صحافة دولية

WP: عدوا ترامب الرئيسيان يخططان لاتفاقية كبيرة

تظهر مسودة الاتفاقية مع إيران أن الصين على غير ما هو حال معظم البلدان تشعر أنها في وضع يسمح لها أن تتحدى أمريكا- جيتي

قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن النظامين "الدكتاتوريين" في بكين وطهران يشعران بالضغط من واشنطن؛ فالأول عالق في حرب اقتصادية طاحنة مع أمريكا، والثاني شاهد اقتصاد بلده تأكله العقوبات التي أعادت إدارة ترامب فرضها بعد انسحابها من الاتفاقية النووية الموقعة عام 2015 بين إيران والقوى العالمية.

وأضافت الصحيفة في مقال للكاتب إيشان ثارور، ترجمته "عربي21"، أن فرض الرسوم على الصين والعقوبات على إيران لا تزال لم تثمر الإذعان الذي يسعى له ترامب من كلا الطرفين. وتشير التطورات الحديثة إلى أن العدوين المفترضين لأمريكا قد يجدان أرضية مشتركة أكبر.

وأقر وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، الأسبوع الماضي خلال اجتماع للبرلمان، بأن حكومته تقوم "بثقة وبقناعة" بالتفاوض مع الصين حول شراكة استراتيجية على مدى 25 عاما يمكن أن تشمل استثمارات صينية في عدد من القطاعات الاقتصادية الإيرانية بمبلغ 400 مليار دولار.

وظهرت الخطوط العريضة للاتفاقية في وثيقة مسربة على الإنترنت مؤلفة من 18 صفحة، مصدرها غير واضح، لكنها تتماشى مع خطط تمت مناقشتها سابقا، وأعلنت عنها الحكومة الإيرانية. وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، هناك نسخة من الوثيقة يعود تاريخها إلى حزيران/ يونيو حصل عليها مراسلوها كمسودة اتفاقية مزمعة مع الصين.

وستكون الاتفاقية بين البلدين عميقة؛ فسوف تزيد من مشاركة المعلومات الاستخباراتية والتعاون الأمني، وقد تتضمن مهمات في سوريا والعراق. كما أنها ستشهد تمددا لبصمة الشركات الصينية في شبكة السكك الحديدية الإيرانية والموانئ والاتصالات، وتضمن في نفس الوقت استمرار تدفق النفط بأسعار مخفضة على مدى الربع قرن القادم.


وستطور الصين مناطق تجارة حرة في مناطق استراتيجية في إيران، ما يزيد من ربط البلد بمبادرة مشروع الحزام والطريق للتجارة والتنمية.

ومع أن الاتفاقية كانت تناقش منذ 2016، قبل أن ينتخب ترامب، إلا أن توقيت هذه الاتفاقية المحتملة واضح. وهي تذكير بصعوبة إقناع إيران بأن تجلس من جديد على طاولة المفاوضات بعد انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية، التي استمر التفاوض عليها لسنوات، وتضمنت جهود دول كبرى بما فيها الصين.

 

والآن، مع تدهور الاقتصاد الإيراني، يسعى الإيرانيون للحصول على شريان حيان من بكين. ويبدو أن المسؤولين الصينيين مستعدون للمغامرة، خاصة على اعتبار صراعهم مع واشنطن.

وكتب مراسلو صحيفة "نيويورك تايمز": "في الوقت الذي تترنح فيه أمريكا بسبب الركود الاقتصادي وفيروس كورونا، وتزداد عزلتها دوليا، تشعر بكين بالضعف الأمريكي. وتظهر مسودة الاتفاقية مع إيران أن الصين على غير ما هو حال معظم البلدان تشعر أنها في وضع يسمح لها أن تتحدى أمريكا، وقوية بما يكفي لتحمل العقوبات الأمريكية، كما فعلت خلال الحرب التجارية التي شنها الرئيس ترامب".  

وليس واضحا متى سيتم توقيع الاتفاقية؛ فعندما سئل عنها المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، زاهو ليجيان، قدم جوابا عاما، فقال: "تتمتع الصين وإيران بعلاقات صداقة تقليدية.. نحن مستعدون للعمل مع إيران للدفع باستمرار بالتعاون العملي".

وتلعب الصين دورا مهما في مجلس الأمن في منع جهود إدارة ترامب تمديد حظر توريد الأسلحة المفروض على إيران، الذي سينتهي في وقت لاحق من هذا العام. ورفض السفير الصيني لدى الأمم المتحدة، زانغ جون، الشهر الماضي محاولات أمريكية لاستخدام شروط الاتفاقية النووية لإعادة فرض الحظر على توريد الأسلحة، ووجه اللوم لإدارة ترامب؛ لأنها لم تلتزم بجانبها من الاتفاقية أصلا.

ويرى بعض المحللين في الخارج نفاقا في تودد طهران لبكين، فغرد كريم سادجادبور، الزميل لدى مركز كارنيغي الدولي للسلام: "نظام إيراني تقوم هويته الثورية على مبدأ مواجهة الامبريالية الأمريكية والإسلاموفوبيا على وشك أن تصادق على اتفاقية اقتصادية شاملة، واعتماد استراتيجي على حكومة صينية تبقي أكثر من مليون مسلم في معسكرات إعادة التأهيل".

وداخل إيران، لم تسوى المسألة بعد؛ فهي تحتاج إلى تصويت في البرلمان، الذي يسيطر عليه المتشددون الغاضبون أصلا من الرئيس حسن روحاني؛ بسبب تعامله مع جائحة فيروس كورونا، وبسبب فشل الاتفاقية النووية. فقد تحول انتصار روحاني الدبلوماسي إلى رماد، حيث تخنق العقوبات الأمريكية اقتصاد بلاده مرة أخرى، ويبدو أن فرصة الانفتاح على الغرب قد تحطمت.

ولكن تحول ايران نحو بلدان مثل روسيا والصين أثار القلق حول الثمن الباهظ الذي ستدفعه. وقد حذر الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد في خطاب له الشهر الماضي من قيام القيادة الحالية بمناقشة اتفاقية ضخمة "بعيدا عن مراقبة الشعب الإيراني". وبحسب مراسلة إذاعة راديو "فري يوروب" وراديو "فري ليبرتي"، غولناز أيفاندياري، فإن بعض المنتقدين شبهوا الاتفاقية المقترحة بـ"اتفاقية تركمانتشي بين ايران وروسيا القيصرية عام 1828، التي بموجبها تخلت إيران عن السيطرة على أراضي في جنوب القوقاز".

وقال ظريف: ليس هناك "أي شيء سري" حول المفاوضات الدائرة، ويبدو أن الإعلام المرتبط بالحرس الثوري الإيراني -الذي يقف أحيانا ضد روحاني وظريف- يدعم العملية الدبلوماسية. وكتب علي الفونه، الزميل في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: "ولكن لا أبواق ظريف ولا الحرس الثوري الإيراني تعترف بصراحة لماذا تضطر الجمهورية الإسلامية أن تميل نحو الصين. ففي وجه حملة 'الضغط الأقصى" التي تشنها الإدارة الأمريكية، فإن الجمهورية الإسلامية تميل نحو الصين لضمان بقائها".

 

اقرأ أيضا: NYT: اتفاق اقتصادي أمني ضخم بين الصين وإيران يهدّد أمريكا