تقارير

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا.. قصص الإبداع والتميز (2من5)

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا تركوا بصمتهم في كل المجالات (مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا)

إضافة إلى تميز اللاجئين الفلسطينيين في سوريا في العلم والمعرفة والفكر والبحث التاريخي، فقد عمل اللاجئون الفلسطينيون في كافة القطاعات الاقتصادية في إطار الاقتصاد السوري والمهن المختلفة مثل البناء والصناعة والتجارة وتبوأ المئات منهم إدارة شركات عامة وخاصة في سوريا.

اللاجئون الفلسطينيون في سوريا ونشاطهم الاقتصادي

منذ وصولهم إلى سوريا نشط اللاجئون الفلسطينيون في كافة ميادين العمل والمهن المختلفة بغرض الاستمرار في حياة كريمة تؤهلهم لمساعدة عائلاتهم في التحصيل العلمي باعتبار التعليم مدخلاً للمعرفة والعمل أيضا. وفي مجال النشاط الاقتصادي ظهرت أسماء فلسطينية عديدة في سوريا منذ عام 1948 في مجالات البناء والصناعة والتجارة أيضاً؛ ومنهم عثمان العائدي؛ انتقل والده إلى سوريا قبل نكبة عام 1948؛ وقد حاز عثمان على شهادة دكتوراه في الهندسة المدنية؛ وكان يمتلك مع إخوته فندق الشام في وسط العاصمة السورية دمشق؛ كما امتلك منتجع الشاطئ الأزرق في مدينة اللاذقية؛ فضلاً عن امتلاكه لفندق تدمر. 

وأول من ساهم في بناء المخيم والتعهدات الحاج حسني والحاج علي والحاج موس العايدي. كما كان خضر الحكيم رحمه الله رئيس قسم الكربون في معمل السكر في حمص وأمين سر نقابة المعمل، وتمّ تكريمه مرات عدة كبطل للإنتاج في محافظة حمص، كما شغل منصب أمين سر اتحاد عمال فلسطين في حمص من التأسيس وحتى نهاية السبعينيات وقد مثلّ فلسطين في عدة مؤتمرات عمالية دولية في مصر وسوريا والعراق والبانيا، وفي السياق نفسه تبوأ المهندس عبد الفتاح الحكيم موقع مدير فرع (108) في مؤسسة الإسكان العسكري في المنطقة الوسطى منذ عام 1981 ثم أشرف على مجموعة تنفيذ معامل النسيج والقرميد الكبيرة وغيرها حتى 1989 وقد غادر ليعمل في الإمارات حتى كتابة هذه السطور، كما شغل كل من المهندسين أسامة موعد ووليد الماضي فرع (8) في مؤسسة اإاسكان لسنوات مديدة. 

ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى الصيدلي نور الدين عيسى من مدينة صفد ومن عائلة الحاج عيسى العريقة والمعروفة بعلم أبنائها، تخرج صيدليا من الجامعة الأمريكية في بيروت في ١٩٤٤، وعاش بعد النكبة في مدينة حلب مفضلا إياها عن أبواب الولايات المتحدة المفتوحة له بحكم شهادته. كان مؤسساً ومديراً للميتم الفلسطيني في حلب وأنشأ فيها بمساعدة مها، زوجته وابنة خاله الشاعر الفلسطيني المعروف محي الدين الحاج عيسى، اللبنة الأولى للهلال الأحمر الفلسطيني في حلب. افتتح مستودعاً للأدوية ثم صيدلية أسماها الرحمة، ثم مصنعا للأدوية والمواد الطبية. يعتبر أول الصيادلة الفلسطينيين في مدينة حلب. توفاه الله سنة ١٩٩٩.

رجال أعمال ومهن مختلفة

هناك فلسطينيون شغلوا مواقع في إدارات ومهن سورية رفيعة، وقد كان عبد العزيز السهلي طيارا مدنيا حتى نهاية التسعينيات ويعمل أحد ابنائه طيارا مدنيا في سوريا حتى اللحظة 2020. 

