أيضا في ظل التشكك بتنفيذ سيادة
القانون بشكل عام".
وحول
موقف المجتمع الدولي من الإعدامات، تساءل: "أين المجتمع الدولي؟ المصالح فقط
هي التي تحركه، وإذا كان لم يتحرك بعد أكثر من 67 حالة إعدام قبل الإعدامات الخمسة عشرة الأخيرة، فهل يتحرك الآن؟"،
مؤكدا أن "العالم تحكمه السياسية والعنصرية، وهناك من يمنح الدعم للسيسي،
خاصة من جانب القوى الإقليمية والدولية التي لا يعنيها سوى مصالحها".
وانتقد
المعارضة في الخارج بشدة، واتهمها بالتقصير الشديد جدا، مشيرا إلى أنه "من
المفروض أن لديها حرية حركة، فكان عليها أن تستغل ذلك بشكل أفضل مما عليه الآن"،
مؤكدا أن "الإعدامات لن تترك أثرا بشكل ما أو بآخر على المعارضة، لسبب بسيط،
وهي أنها ضعيفة أصلا، وما تفعله الإعدامات بها فقط هو أنها تكشف عجزها وضعفها".
وعن
مدى تأثير الإعدامات الأخيرة على الحراك في الشارع، قال إنها لن تؤثر عليه، لافتا إلى
"وجود الحراك بالشارع، ولكن يحتاج لمَن يديره ويقوده، وتحديدا كيانات وقيادات
كبيرة، بعيدا عن محمد علي، الذي أثبت عدم وجود رؤية كاملة له ولا استراتيجية لديه،
وأن نجاح الحراك متوقف على قيادته بطريقة أفضل مما هي عليه الآن".
وانتقل
إلى ملف
الإهمال الطبي داخل
السجون المصرية، قائلا إن "هذا الوضع مستمر، وبعض
تلك الوفيات كان بسبب التعذيب، فما يجري هو عملية قتل ممنهجة لأسباب كثيرة، منها
سوء التهوية، ومنع الأدوية، وتكدس الأعداد، وسوء التغذية"، مدللا على ذلك بما
جرى للرئيس الراحل محمد مرسي، ود. عصام العريان، وشقيقه د. عمرو أبو خليل
وغيرهم، مؤكدا "وجود تقصير كبير في ملف الدكتور مرسي، وأنه تم تحويل الأمر
إلى مكلمة فقط، دون فعل حقيقي".
وحول
وضع حقوق في مصر هذه الفترة، شدّد على أنها "أسوأ فترة، سواء من حيث استمرار
القمع والقتل والحبس، أو من حيث عدم وجود تحرك دولي وإدانة حقيقية لما يجرى في مصر"،
مبررا ذلك بتغليب "لغة المصالح والصفقات، وتصدير الأسلحة، والتطبيع، والانبطاح
لأوامر الدول الكبرى"، رابطا ذلك بما يقوم به "ترامب ومحمد بن زايد في
ملف التطبيع وغيره، وعليه فإن كل المجازر التي تمت لم تحرك المجتمع الدولي".