أما رجال الأعمال الفلسطينيين في سوريا الذين كانت لهم حظوة في النشاط الاقتصادي في سوريا جورج سرياني وكان وكيل آلات تصوير؛ وجاك طلماس وهو فلسطيني من مدينة حيفا؛ واشتهر في دمشق من خلال قيامه بأعمال تجارية متنوعة؛ أما الدكتور احمد الحسن وهو فلسطيني من سكان حلب وتبوأ منصف وزير النفط والكهرباء في منتصف الثمانينات وبعدها رئيسا لجامعة حلب، فقد امتلك ماركات زيت السيارات الأمريكية وكان له مصانع التكرير بحلب وهو أول من كرر الزيوت بسوريا.

في حين كان فوحواس وكيل مسجلات أيوا وتعود أصوله إلى مدينة عكا في الساحل الفلسطيني؛ ولمع اسم أبو ميشيل الذي يمتلك سوبر ماركت نورا في منطقة أبو رمانة في وسط العاصمة السورية دمشق وهو من مدينة الناصرة عاصمة الجليل الفلسطيني؛ ومن الأسماء في مجال التجارة والأعمال عماد سكيك؛ وله محلات جمال؛ وتعود أصوله إلى مدينة غزة؛ ومن التجار الفلسطينيين عطية ومراد اللذين يمتلكان محلات لبيع الألبسة الجاهزة في منطقة الصالحية في دمشق؛ أما نصر بربور وهو من قرية المجيدل في قضاء مدينة الناصرة الفلسطينية فيعتبر من التجار الكبار في سوق الهال في مدينة دمشق.

وفي السياق نفسه برز اسم عزيز عيسى وأولاده من أهم التجار الفلسطينيين في سوريا؛ حيث يمتك أولاده الآن محلات بيع الألبسة (آسيا) في منطقتي الصالحية والحمراء وسط العاصمة السورية دمشق؛ وتنحدر عائلة عيسى من مدينة صفد في الجليل الفلسطيني. 

ومن رجال الأعمال الفلسطينيين الذين كان لهم نشاط هام في الوسط التجاري السوري جمال الخضراء وأولاده الذين يمتلكون محلات تجارية ضخمة لبيع القماش في منطقة الحريقة في وسط دمشق العاصمة؛ وتنحدر عائلة الخضراء من مدينة صفد في الجليل الفلسطيني. 

ومن التجار فوزي حبايب من قرية بيت دجن قضاء مدينة يافا ارض البرتقال الحزين وكان تاجر مال قبان بالحريقة، وكذلك آل فريج الذين يمتلكون محلات ملبوسات فريج في وسط دمشق، وكذلك نصري منور ودار ابوشهاب ولهما محلات خياطة في ساحة الحريقة.. 

ومن أصحاب العمل الفلسطينيين آل مراد الذين يمتلكون محل للحلويات في منطقة الصالحية والذي يشتهر بطبخة حلويات الهريسة. ومن أقدم وأشهر مختبرات التحاليل الطبية في سوريا مختبر سايا ونقيب وكان في ساحة الفردوس أول طريق الصالحية.. ومن المخابر الطبية مخبر الزفري بالجسر الأبيض للتحاليل الطبية وهو من عكا وهو من أول وأهم المخابر في سوريا في ذلك الوقت. 

ونذكر أسد بياعة الذي كان من أقدم تجار دمشق لبيع المواد الطبية للمشافي والمواد الأولية لمصانع الأدوية. ومن الأهمية الإشارة إلى أن الدكتور زياد الأسدي يمتلك مشفى الأسدي في منطقة المزة غرب دمشق .

واللافت أن أول حلاق نسائي يفتتح صالون في دمشق في فيكتوريا قرب سينما دمشق سابقا كان من عائلة عبد الأحد فلسطيني الأصل . 

في مجالات الحياكة والتجارة  

سطع في مجال الخياطة نجم شيخ طقم الرجالي عدنان كريم أبو عاصم وهو من مدينة صفد في الجليل الفلسطيني. ومنذ عقد السبعينيات عمل الحاج حسن عامر (أبوغازي ) وأولاده الذين ينحدرون من قرية سحمتا قضاء مدينة عكا في الساحل الفلسطيني، عملوا في تجارة السيارات وكان لهم محال في منطقة الحجر الأسود غرب مخيم اليرموك. ويعتبر مهند العائدي من قرية لوبية قضاء طبريا وإخوانه من أشهر العاملين في تجارة الورود الطبيعية والصناعية ومستلزمات الأعراس والتحف والهدايا، كما امتلك العديد من الفلسطينيين صالات للأفراح ومنهم أيمن العائدي وإخوانه الذين يملكون صالة أفراح في منطقة القزاز في غوطة دمشق  .

وكان أول من أدخل الألبسة الجاهزة إلى مخيم اليرموك وجيه حقي صاحب محل ملبوسات الوجيه في شارع لوبية ومحمد الشهابي أبو إبراهيم صاحب محل الأيهم في شارع لوبية أيضاً وأخوه علي الشهابي أبو أحمد يمتلك محل ألبسة أيضاً في شارع لوبية.

وفي سوق العتيق القديم اشتهرت مسمكة فلسطين لأصحابها من آل الهندي من قرية الطنطورة في قضاء حيفا. في حين اشتهر سليمان الحسن من قرية أجزم قضاء حيفا في تجارة الأقمشة وبيت العللو من قرية طيرة حيفا في تجارة الحديد في سوريا، والأخوين أحمد وحسين الحاج خليل من قرية صفورية في قضاء الناصرة في تجارة الأقمشة، وكذلك أشخاص من بيت الأسدي من مدينة صفد عملوا في تجارة الأقمشة في منطقة الحريقة وسط العاصمة السورية دمشق. 

ومن التجار أيضا عمر حسين حمادة الذي افتتح محل البيرق لبيع القمصان في وسط الحريقة وهو من مدينة حيفا وبعد وفاته استمرا ولداه حسين ومحمد بإدارة المحل إلى جانب عملهما في التأليف والنشر. ومن أكبر تجار الحريقة كان عيس النور أبو راشد الذي انتقل فيما بعد إلى شارع الحمرا في بيروت المرحوم أحمد ضاهر أبو راشد أول معمل نسيج في حي الشاغور وكلاهما من قرية طيرة حيفا. في مقابل ذلك اشتهر محمد نايف السهلي (أبو أحمد) وأولاده الذين ينحدرون من قرية بلد الشيخ قضاء حيفا في تجارة البيض، وعبد الرحمن السهلي (أبو محمود) وأولاده في تجارة الدجاج وهم من قرية بلد الشيخ قضاء حيفا.. كما كان للمرحوم (أبو فاروق الشوباش) وأولاده دور هام في تجارة الدجاج والبيض وهم من قرية لوبية في قضاء طبريا في الجليل الفلسطيني.

وأبدع الفلسطينيون في سوريا في كافة المهن التي عملوا فيها، لكن هذه الإطلالة السريعة لا تتسع للبحث المطول. 

وفي هذا السياق نذكر من المهنيين الفلسطينيين المبدعين في المصانع السورية إبراهيم عمران والمرحوم إبراهيم عبد الرحمن وكانا مسؤولان بشكل كامل على خط الإنتاج ولسنوات عديدة وطويلة في معمل إنتاج الزجاج في منطقة القدم الذي كان إنتاجه يصدر لكافة دول العالم العربي، بعد مرحلة التأميم في (الخمسينيات) ووالدي كان بطل إنتاج مرتين ولعامين متتاليين على كامل الجمهورية العربية السورية، وكذلك يوجد معمل النسيج (الخماسية) وفيه كثير من المهنيين الفلسطينيين المبدعين. كما نذكر هنا المرحوم الأستاذ أحمد مصطفى عموره الذي شغل منصب مدير معمل القزاز في منطقة دمر لنحو أربعة عقود. 

ومن رجال الأعمال الفلسطينيين عوض عمورة الذي بدأ أعماله في تجارة زيوت (كاسترول). وكان عوض عمورة يمتلك حتى عام 2012 أكبر معمل لتصنيع وسحب الألمنيوم في سوريا وبالتحديد في غوطة دمشق، حيث ضم معمله أكثر من ثلاثمئة موظف؛ ثمّ انتقل للاستثمار في السودان منذ التاريخ المذكور.. وعوض عمورة ولد في قرية طيرة حيفا عروس الساحل الفلسطيني الجميل وهجر مع عائلته إلى سوريا إثر نكبة عام 1948 وتوفي في السودان في شهر أيار من العام الجاري 2020 .

كما استطاع بعض الفلسطينيين النفاذ إلى شركات عالمية وبات دياب اليوسف وأولاده معتمدين لشركة الكروهي لمواد التمديدات الصحية في سوريا؛ كما يعمل أفراد عديدون من العائلة في التجارة؛ وقبل ذلك كان الأب محمود اليوسف أبو يوسف (الذي توفي قبل عدة سنوات) يعمل في مجال التعهدات هو وأبناؤه وله سمعة جيدة وطيبة في الوسط الفلسطيني؛ وكان حتى احتلال منطقة البطيحة في هضبة الجولان السوري المحتل عام 1967 يعمل كتاجر هناك؛ وتنحدر أصول عائلة اليوسف من قرية لوبية في قضاء طبرية في منطقة الجليل الفلسطيني. 

ومن التجار الفلسطينيين في سوريا عائلة جبري التي تعمل في مجال التجارة المتنوعة؛ ومن الأسماء الأخرى هشام العائدي وإخوانه وأبناؤه؛ حيث يمتلكون عدة محال تجارية لبيع الألبسة بمخيم اليرموك وبالتحديد في شارع لوبية فضلاً عن معمل لخياطة الألبسة في الحجر الأسود ولهم مساهمة كبيرة في المتجر الضخم، المعروف (كوسكومارت) في شارع 30 غرب المخيم.

وفي مجال المقاولات هناك الكثير من الأسماء ساهمت في هذا القطاع في كل المدن السورية، مثل: أبو العبد الشهابي وأبو علي الشهابي وأبو غسان أبو حشيش وزياد الأحمد وديب الأسعد، فضلاً عن منير أبو عيسى وأحمد فرحات وأبوشحادة الشهابي ورستم الشهابي وأولاده وأبو شادي العم علي وأبو علي الصالح وأبو حسن العايدي، ومحمد جاد الله، وأبو هشام العايدي وصالح العايدي وجهاد الصباح وأخوه عماد الصباح، وعارف العايدي وحسين رشدان وأحمد يونس ومحمد الكفري، وكذلك نمر المهرجي وأولاده ومحمد هشام تميم وأخوه مفيد تميم، إضافة إلى وائل الشهابي وأحمد شواهين ومحمد شواهين. 

كما اشتهر أمين العايدي وأولاده نواف وحسن وعمر بتجارة الأبقار والمواشي، وفي نفس السياق كان الحاج محمود الخالد أبو أحمد يعمل في تجارة الأغنام و كذلك أمين العايدي أبو نايف. في مقابل ذلك كان للمرحوم الحاج سليمان الخالد أبو خالد دورا في تجارة العمار وخاصة في منطقة غرب اليرموك.. أما أخوه سلمان الخالد فعمل في تجارة المواد الصحية. ولا ننسى رامي العائدي وإخوانه وسيم ونبيل الذين عملوا في المكتبات وطباعة النوتات والخدمات الجامعية في جامعتي دمشق وتشرين في اللاذقية.

 

إقرأ أيضا: اللاجئون الفلسطينيون في سوريا.. قصص الإبداع والتميز (1من4)

 

*كاتب فلسطيني مقيم في هولندا